أ. زيناء ليلى
فارس جديد
رقم العضوية : 14119 الانتساب : May 2011 الاهتمام : Apple فن النجاح في الحياة, حساب ألجٌمّل : عدد ألسنين والحساب لآجال الأمم : نبيل ألحايك., Holy Quran المشاركات : 12 بمعدل : 0.03 يوميا
ماوجه الشبه بين فيلم الرعب والفيلم الرومانسي ؟
ماالذي يهدف اليه كل منهما ؟
هل كل المشاهدين تصلهم فكرة ارادها كاتب الفيلم ام تبقى غامضة لبعض تعالو ا نتابع معا حوار نور مع احد المشاهدين للفيلم في فصل " المذؤوب" من كتابي " متاهات " متابعة جيدة اتمناها لكم ..............................
المذؤوب
على صوت رجاج الهاتف ... استيقظت ... لقد أخذ النوم فسـحته معي ولم أشعر بجوّالي يرن .
اثنتا عشرة مكالمةً ، إنه فراس ترك ، رسالة كتب فيها : أنا في انتظارك اليوم لا تنسي الموعد .
أقول في نفسي : ( يا إلهي ) لقد نسيت الموعد ولم ينسَ أن يذكّرني ، لقد قطـعت له وعـداً بزيارته في البيـت مـنذ ـثلاثة أشهرٍ ولن يبرّر نسياني الاعتذار ، سأحجز تذكرةً عائدة إلى الشّام عند الساعة الواحدة ظهراً .
( اسأل نفسي ) :
ما ذا سأحضر له ؟ فأنا أدخل بيته لأوّل مره " زجاجة عـطر ربما لا يـعجبه عـطرها " و قـد لا أحـسن الاختيار إن ّعلبة حلويّات حمصيه أكثر لباقة ومذاقها معروف . أتمتم
( إن التفكير بالماديات يفقدنا إحساس اللّحظة ) .
- تقاطعني مريم : ( صباح الخير ) .
- أبــادرهـا بسـؤالي وأنـا أتـمـعن بـوجـهها الشـّاحـب وعـينـيها الذابـلتـين الحمراوتين وأجفانها المنتفخة : هل أيقظك هاتفي ؟ .
وبذهول أسألها : ما بك ؟.
ابتـسمت وقـالت لا شـيء ، ربّمـا هـو الرّشـح ،مرض يستنفذ كل طاقاتنا وتغيّر مجرى الحديث ببراعة "ما هو الصّباح المميز اليوم ؟.
أردّ عليها : إنّه يومٌ يحمل الأمل والأحزان والفرح والهم والاضطراب ، لكثير ممّن نعرفهم ولا نعرفهم ، فهو نهاية مرحلةٍ وبداية مرحلةٍ أخـرى. تـقاطعني وكـأنها لا تستـلذّ بهذا الـنّـوع من الأحـاديث ولا يعـنيها.
واتجـهت لتـشّغل جهاز الحـاسوب ، كـأنّها عـلى مـوعـد مـا ، أو بانتظار شيء ما .
لم تجلس على كرسيّها مقابل الجهاز ،وبقيت متّكئة وهي تشغّل برامج المحادثة وتدير وجهها باتّجاهي :وقالت في رقة واستجداء لوسمحت ادخلي عنوان إيميلك ، إنّني في شوقٍ لأقرأ شيء من الشّعر .
- توجّهت إليها وجلست على الكرسيّ ، ليكون أوّل ما تقع عينيّ عليه
تلك الكلمات
( يقتلني صمتك سيّدتي ... ذاك العنفوان ... لم أعرف يوماً أنّ الـصّمـت جـمرٌ يحـرق الإنسـان ... لاتزيحي وجهك عنّي ...ما زلت أبصر فيك عناقيد ورمّان ... أحـسد اللاّذقية فقد احتضنتك يومان... وياسمين دمشق يفوح لأجلك كلّ الأيّام ... صباحك سكر ) .
تذهلـني معرفته بسفري إلى اللاذقية وتحديد الزّمان يفاجئني ، من هو يا ترى ؟ سؤال تبادر إلى ذهني .
- تسألني مريم : " صباحك سكر " ألن تردّي عليه ؟ .
- لـقد رددّت عـليه بالأمـس وطـلبت منه التّصريح ، إنّ إحاطة نفسه بالغموض شيءٌ مثيرٌ للشكوك ....
