بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الأديب محمد الشحات , لا أعتقد أن الشحات ونقده الشعري مع غالب الغول وخشان , قبل سنوات قد غاب عن ذاكرتي , وهو يتحدث بالنقد الشعري بالحوار القائم بين غالب الغول وخشان محمد خشان , نعم أخي محمد الشحات , عرفتك أديباً ناقداً وعبقرية فذة من خلال حوارك معنا , والآن نحن في صدد ما تفضلت به حول (( القصة الشاعرة )) .
لقد قرأت ـ جميع ما كتبت في هذا المنتدى حول ( القصة الشاعرة ) فأنا وبعد أن مللت العروض والشعر والحوارات , ولا أطلب لنفسي الظهور ولا الاستعلاء ولا محبة النقد , ولا الوصولية , ولا التبعية , ولكنني والحمد لله أملك حرية القول وصراحة الكلمة .
لقد استوقفني في موضوع ــ ( القصة الشاعرة ) محاور كثيرة لم أستطع اجتيازها ولا التعقيب عليها , وإنما تحولت كلها إلى أسئلة , ليقوم أخي محمد الشحات للرد عليها بوضوح إن أمكن , لأكون من أنصار هذا اللون الآدبي الجديد , أو لا أكون ضدة بل , أبتعد عن الحوار فيه ,
أخي محمد الشحات , لقد قرأت بعض الفقرات من نصوص ( القصة الشاعرة , ) فكانت الفقرة الأولى على وزن ( الخبب ) فعلن فعلن .... بتحريك العين أو بتسكينها , ) وأنت كنت من أنصاري حينما وافقت على أن وزن الخبب , خببان وهما ( الخبب الأول ) والخبب الثاني ) والتداخل بين الوزنين مشين لإيقاعهما .
وهذا نص القصة الشاعرة :
(((((((كانتْ قد صفّتْ موروثاً عنْ آخر محميّاتِ الورقِ السالف ..،وصفتْ في تقريرِ الإخلاءِ مواعيد الحربِ على السدِّ ومصفى الوادي وجدار المنطقةِ الخضراء ..، توالت مسْودّاتٌ للفكر القوميِّ وإعلان الرفض لمشروع معونات الشعب الزاحف ، هجم السيلُ ، وعادتْ خلف الساتر(((((((."
وسؤالي هنا:
هل المطلوب من رائد ( القصة الشاعرة أن يكون ملماً بالعروض ) لكي يتقن البحر وزحافاته ؟ أم أنه لا شأن للعروض بالقصة الشاعرة ؟
فإن كان جوابك أخي محمد الشحات , القصة الشاعرة ليست عروضاً صرفاً , ويمكن للقاص أن يتلاعب بالزحافات كما يشاء , فيعني ذلك ــ أخي محمد الشحات ــ أننا نساعد القاص على ترك أهم مقومات العروض وهو الوزن السليم قي القصة السليمة من الكسر الوزني )
وإن تفضلت بالإجابة : (لا , ولا يحق للقاص أن يهمل الوزن في القصة الشعرية ), فنستطيع القول هنا , ــ إن القاص يجب أن يكون شاعراً متمكناً في العروض , وأوزانه وزحافاته وعلله . دون التقيد بالقافية )
وبهذه الحالة يتولد عندنا السؤال الآتي :
ما هو الفرق بين (( قصيدة التفعيلة , والقصة الشاعرية ؟ ) هل هو السرد الذي لا ينطلق من المشاعر وحدها ويعتمد على سرد تاريخي وجغرافي وإنساني ليتناسب مع الواقع ؟ )
إن كان هذا هو السبب لخلق القصة الشاعرة . فلماذا لا نسميها (( شعر التفعيلة وهي متحررة من القافية , ولنجعلها متحررة من العواطف الصرفة أيضاً ؟ ) وكفي .
(( وهذا نموذج منها للشاعر غالب الغول 1990 يقول ((( نهضت يا سهولنا من بعد أن أصابني ظواهر الكساح , حملتُ بندقيتي ولست من يخاف , عيونها الذئاب , لآ ألبس الحرير ولا أحب رؤية السير , هناك في السهول , وسادتي صخور , ومأكلي عيونها الجذور , أصابعي تشد في الزناد على عدو همّه الخراب , ليلعبوا في النار , ويأكلوا الدمار , فزغردي يا أرضنا الحبيبه , وكفكفي الدموع , وكلنا إليك يا حبيبتي نهمّ للرجوع )))
وإن كانت لا تتقيد بالوزن , فلماذا لا نسميها ( قصيدة النثر ) .
أم أنها تقع بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة ؟ ) أريد جواباً صريحاً .
