قرأت أكثر من ألف رد على مقالي عن وفاة الملكة....
وكثير منها سلبي بالطبع... لا ألومهم فهذه الثقافة شربناها مع حليب الأم، فخطابنا السياسي قال إنهم استعمار، وخطابنا الديني قال إنهم كفار، ونشأ جيل يفهم العالم على قاعدة : يلعن كل شي!!!
وبدلاً من دراسة خيبتنا وفشلنا وتمزقنا أعلن الرفاق والمشايخ معاً أننا شعب الله المختار وخير أمة ظهرت للناس، وفينا الوليد ومنا الرشيد و الأنبياء والأولياء والأصفياء، وقد بنينا أعظم حضارة في التاريخ .... ولكن العالم جاء من كل صوب يفترسنا وينهبنا، ومن خيراتنا المنهوبة بنى حضارته الزائفة، وعلينا أن نزرع الكراهية في أولادنا، حتى نسترد حضارتنا الضائعة ومجدنا التليد.....
لا أتفق أبداً.... بل نحن أمة من الأمم، وحكايتنا تشبه حكايات العالم، ولدينا ما هو أجمل ولدينا ما هو أبشع، وكنا ظالمين وكنا مظلومين، وكنا مستعمِرين وكنا مستعمَرين، وكنا فاتحين وكنا مفتوحين، وهذا هو شكل العالم طيلة العصور الوسطى ...
الحروب الدينية بمعناها الصليبي انتهت في أوروبا بمعاهدة وستفاليا 1648، ولكن الحروب الاستعمارية استمرت ثلاثة قرون أخرى إلى نهاية الحرب العالمية الثانية 1948وقيام الأمم المتحدة..... ومنذ 75 عاماً توقفت الحروب في العالم الديمقراطي وساد القانون الدولي، فيما بقينا في تمزقنا وشتاتنا نقتتل ونستجدي الغريب لينتصر به بعضنا على بعض!!!
نحن أمة بين الأمم، ولسنا فوق الأمم ولا تحت الأمم، وإن ما يجب أن يقوم به الخطاب الديني والسياسي هو دعوة الناس لنقد الماضي ومحاكمته وليس لعبادته وتقديسه، ثم العيش مع الأمم باحترام في عصر القانون الدولي وحقوق الإنسان.