بين السكر والفكر
بقلم: الناقد المصري محمد عبد السميع نوح
موازنة بيت قصيدة الشاعر الدكتور مصطفى الشليح
سكرتُ حتىَّ امِّحائي ..

همسُ الحرير إذا أسْرى وما أسْرى
والليلُ يحرسُ منْ أطيافِـه عِطـرا

تكسَّرتْ لغـةٌ بالمائِسـاتِ علـى
وقْع المعاني، وجَسَّتْ بالرُّؤى سِتْرا
.
جاستْ مقابسُها منْ كـلِّ آنسـةٍ
حليَ التثنيِّ، وناستْ مقلةٌ حـورا.
.
.
حتى إذا عطستْ حبـًّا بقابسـةٍ
جمرَ التداني ولمّا تقبـس الجمْـرا
.
أو كلما أنستْ نورًا علـى شفـةٍ
من الأثير همتْ نـورًا ولا ثَغـرا
.
أو ربما كنستْ شِعْـرًا بلثغتِهـا
إذا القوافي تُوفيِّ ساحبـًا شعـرا
.
حتى إذا التبستْ كانتْ على وتر
تَدسُّ شمسَـك مـوَّالا ولا نبْـرا
.
وما رستْ حيثما ترسـو بأغنيـةٍ
والموجُ ينسجُها شالا إذا يعـرى
.
.
فكيفَ إما كستْ ليـلا بأرديـةٍ
من الجُمان لينسى عندها السَّيرا ؟
.
وكيفَ تأسـرُه عمـرًا مخالسـةٌ
منها مؤانسةٌ ما يأسـرُ العُمْـرا ؟
.
وكيفَ تكسرُه جَـورًا مقابسـةٌ
ليستحِمَّ بها فجرًا .. فلا جَـورا ؟
.
وكيفَ تنثُـرُه عِقـدًا مهامسـةٌ
وللحَريـر يـدٌ مختـومَـةٌ دُرّا ؟
.
.
سألتُ ما كانَ ينثالُ المسـاءُ بـه
عنها وعني مسـاءً نابسـا أمْـرا
.
فما أهلَّ سـوى لمـحٍ لبسمتِهـا
وما أطلتْ سوى أدواحِها بِشْـرا
.
ولم تقلْ لي أنـا إلا أكنـتُ أنـا
أم أنتَ سرًّا على الألواح أم سرّا ؟
.
.
لملمتُ عمري وعيناهـا صبابتُـه
وما صحوتُ، وعيناها سقتْ خمرا
.
سكرتُ حتىَّ امِّحائي. لا أنا خَبَـرٌ
ولا أنـا سَفَـرٌ أجْتـازه خُبْـرا
.
.
همسُ الحرير مطايا لا مسيـرَ لهـا
إلا شفوفا .. وإلا عطفـةً حيـرى
.
أقمتُ منها خفايا كنتُ أكتمُهـا
عني، وكانتْ تورِّي دونيَ السِّتـرا
.
.
فيا حريـرَ حمـامٍ مفـردٍ لغـةً
جناحَه .. ملْ بنا .. مُستفتحا سِفْرا
.
حتى نكونَ وشاحـًا لانجراحتِـه
سحرًا يمرُّ على جُرح .. ولا سحْرا


وقصيدة الشاعر عبد اللطيف غسري
غربة القلب /
معارضة لقصيدة أ.د/ مصطفى الشليح "سكرت حتى امحائي"



تأوّهَ الطِيبُ في أعطافِها نــَــــــوْرَا
فاجتثّ من لِينتِي أفنانَها الحَــــــرّى



وقدّ من مقلة الأشواق زُنبُـــــــــــقة ً
تنفسَ الليلُ من إشراقِها فجـــــــــــرا



