فكرة كشفت لي حجابها،وأنا أمارس خطيئة التفكير!!هذه الفكرة تتمحور حول العنوان المتربع على رأس هذه الأسطر .. أمر سيء أرضاه لنفسي،وأنتقدك عندما تفعله!!هنا .. أو هناك .. قبل ما يدنو من عقد من الزمان،أطلق الأستاذ نجيب الزامل صرخة .. محذرا من سمعتنا التي تم النيل منها،عبر قنوات مثل سلسلة قنوات " إم بي سي" .كتب الكاتب الكريم :(أهلا بكم (..) قضية الأسبوع: انحسار سمعتنا في العالم الإسلامي، جرسٌ يجب أن يُدقّ بصراحة من أجل الحقِّ والحقيقة. وسمعتنا أقصد بها السمعةُ السعودية كدولةٍ تمثل الإسلامَ، وإن لم نفتح هذا الموضوع الآن ونفاتح أنفسنا بصراحةٍ فإن الوقتَ سيكون فيما بعد متأخراً، وأسوأ أنواع تناول أي مرض هو التأخر في العلاج، فما رأيك في التأخر بالاعتراف؟!يك أييك كما أنه يجب أن نعرف ما نريد حقا: هل نحن نريد بالفعل أن نكون ممثلين للإسلام وللمسلمين؟ أم أننا غيرنا وجهتنا نحو التحضر العالمي والمدنية الأرضية وتغيير جلدنا من أجل أن يقبلنا العالم؟ حتى لا نضيِّعُ ذاك، ولا نكسبُ هذا. *** * سبق أن كتبت هنا أني كنت في مجلس فكري في تونس وأكرموني بالحديث حول مواضيع تخص الشأنَ العربي، فإذا رجلٌ ستيني ملتحٍ يرتجّ غضباً كزلزالٍ مفاجئ ويقول لي: "اخرس أيها السعودي".. وبين دهشتي وارتباك الحاضرين تابع مزبداً ومرعداً: "لقد خربتم أبناءَ الأمةِ وشباب وشابات هذه البلاد بمحطاتكم الفضائية وخربتم وقوضتم الأخلاق، وتأتي هنا بمسوح الفضيلة. يا ويلكم أيها المنافق". صحيح أن المضيف والباقين حاولوا أن يلطفوا الموقفَ ولكن كمن يقول: "معه حق، ولكن لم يكن من الأدب واللياقة أن يثور بهذه الطريقة أو يخاطبك شتماً.."، يعني أنهم اتفقوا معه في الموضوع .. وهذا هو نخاع المسألة، وخالفوه في تصرفه وهو حواشي المسألة.. صورة لنا تغيرت وبمعطيات نقوم بها، في ذاك الصالون الفكري. *** * وشكوتُ لأصدقائي السعوديين في مانيلا عن صرّافٍ مسلم (وتكاد مهنة الصرافة في العاصمة الفلبينية أن تـُحتكـَر من قبل المسلمين) طردني من محلـِّه الصغير، وأنا أريد أن أصرف عُمـْلة لديه.. وقال لي حرفيا: "قو آوت يا كافر!" فتنفستُ الصعداءَ ظنا مني أنه يظن أني لستُ مسلماً، فحاولت التصحيح ورددتُ عليه: "ولكني أنا سعوديٌ مسلم.." وأجاب: "لا، السعوديون كافرون، يساندون النصارى واليهود.. إيران هي المسلمة تحارب اليهود والنصارى.. اخرج". خرجتُ، وزوجته تتابع الشتمَ بعد أن توقف هو. ومع الموقف المحرج كنت أتساءل مديراً أصابعي مذهولا: "ربي، ما الذي حدث؟!" *** ){صحيفة الاقتصادية – السعودية – عدد يوم الجمعة 1 مايو 2009م}.ما قصدته أن ذلك الملتحي .. الستيني .. التونسي .. يعلم حال بلاده،وما فعل بها"بورقيبة" . وقد وصف لنا الأستاذ حسين القباني،ما شاهده هناك – سنة 1970م – وذلك حين كتب،عن مشاهداته في تونس العاصمة :(وهنا أقف قليلا لأقول أنني في خلال اليومين الذين أمضيتهما في مدينة تونس لم أر فتاة أو سيدة عصرية ترتدي الثوب العادي،وإنما هي ترتدي أحدث ما وصلت إليه الأزياء في باريس،وقد قال لي زميل صحفي تونسي أن هناك اتجاها عاما بين الحكام أو على الأصح،بين بعض الحكام يرمي إلى تشجيع الفتيات والشبان على هذا التمادي في"المودة"حتى يتم تحويل تونس إلى بلد أوربي مقطوع الصلة بالعرب والعروبة ..