لا حاجة بعد اليوم للتبرّع بالدّم!

نشرت بواسطة ربيع العزّابي في 2011/9/13
الصورة السابقةتكبيرإغلاقالصورة التالية

1من 4


red-blood-cells.jpg




بقلم ربيع العزّابي - تونس
أعادت دراسة جديدة الأمل في أن يحلّ علينا يوم ما لا نحتاج فيه إلى بنوك الدّم! ذلك أنّ فريق بحث فرنسي تمكّن بكلّ نجاح من صنع خلايا دم حمراء من خلايا جذعية و إعادة حقنها في نفس الشخص. هذا الإنجاز المدهش أثبت الإمكانية الإكلينيكية لتحويل خليّة جذعية إلى خليّة دم!
ثبت بالتجربة أنّ متوسّط حياة كريّات الدم الحمراء المزروعة في الوعاء التجريبي كان مماثلا لنظيره لدى كريّات الدم الحمراء الطبيعية (غير الاصطناعية).
لأوّل مرّة إذن يتمكّن الباحثون من حقن خلايا دم حمراء مصنوعة من خلايا جذعية بشرية مكوّنة للدم (hematopoietic stem cells) داخل جسم نفس الشخص المتبرّع (الخلايا الجذعية المكوّنة للدم هي خلايا جذعية بالغة لديها القدرة على التّحوّل إلى جميع أنواع خلايا الدم (خلايا حمراء، خلايا بيضاء، ..)). تمّ نشر نتائج هذه الدراسة في نشرية "دم" (blood) التي تصدر اسبوعيا عن الشركة الأمريكية لعلوم الدم.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
في الواقع، يعود النقص المزمن في موارد الدم في العالم إلى ارتفاع الاحتياجات السنوية التي تقدّر بتسعين مليون وحدة (وحدة الدم تقدّر بـ 450 ملّيلترا أي تقريبا نصف لتر). و بالتالي برزت الحاجة إلى إيجاد مصادر جديدة للهيموجلوبين. و مع تفاقم أزمة الدّم في العالم و تراجع أعداد المتبرّعين، يمكن اعتبار هذه الدراسة بمثابة أمل حقيقي في أن يستغني المرضى المحتاجون إلى نقل الدم عن التبرّع الخارجي و يتبرّعون بالتالي لأنفسهم بالدم الكافي لإنقاذ حياتهم!
مستعملين خلايا جذعية مكوّنة للدم، تمكّن "لوك دواي" (Luc Douay) و فريقه من جامعة "بيار و ماري كوري" في باريس من صنع مليارات من خلايا الدم الحمراء في "علبة بتري" (petri dish: وعاء دائري شفّاف يستخدمه علماء الأحياء لزراعة الخلايا) وسط ظروف نموّ خاصّة تؤمّن نضج و تطوّر الخلايا الجذعية إلى خلايا دم حمراء.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي و للتّأكّد من أنّ خلايا الدم الاصطناعية قادرة على بلوغ مرحلة النضج التّام داخل الجسم، قام الباحثون بحقنها داخل اجسام اربعة فئران تجارب و برهنوا بذلك على قدرة هذه الخلايا على اتمام كامل عمليّة النّمو. باستعمال متبرّع متطوّع قام الباحثون بإعادة التجربة: قاموا بصنع خلايا دم حمراء و حقنوها من جديد في جسم المتطوّع ليختبروا قدرتها على البقاء داخل جسم الانسان. بعد 5 أيّام، ترواحت نسبة البقاء لخلايا الدم المحقونة داخل جسم المتطوّع بين 94% و 100%. بعد 26 يوما، ترواحت النسبة بين 41% و 63% و هي نتائج قريبة جدّا من متوسّط حياة خلايا الدّم الأصلية الطبيعية و المقدّر بـ 28 يوما. هذه النتائج تثبت بوضوح أنّ متوسّط حياة و نسبة بقاء الخلايا المزروعة مشابهة لمثيلتها لدى خلايا الدمّ الحمراء الطبيعية ممّا يعزّز امكانية استعمالها في عمليّات نقل الدّم. و قال "لوك دواي":"بالرّغم من أنّ البحوث السابقة بيّنت أنّ الخلايا الجذعية المكوّنة للدّم بإمكاننا تطويرها لتصبح خلايا دم حمراء مكتملة النموّ، إلا أنّها الدراسة الأولى التي أثبتت قدرة هذه الخلايانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي على البقاء حيّة داخل الجسم البشري، إنّه بالفعل إنجاز علمي عظيم يحسب لعلماء زراعة الخلايا". و أضاف أستاذ علوم الدم في جامعة "بيار و ماري كوري" بباريس:"هناك حاجة ماسّة لمصدر بديل للدّم القابل للنّقل خاصّة مع خطر التلوّث بالفيروسات الجديدة الذي يصاحب عادة عمليّات نقل الدّم التقليدية. إنتاج خلايا دم حمراء بتقنية الزرع يعتبر واعدا خاصّة و أنّ المجهودات الأخرى لخلق مصادر بديلة لم تحقّق النجاح المرجوّ منها.
بالإمكان القول أنّ هذه النتائج جاءت في الوقت المناسب، خاصّة مع إعلان منظّمات التبرّع بالدم العالمية مثل الصليب الأحمر الأميركي نقصا حرجا في احتياطي الدّم الوطني. على الصعيد العالمي، أعلنت منظّمة الصحّة العالمية مؤخّرا أن نسبة التبرّع بالدم تبلغ أقلّ من واحد في المئة من السكّان في أكثر من سبعين دولة. و الكثير من هذه الدّول تعتبر من الدول النامية أو الإنتقالية و في حاجة قصوى إلى الدّم. و يعود ذلك أساسا إلى ارتفاع معدّل المرض لدى الأمهات، سوء التغذية لدى الاطفال، ضحايا الحوادث، الأمراض المعدية،...
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
يقول الأستاذ الجامعي "دواي" معلّقا على التجربة الناجحة:"النتائج المنبثقة عن دراستنا تعطي برهانا تجريبيا لمفهوم نقل خلايا الدّم الحمراء الاصطناعية و تعد بأنّ مشروع احتياطي الدّم اللامحدود أصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقيق. و يضيف الأستاذ:" بالرّغم من أن عملية إنتاج هذه الخلايا على نطــاق واســـع ستتطلّب تقدّما تكنولوجيا إضافيا في مجال هندسة الخلايا، إلا أنّه بإمكاننا أن نؤمن بأن خلايا الدّم الحمراء الاصطناعية يمكن أن تكون بديلا ناجعا لعمليات نقل الدّم التقليدية و لن توفّر فقط خزّانا مناسبا من الدم بل ستقلّل من خطر المضاعفات و العدوى التي تترافق عادة مع النقل التقليدي للدم"

مترجم بتصرّف بسيط عن:
http://www.sciencedebate.com/science- ... s-blood-banks-go-obselete
ترجمة ربيع العزّابي - تونس


خاص للمجلة العلمية اهرام
http://ahramag.com/modules/publisher...php?itemid=786