فالتاعَ مني شغافُ الوجدِ، جندَلنِــــي
والشوقُ حمّلني أثقالـَه الكبــــــــــرى



هل كان في نيتي أن يُسْتدَرّ دمـــــــي
هل كان من عادتي أن أصْرَعَ البحرا



هامتْ على زورق الآهاتِ قافيتـــــي
ما زلتُ أُتبعُها عِلاتِها العَشـــــــــــرا



الهمّ والحلمَ والوهمَ الذي بيـــــــــدي
والعطرَ والسحرَ والأسرارَ والخمــرا




وغصة ًفي حلوق الليل رابضــــــــة ً
طورًا تمورُ وتعلو تارة أخــــــــــرى



والحِبْرَ إذ يعتلي رأسَ اليراع لـــــــه
لونُ الطحالب يغزو السطحَ والغـَـوْرا



وصفحة َاللوح إذ يلهو البياضُ بهـــــا
مستبشرا، ثغرُه بالبسمةِ افـْتــَـــــــــرّا



فألـْقـَمَتـْنِي الخطايَا قعْرَ هاويـــــــــــةٍ
كالسحر يَأسَرُ مني الحِقـْوَ والصــــدرا



يا غربة َالقلب في أدغالِ فاتنــــــــــةٍ
تتيهُ في تِيهِهَا أحلاميَ السكــــــــــرى


فتشتُ عن لغةِ النجوى بذاكرتــــــــي
فما وجدتُ سوى ما يَقدَحُ الجمـــــــرا



أينَ الجنونُ الذي أقعَى بناصيتــــــــي
واختطّ للبوح فيهَا أسْطـُرًا حُمْـــــــــرا



واجتزّ من جسدِ الأشعار خاصــــــرة ً
ومن سماء القوافي أنجمًا خُضــــــــرا



لا شئَ يَرْبأ بي عن وأدِ خاطرتــــــــي
في تربةِ الصمتِ ما قد يُنبتُ الزهــــرا


المغرب
18/8/2009

.

(1)
أول ملحظ نلفت إليه هو أن عنوان القصيدة الثانية (غربة قلب)يتحرك في فضاء مختلف عن فضاء المعنى في الأولى(سكرت حتى امحائي) فهل هو شرح للعنوان الأول ؟ سنرى إن كانت ثمة علاقة بينهما من هذه الناحية ..
الملحظ الثاني ـ بسرعة ـ هو أن عنوان الأولى عبارة عن نصف شطرة من بحر البسيط + سبب خفيف ... سكرت حت ْ (متفعلن) ــ تمْ محا (فاعلن) ــ ئي (فا) ..
وجاء عنوان الثانية نثريا (إذا قيس على عنوان الأولى ) أو مفعَّلا على تفعيلة الرمل + حركة واحدة : غربة القلْ (فاعلاتن) +بِ (فَ) .
في عنوان الأولى (( الأولى نقصد بها قصيدة الدكتور الشليح : سكرت حتى امحائي ، والثانية نقصد بها قصيدة الأستاذ غسري : غربة القلب )) نلاحظ الابتكار في اختيار مفردة " الامحاء " بعد تقليب فعل المحو الذي مادته : (م ح و ) على وجوهه المحتملة فوقعت ذائقة الشاعر "الناقد الأول لعمله" على هذه المفردة الوثيقة الصلة بالمعجم الصوفي وعالم الأرواح والتطيُّف كتقدمة وامضة لعالم جديد سيطرحه ..
الملحظ الثالث (ثانوي) أن جاءت الأولى في واحد وعشرين بيتا فيما جاء الثاني في خمسة عشر .. أما البحر وحرف الروي ونوع القافية فواحد بالضرورة .

(2)
تخيَّرَ الكائن الفني في الأولى ملامحه في :
ــ المراوغة بين النفي والإثبات : أسرى وما أسرى
حتى إذا عطست جمرا بقابسة جمر التداني ولما تقبس الجمرا
همت نورا ولا ثغرا
كنست شعرا بلثغتها......... القوافي توفي ساحبا شعرا
تدس شمسك موالا ولا نبرا
وما رست حيثما ترسو
جورا .. فلا جورا
ــ التماهي بين الجميلة الآنسة الحسناء وبين اللغة الساحرة التي يتأنق الشاعر في اجتلائها على اعتبار أنها في حد ذاتها لغة شاعرة حسناء فاتنة لاتقل بدائعها عن حركة عين حوراء !
جاست مقابسها من كل آنسة حلى التثني وناست مقلة حورا

