يوميات حرب ال48 في قضاء غزة
يسري راغب
---------
كان العام 1947م يشهد توترات كثيرة مابين العرب واليهود والانجليز وكل الأطراف تتقاتل في ما بينها بعد أن وضحت الصورة لشعب فلسطين في أن بريطانيا سعت ومنذ ثلاثين عام لتمكين اليهود الصهاينة من فلسطين وفي ظل هذا الوضع المتأزم كان يجب توثيق العلاقات الداخلية والعربية أيضا خاصة مع دول الشام ومصر وهو ما ذكره المجاهد عبد الرحمن الفرا في مذكراته عن اجتماعات متوالية مع محافظ العريش ونائبه اللواء الصواف المسئولان المصريان الكبيران لشمال سيناء عام1947م وتم تكتيل وتجميع كل القوى والقيادات العربية في سوريا والأردن ولبنان والعراق ومصر لمواجهة الخطر الصهيوني بعد رحيل الانجليز
واستشعارا للخطر الصهيوني بمساعدة الانتداب البريطاني عقد مؤتمر عام لرؤساء البلديات الفلسطينية في غزة حضره كل من / سليمان طوقان نابلس – عبد الرحمن الفرا خان يونس – حلمي عيوش جنين – شفيق مشتهى بئر السبع – هاشم حبوش طولكرم – السيد أبو شرخ المجدل – يعقوب القبطي يافا – خليل صلاح رام الله - يوسف هيكل يافا – عيسى ألبندك بيت لحم – رشدي الشوا غزة – محمد الجعبري الخليل – وديع دعمي بيت جالا – سليم بشارة الناصرة – حسن خليفة عكا – محمود علاء الدين الرملة - وضم الاجتماع عدد من العسكريين مثل / عبد الله التل – وحكمت مهيار – ومحمود الرفاعي وعبد الحليم الساكت – والطبيب فريد طليع وغيرهم مع عدد من أصحاب الصحف الفلسطينية مثل داوود العيسى مدير جريدة فلسطين وقرر المجتمعون مقاطعة لجان التحقيق الدولية التي تمهد لتقسيم فلسطين كما طالبوا في البيان الختامي العفو عن المناضل العراقي / رشيد عالي الكيلاني المعتقل منذ سنوات في السجون البريطانية وأكدوا على الاستعداد للمقاومة والبدء في جمع الرجال والمال اللازم لتشكيل الحرس الوطني الفلسطيني وانبثق عن الاجتماع عدة لجان منها العسكرية والسياسية والاقتصادية والإدارية والأمنية
واما اليهود وقد صار لهم القوة الكافية لاغتصاب الوطن باتوا يحرضوا ضد بقاء الانتداب البريطاني ليخلو لهم الجو مسلحين بما وصلهم من كل أصقاع الدنيا بما فيها من أيادي الصهيونية التي تلعب على الجميع من خلال الحركة الماسونية السرية التابعة للمنظمة الصهيونية فقد شعروا بان اللحظة التي ينتظرونها حانت وتزايدت أعمالهم الإرهابية ضد العرب المسالمين وقتلوا في30/7/1947م اثنان من الجنود البريطانيين في مدينة ناتانيا قرب يافا وقد وجد الجنديان مشنوقان حيث تمت مراسم الدفن لهما في مقبرة الرملة المخصصة للبريطانيين وكان لهذا الحدث أثره الكبير في التعجيل برحيل البريطانيين من فلسطين وبالتالي فقد بدأت الهيئة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني بتنظيم الشعب الفلسطيني في لجان التنسيق الوطنية بحيث تقدم كل مدينة أسماء اللجنة المعينة والأعداد التي يمكنها تجنيدها لتكون رافد من روافد قوات الجهاد المقدس الفلسطينية وقد شهدت التجمعات السكانية في المدن الفلسطينية أعمال حرق ونهب من مجهولين يشعلون النيران ويفروا هاربين إلى مستعمراتهم وهو ما تكرر حدوثه في خان يونس وغزة والمجدل والفالوجة المدن التابعة لقضاء غزة وهذا ما جعل اللجان التي تشكلت تضطلع بدورها وتعد نفسها بسرعة وقد تم تجنيد أكثر من ثلاثمائة متطوع في خان يونس وحدها حسب ما ورد في يوميات المجاهد عبد الرحمن الفرا الذي ترأس اللجنة الوطنية العليا لمدينة خان يونس والذي كان عليه السفر من غزة إلى حيفا قاصدا بيروت للاجتماع بالمفتي / الحاج أمين الحسيني مع كافة القوى الوطنية للتشاور بعيدا عن عيون المحتل البريطاني حيث كان مقر الحاج أمين المؤقت في بيروت يوم25/11/1947م وكان يوم إعلان قرار تقسيم فلسطين يناقش في الأمم المتحدة وهو القرار الذي رفضته القيادة الفلسطينية ممثلة في الهيئة العربية العليا ولجانها الوطنية وفي يوميات عبد الرحمن الفرا يقول