والنوع الآخر هن المحجبات أو المرتديات الملابس الوطنية،وهي عبارة عن ملاءة بيضاء تسمى الفراشة من الحرير أو الكتان،بيضاء عادة،وملونة في أحوال قليلة،ولكن التونسية حين تجمع طرفها عند الوجه تترك للعينين{هكذا} وأحيانا تترك الوجه كله مكشوفا.أما"الخَنْفَسة"بين الشبان،تونسيين وأجانب،فكانت أوضح السمات في شوارع تونس،الشعور الطويلة بين الشبان،وأحيانا تقابلها اللحى الطويلة أيضا،والبنطلونات الضيقة جدا،أو الميكرو جيب بين الفتيات،ومما يؤسف له أنني أمضيت في مقهى باريس نحو نصف ساعة وبالقرب مني فتاتان على جمال مذهل وكانتا جالستين في مدخل أحد أبواب المقهى،وكانت كل منهما تدخن السيجارة الطويلة بين أصابع طويلة ناعمة تتألق فيها الخواتم الذهبية والماسية،والشعر الذهبي متموج ومرسل على الكتفين ومفروق من الجانب اليسر،والأصباغ على الوجهين بأسلوب ينم عن الذوق الباريسي الممتاز،وكان يجلس معي في تلك اللحظة شاب من الزملاء الصحفيين في تونس،ولما رآني أطيل النظر إلى هاتين الفتاتين. ابتسم وقال يل :- ما رأيك في هذين الشابين؟- شابين؟!!- نعم .. من الخنافس ..!(..) إن هناك اتجاها من المتفرنسين يحاولون أن يقطعوا البلاد عن العرب،ويجعلوها جزء من أوربا،ولهذا يشجعون اللغة الفرنسية،ويعرقلون إعادة فتح جامعة الزيتونة التي كان لها الفضل في الحفاظ على هذا القليل من اللغة العربية في تونس،إن جامعة الزيتونة الآن لا تعدو أن تكون مسجدا أثريا تدخله الأجنبيات بما يشبه المايوه ليتفرجن عليه،(..) ورغم أننا كنا في الجمعة،إلا أننا وجدنا كل الأماكن و المتاجر ودور الحكومة مفتوحة،ولم نعثر على مسجد واحد،ولم نسمع أذان وقت من أوقات الصلاة لا في الشوارع ولا في الراديو،وإنما رأينا الكثير من الكنائس الفاخرة والمعابد اليهودية الضخمة ..){ ص 69 – 79 ( حول العالم على كرسي متحرك ) / حسين القباني / شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع،في طبعته الأولى سنة 1401هـ / 1981م. }بطبيعة الحال،يعلم ذلك "الملتحي" ما أضيف إلى الصورة التي رسمها الأستاذ"القباني"من توافد السائحات الأوربيات وما يرتدينه على شوطئ بلاده!!القضية حسب ما أراها .. أنه يرى أن الحكم في بلاده"علماني"لا يستنكر عليه شيء .. بينما نحن في بلاد الحرمين نمثل "حلما" أو "واحة" للإسلام المحافظ ... والذي يستقي نوره من مشكاة الإسلام،التي سطعت من بلاد الحرمين .. إلخ.فكأنه "واحتة"ذلك الستني الملتحي قد انتهكت بما تبثه تلك القناوات المحسوبة على المملكة العربية السعودية.لسان حال ذلك"الملتحي" .. نعم.لدينا أشياء سيئة .. لكن لا تقبلها منكم .. ,لا لكم !!ختاما :تذكرت ما كتبه "بيجوفيتش"حين كتب :(يقول أحد نقاد المسرح عن"برخت"ومسرحه : "برتولد برخت"كاتب مسرحي تجاوزه الزمن بهدوء،ودون أن يلاحظ. ومسرحه المسمى بالمسرح الملحمي،لا يثير أحدا،فالمشاكل هي شيء آخر اليوم.) {ص 293 ( هروبي إلى الحرية) / علي عزت بيجو فيتش }يبدو لي أن بعض الدول – أيضا – تجاوز الزمن أسلوبها في طرح القضايا الملحة . . دون أن تفطن لذلك .. تجاوزها الزمن .. ولكن في صخب وسائل حديثة .. وضجيج صراخ .. متربص... فلله الأمر من قبل ومن بعد.أبو اشرف : محمود المختار الشنقيطي المدنيالسوء : أرضاه لي ولا أرضاه لك!!
...