ينتهي الدوام، يرحل الجميع وعلامات التعب عنوان لكل وجه نراه في الطريق، أجساد تمشي وعقول لاهثة خلف كل مقعد تراه راحة لظهورها المحنية، وقطرات من العرق معلقة على جبين كل كادح في هذا الوطن، البعض من حسن حظه، يلقي بكومة المتاعب فوق طاولة المقاهي، ينتظر أصدقاءه، ليسحبوا من داخله كل هذا الوجع، أو يرحل للبيت يلقي بنفسه فوق سرير النوم ليعيد شحن بطارياته التي اكتست اللون الأحمر، وأصبحت تصدر صوتا في شكل نرفزة ظاهرة أو صمت مظلم.
هنا تبدأ حياة أخرى عند كل امرأة عاملة فور عودتها للمنزل، العقل الذي تركته فوق المشجب تسحبه بيد مرهقة لتخلع الآخر وترتدي المنتظر، لا مجال للهدوء، ولا حتى للجلوس، زوج يطالب بكوب من الشاي، طفل ينتظر قارورة الحليب، أخ يسأل عن قميص قصد الغسيل، أخت تحمل تمرينا صعب، والد يطالب بالإسراع في تقديم العشاء، وأم تسأل عن موعد غسل الأواني، وروح لم تهدأ بها عجلة التفكير، مئة يد، وألف نفس، والملايين من الطلبات والأوامر، يقابله جسد نحيل، لا يهتم حتى بمضغ لقمة وبلعها بسلام.
منقول