ثم خطر على بالي هذا السؤال :
(( إذا كان الشعر قد أوجده أهله للإيقاع والأناشيد , والأوزان الساحرة والتي بها إثارة النفس بالموسيقى العذبة , بصفة الشعر يرتبط بالموسيقى ارتباطاً وثيقاً , هل نحن في القصة الشاعرة , نحتاج إلى دف وطبل وموسيقى وإيقاع لإنشاد ( القصة الشاعرة , ؟؟ )
هذا من جهة , ومن جهة أخري , هل نلزم الشاعر في ( القصة الشاعرة ) أن يكون قاصاً بالدرجة الأولى ؟ أي أن يكون شاعراً ماهراً وقاصاً فذاً . ؟ ومن أين نجد الشاعر القاص , والقاص الشاعر ,؟ أليس هذا من الأمور التي يصعب تواجدها في عصر يتسابق الناس فيه على الكسل والخنوع . بدل الجد والاجتهاد ؟ .
وأما القصيدة الثانية التي جاءت على وزن الوافر وهذا مقطعها :
"(((((((على أملٍ بأن غدا سيحمل نكهة أحلى، توضأ ثم نحو البيت سار بخطوة عجلى، يصارع فكرة التضييع كيف "أتى الذي ولّى"، وكيف القوم باعوا القدس في ترنيمة القتلى، وكيف أتى بنو صهيون كيف استأسدوا في الناس تنكيلا وكيف بغزة الثكلى أقام العزل والتجويع، والإقدام ما كلََّ؟!، وعند الباب غازل غصن زيتون على كتف الجدار أقام واستعلى، تأمله بإعجابٍ وفي ظل استدارة أمه الخضراء أغرق في تسابيح قبيل العصر ثم بظلها صلى(((((( .."))))
وسؤالي , لمذا بحر الوافر لهذا النص بالذات ؟ ألا يجوز استعمال بحر المقتضب وبحور أخرى ؟ , وما هي حاجتنا إلى البحور الشعرية في هذا النص ؟ وهل نحاسب القاص إن أخطأ بالوزن ؟ , وهل نحاسب الشاعر إن لم يكن سرده مقبولا؟ , ثم لماذا العمليات الحسابية في عمليات النسبة والتناسب , هل يجب على الشاعر أن يتقن ما تفضلت كالآتي :
(((((يشتمل هذا النص على أربعين اسماً ، و ثمانية عشرة فعلاً ، خمسة عشرة فعلاً ماضياً ، و ثلاثة أفعال مضارعة ، كما يشتمل على واحد و عشرين حرفاً متوعة بين حروف الجر و العطف و التسويف ، بالإضافة إلى أربع كلمات ظرفية ، و أربعة عشر ضميراً ، الظاهر منها أربعة ، و المستتر منها عشرة ..
فنص القصة الشاعرة .. هنا ( نص اسمى ) و قد سبقت الإشارة أن تغليب الاسم فى النص يعني الثبات ، و الثبات هنا لا أقصده ثباتاً فى النص ، بل هو ثبات فى وجهة نظر مبدع القصة الشاعرة)))))
أو كقولك مثلاً :
نسبة الاسم إلى الفعل هي إثنان : واحد ، نسبة الفعل الماضي إلى الفعل المضارع خمسة : واحد ، نسبة الاسم إلى الحرف إثنان : واحد ، و في حين تكون نسبة الفعل إلى الحرف هي واحد إلى واحد نجد أن نسبة الاسم الى الظرف عشرة إلى واحد ، و نسبة الاسم إلى الضمير ثلاثة إلى الضمير ، و نسبة الضمير المستتر إلى الظاهر هي ثلاثة إلى واحد
أو كقولك مثلاً:
* إن الفعل كحدث يتحرك فى الظرف المكانى أو الزمانى ثلاث حركات .
* إنّ النسب بين العوامل المختلفة تأتى كالآتى :-
- الاسم : الفعل إثنان : واحد
- الاسم : الضمائر إثنان : واحد
- الاسم : الظرف سبعة : واحد
- الفعل : الضمائر واحد : واحد
- الفعل : الحرف واحد : واحد
- الفعل : الظرف ثلاثة : واحد
وسؤالي أيضاً : كيف بإمكان الشاعر الذي يجهل فنون القصة أن يتقيد بما تفضلت به ؟ وإذا لم ينجح في سرد عدد الأسماء المتناسبة مع الأفعال أو مع الحروف , هل يعتبر عمله في ( القصة الشاعرة ) عمل تعسفي وغير ناجح .
أخي محمد الشحات , وأقسم لك أنني لم أقصد إلا أن توضح لي المقصود والهدف من هذا النوع الأدبي الجديد , وأشكرك يا أخي , وستظل أخي
شكراً لسعة صدرك .
أخوك / غالب الغول