- لكـن يا خـالة :" تقاطـعني "
يبدو أنه قريبٌ منك جداً ... يراقب كلّ تحركـاتك ، يعرفـك أو يـعرف أحداً من العائلة " نسمع صرير البـاب يُفـتح نـلتفت إلـيه لتدخل عبير وقد أحضرت معها فطائر ساخنة .
- هل شربتم الشّاي ؟
تسـأل وهـي تـتوجّه تـوّاً إلى المـطبخ ، وكأنّها قرأت الإجابة ، ترفع إبـريق الـشّاي عـلى المـوقد ، بيـنما مـريم شـاردةٌ وأنا في معرفة هذا الشّخص ينتابني ألف سؤالٍ ...
- تعلّق مريم : خالة نور لماذا لا تردّي على رسائله ... اعتبريها تجربة لـن تخسـري شـيئاً .
إنّ الـنت عـالم جـديد ، مـثله مـثل اللّقاءات في الحلـقات الـدراسيّة أو تجمّـعات الأصدقاء ، راسليه ربما تتعرّفي على أسباب غموضه....... ( وليت غموضه يطول فشِعره مميّز وصباحه سكّر ...) .
- ضحكتُ وقلت أنتِ ، ألن تخبريني ما سبب أرقك بالأمس وبكائك ؟ .
- أخـبرك بـه عـلى أن يكـون سـرّاً بينـنا ، اليوم مساءً أحدّثك بكل القصّة
- مساءَ اليوم أكون في دمشق بإذن الله .
بدأت الدّموع تتجمّع في عينيها وقالت : سأشتاق إليك وربما أسهر على الشّرفة ...
- ( أقاطعها ) : بل ستسهرين معي ، سأكتب لك عنوان إيميلي وفي المساء تخبريني من خلاله ، ولا تنسي كوب القهوه نـحتسيه معاً
- ابتسمت ابتسامةً حزينةً باهتةً وتنهّدت وقالت :
- سأكون بانتظارك .
مضى الـيـوم ، ولم يـكن فيه جديد إلاّ بطاقات النّادي التي وزعتها عبير وقد زيلتها بإيميـل خـاص للاستشارات الـصحيّة "
لم يفارقني كلام مريم عن ذاك القريب البعيد ... إنّ ما تقوله مريم صائب . لماذا لا أحاول منحه فرصة التّواصل معي ؟ ربما أعرف سر هذه الفوبيا من إظهار نفسه " .
أديـر وجـهي ، عيـناه مسـمرتان باتجاهي في المقعد المجاور ........ أنشعل بتقليب كتابٍ وأتمتم ( كأنّ نظراته تقصدني ) .
- أعود صاعدة إلى البولمان بعد توقفه في استراحة حمص تلك المدينة التي تشتهر بالحلويّات ذات الجودة العاليـة والمذاق اللّذيذ واشتريت منها علبة البرازق والحلاوة بالجبن . ولكنّ هذا لا يغنيني عن فنجان القـهوة الّـذي لـم أسـتطع حـمـله ، وبـدأ الـرّكـاب يـعودون إلـى مـقاعـدهم ، فانـتابني انـزعاج لـقضاء بقيّة الطّريق بدون القهوة لكـنّ العـبارة لم تمـنحني بقـيّة الإحـساس حـتى وجـدتّ فـنجـان القـهوة يقـدّمه لي مبـتسماً ( تفضّلي ) ويكمل قوله كأنّه يعرف أننّي سأرفض : هذا ضيافةٌ من شركة الحجز .
- أخذته شاكرةً و أخذ مكانه في الكرسيّ الثّالث بمحاذاتي .
أنظر إليه وأقول في نفسي هل سمع حديثي ؟ .
يعـلو صوت التّلفاز ، وفيه يبدأ عرض فيلم أجنبيّ ، معظم الركّاب نيام وقلّةٌ مشغولون وكلانا نتابع فيلم (المذؤوب ) .........
يتوقّـف البـولمان فـجأةً ويـعلو صـوت السّائق : نعتذر للتّوقف الاضطّراري ، إنّ عطلاً أصاب المحرّك ، سننتظر بولمان آخر أَنزلَ ركّابه في حمص .
نعتذر منكم مجدّداً ونرجو لكم متابعةً شيّقةً للفيلم .
ينزل بعض الـركّاب ويتـدرّجون على الطريق قرب موقف البولمان ، إنّ الوقتٌ قـريب ٌ من الغـروب . لكنّه لم ينزل وانتبه إليّ وأنا أتابع الفيلم باهتمام .
