الحكمه من طرق الباب ليلا





‏حدثنا ‏ ‏محمد بن مقاتل ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عبد الله ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عاصم بن سليمان ‏ ‏عن ‏ ‏الشعبي ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏جابر بن عبد الله ‏ ‏يقول ‏
‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا ‏






‏وقوله في طريق عاصم عن الشعبي عن جابر " إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا " ‏
‏التقييد فيه بطول الغيبة يشير إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ , فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما , فلما كان الذي يخرج لحاجته مثلا نهارا ويرجع ليلا لا يتأتى له ما يحذر من الذي يطيل الغيبة كان طول الغيبة مظنة الأمن من الهجوم , فيقع الذي يهجم بعد طول الغيبة غالبا ما يكره ,


إما أن يجد أهله على غير أهبة من التنظف والتزين المطلوب من المرأة فيكون ذلك سبب النفرة بينهما , وقد أشار إلى ذلك بقوله في حديث الباب الذي بعده بقوله " كي تستحد المغيبة , وتمتشط الشعثة " ويؤخذ منه كراهة مباشرة المرأة في الحالة التي تكون فيها غير متنظفة لئلا يطلع منها على ما يكون سببا لنفرته منها , وإما أن يجدها على حالة غير مرضية والشرع محرض على الستر وقد أشار إلى ذلك بقوله " أن يتخونهم ويتطلب عثراتهم " فعلى هذا من أعلم أهله بوصوله وأنه يقدم في وقت كذا مثلا لا يتناوله هذا النهي , وقد صرح بذلك ابن خزيمة في صحيحه



, ثم ساق من حديث ابن عمر قال " قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة فقال : لا تطرقوا النساء , وأرسل من يؤذن الناس أنهم قادمون " قال ابن أبي جمرة نفع الله به : فيه النهي عن طروق المسافر أهله على غرة من غير تقدم إعلام منه لهم بقدومه , والسبب في ذلك ما وقعت إليه الإشارة في الحديث قال : وقد خالف بعضهم فرأى عند أهله رجلا فعوقب بذلك على مخالفته ا ه . وأشار بذلك إلى حديث أخرجه ابن خزيمة عن ابن عمر قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطرق النساء ليلا , فطرق رجلان كلاهما وجد مع امرأته ما يكره " وأخرجه من حديث ابن عباس نحوه وقال فيه " فكلاهما وجد مع امرأته رجلا " ووقع في حديث محارب عن جابر " أن عبد الله بن رواحة أتى امرأته ليلا وعندها امرأة تمشطها فظنها رجلا فأشار إليها بالسيف فلما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا " أخرجه أبو عوانة في صحيحه .


وفي الحديث الحث على التواد والتحاب خصوصا بين الزوجين , لأن الشارع راعى ذلك بين الزوجين مع اطلاع كل منهما على ما جرت العادة بستره حتى إن كل واحد منهما لا يخفى عنه من عيوب الآخر شيء في الغالب , ومع ذلك فنهى عن الطروق لئلا يطلع على ما تنفر نفسه عنه فيكون مراعاة ذلك في غير الزوجين بطريق الأولى , ويؤخذ منه أن الاستحداد ونحوه مما تتزين به المرأة ليس داخلا في النهي عن تغيير الخلقة , وفيه التحريض على ترك التعرض لما يوجب سوء الظن بالمسلم