أسطورة الحق التاريخي لليهود في فلسطين بقلم:الناصر خشيني
2010-06-22
أسطورة الحق التاريخي لليهود في فلسطين
أن أكبر كذبة يعيش عليها العالم الآن هي مايسمى بالحق التاريخي لليهود في فلسطين وهي من الأباطيل الكثيرة التي يروج لها الاعلام الغربي المدفوع الثمن مسبقا دون مراعاة لأي ضمير أو خلق أو دين وذلك أن الصهاينة الذين يروجون لهذه الفرية الكبيرة هم أذناب في النهاية للمشروع الاستعماري للمنطقة الذي على أساسه يتصرف الغرب أو اليمين المسيحي المتصهين وكان من أمثال هذه الفرية ما قدم للعالم من أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل فدمر العراق شعبا وأرضا وحضارة دون وجه حق وأن حزب الله ارهابي و يخطف الجنود الصهاينة فكان العدوان الغاشم على لبنان 2006 ولكن الصهاينة دمروا واستباحوا المحرمات ولم يحققوا هدفا واحدا من عدوانهم وكان الافتراء على أهلنا في غزة حيث يحاصرون ظلما و عدوانا دون مبرر وكان العدوان عليهم عام 2009 و لم يحقق أهدافه أيضا ثم كان اطباق الحصار على غزة الى أن كان الاجرام الأخير على سفن الحرية لكسر الحصار حيث أدان العالم أجمع الكيان الصهيوني و بناء عليه لا بد أن نواصل على هذا النسق لنكشف زيف الدعاية الصهيونية و الاستعمارية القبيحة التي تدمر حياة الانسانية بلا رحمة و لا شفقة ولا بد من كشفها أمام العالم لأن ترك الاجرام الصهيوني يتمادى سيشكل خطرا على البشرية جمعاء ولذلك لابد من توضيح الحقائق أمام كل العالم وخاصة الجماهير التي اهتزت ضمائرها أخيرا أمام العنجهية الصهيونية .
وبناء عليه نقول ان الصراع حول فلسطين واقع بين أمة مقهورة و مغلوبة على أمرها هي الأمة العربية التي استقرت نهائيا على أرضها العربية منذ أربعة عشر قرنا من الزمان و كانت فلسطين جزء من هذا التكوين الاجتماعي و التاريخي للأمة العربية وبين الصهاينة وهم أناس يدعون أن لهم حقا تاريخيا في هذه الأرض منذ ثلاثة آلاف سنة استنادا الى أساطير دينية لا يقبل بها أبله فضلا عن عاقل فاليهودية ديانة سماوية شأنها شأن الديانات السماوية الأخرى تنطبق عليها ماينطبق على بقية الديانات الأخرى من قوانين التطور الجدلي وذلك أن الأديان السماوية متطورة تبعا للتطور الاجتماعي الذي ينطلق من الأسرة فالعشيرة فالقبيلة فالأمة ثم المجتمع الإنساني ككل كآخر مرحلة في التطور الاجتماعي للبشرية و تبعا لذلك كانت الديانات الأولى السابقة على الإسلام محدودة بحدودها الاجتماعية الضيقة فكانت ديانات قبلية وعشائرية حسب المنظومات الاجتماعية وقتذاك ويؤكد على هذه الحقيقة العلمية والتاريخية ما ذهب إليه القرآن الكريم عندما يشير في أكثر من موطن إلى ذلك بقوله تعالى (و لقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله ) 45 النمل و قوله تعالى ( والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ) 81 هود وقوله جل وعلا (وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ) 165 الأعراف وكانت دعواتهم مرتبطة من حيث الإعجاز بالمستوى الفكري الذي عليه القوم وهو مستوى فكري لا يزال بسيطا فمعظم المعجزات السابقة على الإسلام كانت مادية ملموسة لتناسب العقل الطفولي الذي كانت عليه البشرية حينها ومن حيث المعالجات للمشكلات القائمة كانت أيضا بسيطة الى حد ما تبعا لعدم تعقد و تطور الحياة فهي لا تعدو أن تكون دعوة الى عبادة الله و الانتهاء عن منكر يفعلونه كأهل مدين الذين يطففون الكيل و الميزان او قوم لوط الذين يرتكبون الفواحش وبذلك لم تكن دعوات الرسل قبل الاسلام عامة ولا شاملة ولا معجزاتهم عقلية مستمرة بل هي محدودة زمانا و مكانا و اهدافا ذلك أن هناك استراتيجية إلهية في تدرج الأديان ونطورها تبعا لنسق تطور المجتمعات البشرية .