(3)
في القصيدة الثانية يتخلق الكائن الفني على شكل تراتبيٍّ اعتمد على مفارقة خارقة للعادة في البداية ثم تولدت عنها كافة المفارقات والمواقف الساخنة في القصيدة ، انتقل الشاعر في ست قفزات أولية هي الشطرات للأبيات الثلاثة الأولى ، ثم ومن أول البيت الرابع ينطلق السؤال الفاتح للحالة الشعرية للغربة وتتفرق بالقصيدتين (الأولى والثانية ) السبل عند هذه النقطة ، ففي حين تخلص الأولى للمراوغة والحيرة التي جاءت طبيعية كناتج للسكر كانت الثانية وبمنطقية شديدة تكرس للغربة والغربة فقط التي أصابت القلب فخلصت التجربة لموضوعها ؛ فكان لزاما على "غربة القلب" أن تبوح بما لم تبح به "سكرت حتى امحائي" فيعد علات القافية التي هي علات غربتة متماهيتين في تناص مع الوصايا العشر وفي حالة تركيز ووعي تام بالقضية ، وفيما استعان غسري بمقدرته الفائقة في تطويع اللغة واللعب على العروض الخليلي بمهارة ضفرت الكلام والموسيقى في شعر حقيقي قاصدا بذلك إثارة دهشتنا وهو نجح في ذلك بلا أي شك ، نجد الدكتور الشليح غير معني على الإطلاق بإدهاشنا ، بل هو غير معني أبدا ببث دهشته لنا ولو في تقرير واحد .. وإنما صار أشبه بمن يدير موقد النار تحت جنوبنا وهو هادئ تماما أو هو محترق تماما .. لا يعنيه ذلك في شيء ... ولعمري إني لصادق عندما قلت إن القصيدتين من عيون الشعر .. كان الشليح ذائبا في الحال ، فكيف يشتكي الحال وهو هو .. أيندهش وهو الدهشة !
كالمجذوب الذي يلقي في أذنك الكلمة لا تلقي ولا يلقي لها بالا ، وإذا هي إنذار ببركان تحقق فيما بعد ... وأما غسري فميزته أنه لم يغفل القارئ لحظة واحدة ولم يغب عن باله أنه يخاطب مستويات متباينة من الثقافات فوقف بالتجربة ( هو الذي وقف ولم يوقَف قسرا) على مستوى ما هو شعر وشعور يتلقاه الذوق بترحاب وينفعل معه انفعال الغربة الذي انحكمت به القصيدة ، أما السكر في قصيدة الشليح فمستوى ماكر أتاح له أن يفتح كل طاقات المستحيل ولا يلام ..
وانظر إلى مطلع غسري :
تأوه الطيب في أعطافها نورا فاجتث من لينتي أفنانها الحرى
وقد من مقلة الأشواق زنبقة تنفس الليل من إشراقها فجرا
الصورة مغرقة في الجمال ، لا ينتقص من جمالها الإقرار في الأفعال الماضية الأربعة : تأوه ـ اجتث ـ قدَّ ـ تنفس .. إقرارا لا يقبل الشك ، ولا بأس لأن التجربة تتحرك في واقع الحياة تحوله إلى هذا الشعر .. ولئن ابتعد هذا الملحظ بالثانية عن دقة المعارضة فإنه لم يخدش من شعريتها شيئا لاختلاف المناخين .