بدأت الترتيبات العسكرية لاستقبال المتطوعين العرب وتجهيز الحرس الوطني الفلسطيني واتفق على ذهاب لجنة فلسطينية لبحث الأمر في جامعة الدول العربية بالقاهرة وقد تولى جيل متعلم مثل / فاروق فهمي الحسيني وجمال الصوراني وعاصم بسيسو ومحمد أبو شعبان وحسين أبو ستة ومصطفى أبو مدين للعمل الميداني ومعهم ضابطان مصريان من المتطوعين الأبرار لتدريب الحرس الوطني الفلسطيني الذي تم توزيعه على ستة مناطق هي /بئر السبع وخان يونس وغزة والمجدل والفالوجه والمسمية العربية وحدد لكل منطقة ثلاثون شخص لادارة وقيادة اللجان وتفعيلها العمل الميداني خاصة بعد استشهاد عدد من أبناء غزة في معارك مع المستوطنين الصهاينة بالقرب من قطاع غزة وتم تشيعهم في جنازة كبيرة للأبطال الشهداء وهم / مدحت ألوحيدي ويوسف داوود وعبد الإفرنجي ويقول الفرا / انه توجه إلى العريش حيث التقى بالقيادة المصرية هناك وهم / مصطفى الصواف وصلاح المغني وحسن توفيق والمحافظ زكي احمد ووضعوا كل ما يملكونه باسم مصر تحت تصرف المجاهدين في قضاء غزة من التسليح والتدريب وتم الاجتماع في 22/2/1948م – وعلى ضوء هذا التعاون بدأت جموع المتطوعين من مصر تدخل غزة وخان يونس وكانت تدور اشتباكات شبه يوميه مابين المجاهدين الفلسطينيين والصهاينة وكانت اللجنة العسكرية في القضاء تحت قيادة الحاج حسن المنياوي ومصطفى الجيار من مصر – كان هناك تنسيق وإعداد واستعداد على المستوى الشعبي حيث لم يكن للفلسطينيين حكومة تمثلهم أو منظمة تؤمن لهم العتاد والمال والرجال كما هو الحال مع المنظمة الصهيونية وأيضا ينطبق هذا التوصيف على المتطوعين العرب من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق كلهم من المتطوعين الذين رفضوا انتظار الأوامر الرسمية الحكومية وبكروا في الدخول إلى فلسطين وهو ما جاء ذكره في يوميات عبد الرحمن الفرا بتاريخ 4/3/1948م وهو يذكر أسماء ضباط مصريون كانوا من التشكيلات الأساسية في ما بعد ضمن حركة الضباط الأحرار وحركة الإخوان المسلمين فقد استقبل في خان يونس كل من / فتح الله رفعت – ومحسن عبد الخالق وعبد الهادي شعبان الذين وجهوا لعمليات ضد المواقع والمستوطنات الصهيونية القريبة من غزة وخان يونس وأداروا معركة عسكرية مع الصهاينة قتل فيها ما يقارب الخمسة منهم بينما جرح كلا من / حسن المنياوي وحسن الإفرنجي بوجود القائد الفلسطيني حسن سلامة المساعد الأول لعبد القادر الحسيني قائد قوات الجهاد المقدس الفلسطيني وقد خطب ممثل الإخوان / عبد الهادي شعبان خطبة الجمعة من اكبر مسجد في غزة يوم 5/3/1948م وسط إنباء من محطة الشرق الأدنى البريطانية تقول أن اليهود القوا قنبلة على بيت المفتي في القاهرة وهو ما نفاه المفتي في اتصال هاتفي بينه وبين عبد الرحمن الفرا الذي توجه لمقابلة مع المفتي في مصر لعقد اجتماع بعبد الرحمن عزام أمين عام جامعة الدول العربية وتم البحث في تعيين قيادة عسكرية وسياسية فلسطينية من خيرة العناصر الوطنية المتعلمة استعدادا للمواجهة الكبرى وسط تاييد شعبي نظمته حركة الاخوان المسلمين حول فلسطين في لقاءات ومحاضرات شملت عدة مدن مصرية

يتبع