الملك لله.....................محمد محضار
ركبنا "الترام واي " من "شارع فرنسا أكدال"قال لي السي المعطي : " الرباط تغيرت كثيرا ، هناك أشياء جديدة تحدث "، ابتسمت وقلت : "فعلا هناك أشياء كثيرة تحدث .. اِحتجاجات بالجملة ، وتكنولوجيا متطورة بالمقابل ".
كان الركاب ينتمون لشرائح مختلفة ، وكانت الثرثرة سمة مشتركة بين الجميع ..سمعنا اِمرأة تحكي عن حادثة إصطدام وقعت هذا الصباح بحي كريمة، بين سيارة أجرة وقطار الترام واي ..كانت تقول لصديقتها بانفعال:"الله يستر ، أصحاب الطاكسيات لا يحترمون القانون ، ها هو خرج على راسو وعلى الناس اللّي معاه"، وردت صديقتها : " احنا بزاف علينا التكنولوجيا ..خاصّنا نتعلمو بعدا القانون".
وقال رجل ملتح وهو يوجه الحديث لزوجته المنقبة :" قبح الله المتشبهات بالرجال" وعيناه ترمقان فتيات تلبسن سراويل لاصقة ، تبادلت النظرات مع السي المكي ،ابتسمنا ونحن نرى عينا الرجل الملتحي تَشِيان بشهوة مضطرمة ، وهما تلتهما ن أجساد الغيد الواقفات أمامه.
كان القطار يسير بسرعة ، وكانت المناظر تنساب إلى الخلف ، وكنت أعيش لحظة اِ سترجاع لذكريات سنوات ماضية في أحضان الرباط ، وكان السي المكي القاطن بالمدينة منذ ثلاثين سنة يحدثني عن مشروع "المرينا" وعن القنطرة الجديدة المقامة فوق نهر أبي رقراق ، ونفق الأودية الجديد ، كنت أصغي إليه باهتمام وعيناي تتابعان المشاهد المتحركة عبر زجاج النافذة .
عندما وصل الترام إلى محطة صومعة حسان نزلنا ، قال لي السي المكي: " ملحقة الكنوبس وصيدلية الدواء توجد ببارو كبير ، المكان قريب من هنا .
كانت المرة الأولى التي سأزور فيها المكان ، تابع السي المكي موضحا : " جميع المغاربة المصابون بالمرض الخبيث يقصدون الملحقة للحصول على الدواء ..الله يشافي الجميع "
علقت باستغراب : " وأين هي الجهوية ، هم يجتهدون فقط في الاقتطاعات ، والضرائب المرتفعة ، قال السي المكي : " لن تتمكن من الحصول على الدواء لقريبتك اليوم ، ستدفع الملف ، وتنتظر الموافقة غدا ..هذا هو النظام ، قاطعته ضاحكا : " البيروقراطية حاضرة في كل مكان وزمن "
كنا قد وصلنا شارع الجزائر ، سمعنا ضجيجا ولغطا في أحد المقاهي ، ورأينا أشخاصا يقفون متطلعين إلى شاشة تلفاز كبيرة في الباحة ، ظَنننَا الأمر يتعلق بمبارة في كرة القدم ..لكننا سمعنا كهلا يقول لصاحبه " قُتل القذافي وابنه ..لم يرحمه حزب الناتو والثوار"..
قال لي السي المكي " اللي بغاها كلها يخلّيها كلّها "
قلت وأنا أبتسم : "قل اللّهم مالك المُلك تُؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء وتدلّ من تشاء ، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ، صدق الله العظيم "..
تابعنا سيرنا نحو ملحقة صندوق الاحتياط الإجتماعي ، وصورة القذافي وهو يتوسل لقاتليه ما تزال ماثلة أمام عيني...
محمد محضار أكتوبر 2011