قصة قصيرة... من آرشيف المستقبل
سري جدا .. خيبر..2

انها اللحظات الحاسمة التي يمتد فيها الزمن ، ويطول الانتظار ، ويتطاول المجهول ، كأنها السنوات الضوئية التي لا تقهر ، ثقيلة تمر ، متثاقلة على الصدور التي تكاد أن تنفجر ، لحظات الترقب ، تختنق فيها الزفرات ، وتدفع التوتر الى أشده ، رؤوس منحنية وعقول تهضم الافتراضات ، وتجتر الاحتمالات .. توقف كل شيء في ذواتنا ، الا نبضات القلوب ، التي كانت تخفق مسبحةلله رب العالمين ، يحملها الرجاء على أجنحته ، ويطاردها الخوف من مكر الله عبر منازل اليقين .. علي هو الوحيد الذي كان يجلس في سكينة ، منشغلا بقراءة القرآن ، وكأن الأمر كله خرج عن ارادته ، أما خالد ، كان يصلي وبعد كل سلام نراه يرفع بصره الى السماء .. وفجأة كسر بدعائه ذلك الصمت الذي كان يخيم على الجميع .. اللهم هذا الجهد وعليك التكلان ، وتابع يقول : أملنا في الله كبير ، فتيقنوا اخوة الايمان ، لن يخذلنا الله .. وقال آخر : اللهم يسر ولا تعسر .. وانهار السد الذي كان يأسر الدعاء في السر ، وبدأت الأدعية تترادف صاعدة ، تخترق السماوات وتحوم حول العرش .. أحسسنا حينها بانتعاش غريب يغزو ذواتنا ، اقشعرت الجلود ولانت ، ونزلت سكينة الرحمة كأنها الغيث على أرض جدباء ، فاهتزت أنفسنا وربت ونبتت رياحين ايمان جديد ، فانتشت المشاعر وأزهر الأمل وقوي اليقين ..
لقد تأخر الفريق بأكثر من دقيقة ونصف ، والجميع يسبح سرا وعلانية .. قال عبيدة : أخشى أن يكون قد اكتشف أمرنا .. لم يرد عليه أحد ... كأنهم الطيور في قفص داهمهم الفجر، كلهم يغردون .. ربنا .. ربنا .. ربنا ..
انه جهد عشر سنوات عمل متواصل ليل نهار ، في محيط وظروف ملغمة ..انها المواقف الوحيدة التي لا تصدق فيها نفس المؤمن المخلصة بالانهزام .. حالة طوارىء استثنائية في مركبتنا ، الاخوة المراقبين ، كل في مكانه على أحر الاستعداد .. ضيق الوقت والخوف من الاخفاق حال دون القيام بتجربة أولية ، وأرغمنا على خوض المغامرة ، والدخول في المهمة مباشرة بعد نهاية العمل .. هكذا ونحن في حالة تأهب حتى صاح بلال : الله أكبر ، الله أكبر ، نجحنا ، نجحنا ، الله أكبر ، الحمد لله .. أسرعنا جميعا الى الشاشة والنصر يرتسم حروفا ذهبية لبداية الجهاد الحضاري والتكنولوجي الذي يتماشى ويساير هذا العصر .. هذا العصر الذي لا تروضه الحروب بقدر ما تروضه العلوم ..
انها البداية التي كانت تنتظرها أمتنا الاسلامية وشعوبنا العربية وقياداتنا المخلصة ..ونحن نقرأ أول تقرير لجهاد تكنولوجي دام سنوات وسنوات .. . أبشروا لقد تمت عملية تعطيل المعدات لمدة عشر ثوان بنجاح ، أجهزة المراقبة الالكترونية تعمل بطريقة عادية كما توقعنا ، لقد تم الاختراق ، اننا نحتل كل المساحات المحرمة في ( السري جدا ) أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لا تزال في نوم عميق ، المركب سعد 2 أبهرنا ، انه الآن يرتب الملفات المهمة والخطيرة حسب المعطيات ، أشياء رهيبة في جعبة الآلة الاسرائيلية الجهنمية ، سنوافيكم بتفاصيل أكثر في مواعيد لاحقة .. انتهى . الرائد عمر . خيبر 2 .
نزل الخبر نفحة ربانية على الساجدين ، والمكبرين والمهللين .. غيرنا مواقعنا ، تأكدنا من تحصين أجهزتنا بفيروسات دفاعية مدمرة لكل محاولات الاختراق ، أو تحديد موقعنا ، وأذن بلال لصلاة الفجر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
لقد دخلت المهمة خيبر 2 مرحلتها الحاسمة لزوال مبررات الوجود الصهيوني .


مختار سعيدي