كـانت اللّقـطات الأخـيرة عنـيفةً جـداً فـقد تحـوّل البطل إلى ذئبٍ ضـخمٍ متـوحّشٍ وهـو يشـهد حرق زوجته ووليدها ، لقد اشـتاق لـرؤيتهما حـييّن ، وهـي ما زالـت تومئ إليه بنظرات الحـبّ والاسـتسلام ، إنّه عُـرف القـبيلة ، إنّ عـقوبة مــن يتمرّد عـلى أنظمـتها وقوانينها ويتجاوزها " التعذيب بالحرق حتى الموت " . التعذيب والتنكيل لكلّ من يطالب بإنسانيّته ويطمح للحريّة ويخالف الأحكام العرفيّة .
مـزّق هـذا الذّئـب المتـوحش قـيده ،وانبـلجت أوداجـه، واسـودّ لـونه وتضـخّمت جثـّته، وبـدت أنيابه ،وبدا صدره عارياً من ثيابه ،وجلجل صـوته المكان ، عندما أسلمت زوجته وحبيبته روحها .
عند هذه اللحظات كَبُرَ عليه الألم فهجم ممزقاً رقاب المشرفين على المحرقة ولم يوقفه رصاصٌ ولا ضـربات السـيّاط ، فقـد مـات الخـوف في قـلبه وتـطاير الحقد من عينيه ومضى مذؤوباً في الحياة ...
أيـقـظ شـرودي بهـذه المـشاهد قوله : إنّ أفلام الرّعب كلّها خيالٌ وكأنّه قرأ إحساس الحزن الّذي اجتاحني .
أوجّه رأسي نـحوه وأقول له : حتى الخيال هو وليد عقولنا الباطنيّة وما يجتاحنا من مشاعر .
- ردّ علي : أنا أحبّ الأفلام الرومانسيّة ، فيها مشاعر الحبّ والدفاع لأجله وهي واقعيّة وملموسة .
- " عذراً " أنا سأتدرّج قليلاً
- سألني هل يمكنني أن أرافقكِ ؟ .
وهو يومئ بيده كي أتقدّمه ( قال بلباقة أنا اسمي خالد ، مهندس مدني )
- وأنا نور مرشدة صحيّة.
- تشرّفنا." يقولها ويسألني " :
أكنت تفضّلين فيلماً رومانسياً يرافق سفرنا على هذا الفيلم ؟
- أرد عليه : لا ... إنّ إحساسي بهذا الفيلم كإحساسي بفيلم رومانسيّ نهايته حزينة .
- يعلق : أين وجه التّشابه وكيف سكنك هذا الإحساس ؟
أرد عليه وأنا أبتسم بهدوءٍ وعينيّ تبصر البولمان القادم من بعيد :
إنّ الحب أساس العلاقات السوية بين بني البشر، وأقوى من روابط الدم والنسب، الحب إنكار للذات، وتحرر من قيود النفس.
يسمو به الإنسان إلى كل ما هو خير وجميل ، ولا يشعر بنعيمه إلا من ذاق كأسه وأصطلي بناره ، هو نبض الحياة والأمل، ومتحف المشاعر الجميلة، والأحاسيس الرقيقة، والشعور الخفي الذي يعطي الإنسان الإحساس بالوجود.
إن طاقـة الحـبّ كـبيرةّ ، مؤلِّفـة للـحياة ، بنّاءةٌ كالشّمس ، تمنح النّفـس سـكوناً ورضـىً وسـلاماً وإلـفةً .
وعلى عظمة طاقة الحبّ تـوازيهـا طاقة الكـره ، الـتي تتولّـد من تعاظم الظّلم والتّعذيب والخوف والطّمع والألم والكبت والجهل والتّعاسة، فيتحوّل الإنسان من طـاقـةٍ لإعمار الحـياة ، إلى أداةٍ ظـلاميّةٍ ، لا يشـوبها إلاّ رغبة الدمار وحبّ الانتقام .
فإن كان الفيلم الرّومانسي يلامس الواقع فإنّ هذا الفيلـم محســوس المشــاعر.
و إنّ تحـوّل البطل الشّـغوف بـالحـبّ المتيم بزوجته وطفله الذي لم يولد بصفاته الظّاهرية إلى حيوانٍ ، ليـس إلا رمـزاً لتفـجر مكـنونات الـنّفس الدّاخـلية عند الإنسان بعد أن تعاظم فيهـا الشّعـور بالـظّلم والألـم الذي هو فوق احتماله ، فيتفجّر متوحشاً ويفجّر ما حوله ، ولكلّ إنسانٍ طاقةٌ حسب الإحتمال ....
وكنا آخر من صعد إلى البولمان الجديد .