بين أبي تمام والمتنبي
٩
لا حيلة لشاعرينا كما سبق في تفعيلتي العروض والضرب الثابتتين في بيت الوافر الوافي، على القَطْف: "ددن دن=مفاعَلْ=مقطوفة"، فأما سائر التفعيلات -وهي: ٤×٤٦=١٨٤ في قصيدة أبي تمام، و٤×٤١=١٦٤ في قصيدة المتنبي- فلهما إذا شاءا أن يعْصباها: "ددن دن دن=مفاعلْتن=معصوبة"، وأن يسلّماها من العصْب: "ددن دددن=مفاعلَتن=سالمة".
وفي تسليم "مفاعَلَتن" خفاء مقطع طويل (دَنْ=عَلْ)، وظهور مقطعين قصيرين (دَدَ=عَلَ). وفي عصبها "مفاعَلْتن" ظهور مقطع طويل (دَنْ=عَلْ)، وخفاء مقطعين قصيرين (دَدَ=عَلَ). والاعتماد في تسريع الإيقاع اللغوي إنما هو على ظهور المقاطع القصيرة وخفاء المقاطع الطويلة.
من ثم نستطيع قياس سرعة كلتا القصيدتين على وجه العموم، بحساب نسبة "مفاعلَتن" السالمة من عدد ما سوى "مفاعَلْ" من تفعيلات القصيدة كلها المذكور آنفا، لنجد سرعة قصيدة أبي تمام: ٨٧/١٨٤=٤٧.٢٨%، على حين كانت سرعة قصيدة المتنبي: ٨١/١٦٤=٤٩.٣٩%.
وكذلك نستطيع قياس سرعة كل فصل من فصول القصيدتين، لنجد سرعة فصل الغزل من قصيدة أبي تمام: ٣/١٢=٢٥%، وسرعة فصل الفخر: ٢٢/٤٤=٥٠%، وسرعة فصل المديح: ٥٢/١٠٨=٤٨.١٤%، وسرعة فصل الشكر: ١٠/٢٠=٥٠%- وسرعة فصل الأطلال من قصيدة المتنبي: ٢/١٢=١٦.٦٦%. وسرعة فصل الغزل: ١٩/٤٠=٤٧.٥٠%، وسرعة فصلي المديح مجموعين: ٤٨/٩٦=٥٠%، وسرعة فصل الشكر: ١٢/١٦=٧٥%.
وفي كل من ذلك من أسرار البيان الشعري، ما يستحق الانقطاع فيما يأتي لسبر غوره وكشف ستره.