(4)
استطاع الشاعران العربيان المغربيان أن يعلوا القمتين ، ونحن برفقتهما : الأولى في "سكرت حتى امحائي" وفيها اكتمال عجيب لحالة السكر فلم تقدم يقينا جازما ولم تقر ثابتا ، موارة بالشيء وضده في ألفة لا يمكن أن تعثر لها على منطق إلا في حالة من حالات السكر الروحي / الصوفي السامي ، أسرى وما أسرى / ألمعاني والرؤى / قابسة جمر التداني ، ولما تقبس الجمرا / نورا على شفة ، نورا ولا ثغرا / كنست شعرا بلثغتها .. القوافي توفي ساحبا شعرا / موالا ولا نبرا / مارست حيثما ترسو / المخالسة ، المؤانسة / جورا ، فلا جورا .
وهذا البيت العجيب :
ولم تقل لي أنا إلا أكنت أنا أم أنت سرا على الأرواح أم سرا
وبيت القصيد : سكرت حتى امحائي لا أنا خبر ولا أنا سفر أجتازه خُبْرا
وهو بيت نرى فيه النهج الفني للقصيدة التي لا تعنى بالخبر والإخبار والسفر والترحال ، وإنما بأثر ذلك كله ، ألا وهو السكر / الغياب /الذوبان / الاتحاد .. وما شئت ... خرجت القصيدة عن المعتاد المألوف تماما ، حتى الحكمة في البيت الذي يليه ، خرجت كذلك عن عالم المادة إلى عالم المعاني :
همس الحرير مطايا لا مسير لها إلا شفوفا وإلا عطفة حيرى

(5)
هذا الغياب الفادح عند الشليح يقابله غسري بحضور مواز ومكافئ في فداحته ، وربما كان هذا الحضور المضاد مما يقوي معنى المعارضة المفترض بين التجربتين .. انظر إلى هذا التركيز الشديد والصحو والوعي الشديد والبصر الحديد :هامت على زورق الآهات قافيتي ما زلت أتبعها علاتها العشرا
ثم هو يعدد العشر العلات في نسق منطقي دقيق :
الهم والحلم والوهم الذي بيدي والعطر والسحر والأسرار والخمرا (7علات)
وغصة في حلوق الليل رابضة طورا تمور وتعلو تارة أخرى (واحدة)
والحبر إذ يعتلي رأس اليراع له لون الطحالب يغزو السطح والغورا(واحدة)
وصفحة اللوح إذ يعلو البياض بها مستبشرا ثغره بالبسمة افترا (واحدة)
وكان اصطدام المنطق / العقل والفكر بالعاطفة / البديهة والموهبة التلقائية أثر في مجيء العلات السبع الأولى في بيت بينما الثلاث الأخريات كل واحدة في بيت ، ذلك خلل أنتجه الالتزام العروضي من جهة ومنطق النص الشعري الواقعي بدرجة ما من جهة أخرى .. أليس من حق المتلقي أن يسأل الشاعر في أمر هذه القسمة بين العلات ومساحتها على الورق ؟ وما دام منطق النص الشعري كذلك فإنه لايمنع من أن يكون منطق التلقي كذلك أيضا . وهذا المأزق تخلصت منه تجربة الشليح منذ البداية ومن خلال الطقس العام المقترح والذي انصبت فيه القصيدة بطلاقة .
ويتوازى غسري مع الشليح في تقديم الحكمة وشيء من خلاصة تجربته الحياتية فنجد الحكمة عند غسري مستلة من كل تراثنا الديني والشرقي ، وأن عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. وقد يجعل الله سره في أضعف خلقه ، وما إلى ذلك مما يدور حول هذا المعنى ، يقول غسري :
لا شيء يربأ بي عن وأد خاطرتي في تربة الصمت ما قد ينبت الزهرا