ومن ذلك أن سيدنا موسى عليه السلام قد كان في وضع وسط بين القبلية القديمة والتكليف الإلهي بالتوجه برسالته الى غير قومه اذ يدعو ربه أن يشدد أزره بأخيه هارون- تناسقا مع المنحى القبلي الذي كان ولا يزال يعيشه بنو إسرائيل حتى الآن اذ تصرفاتهم في فلسطين المحتلة تؤكد طبيعتهم القبلية المتخلفة – ليتمكن من ابلاغ رسالته المنحى الجديد الذي يكلفه الله به وهو التوجه الى غير بني اسرائيل حيث كلف بتبليغ دعوته إلى شعب مصر في شخص ملكها فرعون الذي كان يدعي الربوبية قال تعالى استجابة لرغبة موسى عليه السلام (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا ) 35 القصص وتبعا لذلك كلفهما بقوله تعالى (اذهبا إلى فرعون إنه طغى) 43 طه وبذلك يكون موسى قد دشن عهدا جديدا في النبوات وهو الخروج عن النطاق القبلي الضيق الى نطاق أوسع وهو مخاطبة شعب مصر ولكن هل حافظ اليهود المعاصرون على روح رسالة موسى الداعية الى التوحيد ونبذ الطغيان اللهم لا و ممارسات الدولة الصهيونية في المنطقة العربية و العالم خير شاهد على هذه القطيعة من حيث حجم الجرائم التي ترتكبها وارتكبتها ضاربة عرض الحائط بكل الشرائع
و الأديان .
ثم تأخذ الديانات طورا آخر أكثر عموما بدعوة عيسى عليه السلام رمز الرحمة و التسامح اذ يقول عليه السلام (إذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر) و بذلك يكون قد فتح بعدا جديدا للإنسانية أكثر شمولا و عموما من رسالة موسى في نطاق التطور الجدلي للأديان من حيث التوسع في المضمون
و التوجه تهيئة للدور العظيم المناط بخاتم الرسالات رسالة سيدنا محمد عليه السلام حيث هي رسالة عامة للناس قاطبة وهكذا كان دين الله دينا عالميا عاما للبشرية قاطبة فلا يخص جنسا معينا أو هو لأمة من الأمم دون بقية الناس أو لقبيلة من دون الناس جميعا فهو لكافة الناس كما قال تعالى في محكم تنزيله : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ) 28 سبأ وهو بهذا المعنى ملكية مشتركة للبشرية جمعاء لأنه يناهض العنصرية والقبلية و التعصب و العرقية حيث أشار الرسول عليه السلام إلى أنها منتنة فلا بد من تركها استجابة لتوجيهاته عليه السلام في حين كانت بقية الديانات السماوية السابقة لا تشاركه هذه الميزة الأساسية فيه لأنها بكل بساطة موجهة لأقوام الرسل وقبائلهم وعشائرهم من دون الناس وذلك أن المجتمعات البشرية في تلك الأوقات كانت من الناحية الإجتماعية ضمن المراحل الأولى للتطور الإجتماعي انطلاقا من الأسرة فالعشيرة فالقبيلة إلى الأمة حاليا والمجتمع الإنساني مستقبلا فكانت تلك الديانات خاصة تبعا للأطوار الإجتماعية وقتها .
وكما أشرت فان رسالة موسى عليه السلام دشنت مرحلة جديدة في الخروج بالرسائل السماوية من النطاق القبلي الى النطاق الانساني الأكثر شمولا ولكن اليهود حافظوا على عقدتهم القبلية ولم يتطوروا الى حيث يهدف موسى عليه السلام برسالته الالاهية اليهم و الى غيرهم فعاشوا بعد الشتات في مجتمعاتهم التي هاجروا اليها و استقروا فيها نهائيا معزولين عن تلك المجتمعات و لم يندمجوا فيها كما تفعل كل شعوب الأرض قاطبة حيث يقع الاندماج بين الناس مهما اختلفت الديانات والعرق و اللغة لتنصهر هذه الشعوب ضمن بوتقة اجتماعية واحدة وتتأكد وحدتها في وقت المحن و لكن اليهود وهم يحملون عقدتهم القبلية الى الآن فان العرب غير مسؤولين عما جرى لهم من عنصرية ضدهم في أوروبا خلال القرون الوسطى و حيث وجدوا ملاذا آمنا في البلاد العربية و الاسلامية وقد حملتهم الأساطيل العثمانية من الأندلس الى البلاد العربية عندما اضطهدهم الاسبان و الآن يردون الفعل على تركيا بالقرصنة على السفن التركية التي جاءت في مهمة انسانية وتظهر هذه العقدة القبلية في أعمالهم في المجتمعات التي ينتمون اليها اذ لا يقومون باعمال منتجة بل يتمعشون من العمل الذي يتضمن مكسبا كبيرا ومجهودا أقل لأنهم لا يحسون بالانتماء الى تلك المجتمعات و كانوا يعيشون معزولين حتى في السكن حيث لهم جارات خاصة بهم نظرا لحالة الانغلاق القبلي التي يعيشون عليها ونراهم الآن يفرضون حصارا ظالما على غزة خوفا من تسلحها وتحقيقا لأمنهم الذي لن يتحقق مالم ينزعوا عنهم العزلة القبلية و يغادروا فلسطين و يندمجوا في مجتمعاتهم الأصلية .
لناصر خشيني نابل تونس
Email
Naceur.khechini@gmail.com
Site
http://naceur56.maktoobblog.com/
facebook
http://www.facebook.com/reqs.php?fco...?id=1150923524