(6)
عودة إلى قصيدة د.الشليح وأبنيتها ، فإذا بحثنا عن البلاغة العربية التقليدية وجدناها في تجلٍّ جديد متخلصة من أوضار التكرار والابتذال حتى جاءت وهي القديمة في ولادة جديدة ، ولنقرأ الأبيات :10 ـ 11 ـ 12 شطراتها الأولى بالترتيب ولنر التداخل بين الطباق والجناس والموازاة كلٌّ في صورة واحدة مضغوطة في هندسة وتساو وتناسق تطرب له النفس الشرقية التي فطرها الله على لغتها العبقرية :
وكيف تأسره عمرا مخالسة
وكيف تكسره جورا مقابسة
وكيف تنثره عقدا مهامسة
وقد يكون السكر في اللغة العربة وبديع كنوزها ، كما يكون في آنسة حسناء ، كما يكون في تجريدٍ جماليٍّ يجمعهما مع غيرهما في حالة سكر بمطلق ٍ جمالي ٍّ يجل عن التجسيد ..
أو ربما كنست شعرا بلثغتها إذا القوافي توفي ساحبا شعرا
وأنثره مضطرا ( لأبين قيمة فذة يحتويها)
كأن عيوب النطق لدى بعض الناس هي قمة الامتياز ، أو أن تربة الصمت التي قد تنبت الزهر لدى غسري هي المعارضة الجادة لِلَثْغاءَ يتفجر الشعر على فمها بلا تكلف فيما يتكلف المحترفون سحب الشعر من باطن النفس بآلات وموتورات القوافي والأوزان .. وتسلط مفردة "كنست " عينا من الرجاء لنتوقف عندها قليلا .. أيتفجر الشعر على شفتيها سلسا بسيطا سلاسة وبساطة عملية الكنس بمكنسة ، فيما يتكلفه المحترفون ؟ أهي الكنَّس النجوم الهائلة التي تبلغ في الحجم مافوق الشمس بملايين المرات تنضغط وتموت وتجذب ماحولها بأسرع من سرعة الضوء ، في عملية فلكية معجزة ، أعجزت العقل البشري عن فهم مكوناتها ! آنطلق الشاعر إلى هذه الآفاق ؟ أم هي الجواري / القيان الأتراب ؟ الأمر محير .. ويرشح لهذا المذهب مفتتح القصيدة :
همس الحرير إذا أسرى وما أسرى والليل يحرس من أطيافه عطرا
تكسرت لغة بالمائسات علـــــــــــى وقع المعاني وجست بالرؤى سترا
وإن تتبع مفردات القصيدة على هذا المنحى من القراءة لهو أمر يحتاج إلى دراسة طويلة .
(7)
في القمة الثانية تقف قصيدة غربة القلب لغسري ، إذ تقدم تجربة فريدة أيضا في تواطؤ الفكر مع الوجدان في إنتاج حالة شعرية صادقة ، الفكر والعاطفة ، العقل والموهبة فيزول ما بينهما من تنافر في قصيدة استفادت من المنطق الرياضي البحت ومن العاطفة الإنسانية الرفيعة في آن واحد .
وقد يتأثر جانب من جوانب المعارضة الشعرية بمفهومها الاصطلاحي حين نكشف عن الفرق الجوهري بين التجربتين ولكنه لن يهدم أية خصوصية لأيٍّ منهما كتجربة مستقلة بذاتها ؛ ففيما يقدم د.الشليح هذا المستوى الامِّحائي التجريدي تماما والمنفصل عن المنطق كلية لينطلق ـ فقط ـ إلى سماوات الشعر تاركا ذاته تذوب في ذوات مفردات العالم الدهش المدهش غير عابئ سوى بما هو شعر واضعا إيانا في أتون التجربة لنحترق بإرادتنا ثم يكون لنا كما له فضل الاكتشاف . ، نجد "غسري" في تجربة منطلقة إلى آفاق الشاعرية محتضنا الإنسانية بأوجاعها وأفراحها دمه في دمها وواقعه من واقعها يناقش قضية الغربة القلبية بموضوعية تلبس من الشعر حلل الاستعارة والمجاز والصورة الدافئة.
وعلى ذلك فإننا نجد المعارضة متحققة في بعض المناطق التي مرت وأما في بعض المناطق الأخري فإن لكل قصيدة فضاءها الذي تتحرك فيه بحرية بما يتفق مع أطروحة العنوان لدى كلا الشاعرين الكبيرين .
وأعترف أن هذه القراءة التي أقدمها إنما هي عمل يتقزَّم بجدارة أمام رائدين كبيرين من رواد حركة القصيدة الموزونة في الحقبة المعاصرة ، وكان الأولى بي أن أتزود لهما قبل هذا التعرض المتسرع ، إلا أنني خشيت أن ينفض الرواد عن هذا القسم الواعد (نصوص تحت المجهر ) ومن قبل ذلك وبعده ما للصديقين الحبيبين الدكتور مصطفى والأستاذ عبد اللطيف عليَّ من حقوق الولاء والحب .

اانظر الرابط التالي
http://www.4hama.org/showthread.php?t=2788