منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1

    الضرورات الشعرية {إشباع الحركات }

    الضرورات الشعرية {إشباع الحركات } /توفيق الخطيب
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الشعر نوع خاص من الأدب يختلف عن غيره باعتماده وزنا موسيقيا يجعله أسهل حفظا وأكثر قبولا وانتشارا, وبسبب خصوصيته فقد تفلت أحيانا من قواعد النحو , ولكن ذلك لم يبق من غير ضوابط بحيث يصبح الشعر ركيكا بعيداً عن قواعد اللغة العربية .
    وقد عرف الشواذ المتعلق بالشعر بالضرورات الشعرية , وقد قسمت إلى ثلاثة أقسام
    1- عيب غير مقبول لايجوز للشاعر استخدامه .
    2- عيب قبيح مقبول يستخدمه الشاعر للضرورة القصوى .
    3- عيب مقبول يستخدمه الشاعر بلا حرج عند الضرورة .
    وأنا أريد أن أشرح هنا ماقد اعترضني في مشاركاتي في هذا الملتقى الجميل , وهو مايتعلق بإشباع الحركات , حيث يحق للشاعر بلا حرج أن يشبع حركة الأحرف بحيث تصبح الفتحة ألفاً والضمة واواً والكسرة ياءً .
    إن هذه الضرورة نصادفها كثيراً في العروض والضرب من البيت الشعري حيث يشبع الشاعر الحركة ليتولد منها حرف مد ومثال ذلك في معلقة عمرو بن كلثوم حيث مد معظم حروف الروي في قافيتهُ كقوله :
    على آثارنا بيض كرام == نحاذر أن تفارق أو تهونا
    وكقول مجنون ليلى :
    ألا ليت شعري مالليلى وماليا === وماللصبا من بعد شيب علانيا
    وفي القصيدة التي نشرتها في هذا الملتقى بعنوان تعلم طبخ العصافير والظباء ومنها البيت التالي :
    بعضنا يهوى النفاق كاذباً == يمدح الأكل وفي اللحم شرقْ
    سألني صديقي الشاعر المبدع صالح طه في مداخلته هل يجوز إشباع القاف ؟ وقد أجبته حينذاك أنني لم أشبع القاف وإنما استفدت من جواز الكف في بحر الرمل , وفي الحقيقة فإن جواب سؤاله هو نعم يجوز إشباع حركة القاف لتصبح الكلمة النفاقا , بل يجوز إشباع حركات كل الأحرف الهجائية إذا كان الوزن يتطلب ذلك .
    ومن ذلك قول الشاعرمسكين الدارمي ربيعة بن عامر بن أنيف وقد أشبع حركة الخاء والهاء في هذا البيت :
    أخاك أخاك إن من لاأخا لهو === كساعٍ إلا الهيجا بغير سلاحِ
    ولو لم يشبع حركة الخاء لانكسر الوزن الشعري .
    والإشباع يكون أكثر في الضمائر كقول الشاعر وقد أشبع الهاء :
    جاء الربيع ببيضه وبسوده == صنفان من ساداته وعبيده
    وأحيانا تؤدي هذه الضرورة الشعرية إلى مخالفة قواعد النحو وخاصة في حالة الفعل المضارع المعتل الآخر حيث يمنتنع الشاعر من حذف حرف العلة في حالة الجزم كقول قيس بن زهير العبسي :
    ألم يأتيك والأنباء تنمي == بما لاقت لبون بني زياد
    والأصل أن يقول ألم يأتك
    وكذلك هذا البيت الذي ينسب لأبي حنيفة
    قال لها من تحتها وما استوى === هزّي إليك الجذع يجنيك الجنا
    فلم تحذف الياء في يجنيك على أنها جواب الطلب المجزوم
    أو كقول الشاعر ولم يحذف الواو في فاكسوهما على أنه فعل أمر
    أبا واصل فاكسوهما حلّتيهما== فإنكــما إن تفعلا فتيان
    وكذلك قول الشاعر عبد الله بن عمر العرجي وهو شاعر أموي وله بيت مشهور هو
    أضاعوني وأي فتى أضاعوا = ليوم كريهة وسداد ثغر
    وأما الشاهد فهو في قوله
    فقلت لها إن لم أمت أو تعوقني = مقادير عما تشتهي النفس تعدلُ
    تزورك عَيسٌ يعتسفن بي الملا = على الأيْنِ أطلاحٌ تُنَصُّ وتَذْمُلُ
    فترك حذف واو تزورك المجزومة على أنها جواب الشرط .
    وأنا أريد أن أنبه هنا أن ذلك لايعني عدم جزم الفعل المضارع فهو مجزوم في الأمثلة أعلاه وإنما أشبع الشعراء الحركة بعد الجزم لتصبح حرف مد لضرورة الوزن .
    فهذه الأفعال مجزومة ولم يحذف حرف العلة منها لضرورة الشعر .
    كما أن هناك من علماء النحو من يقول أن علامة جزم الفعل المضارع المعتل الآخر هي السكون عوضا عن حذف حرف العلة وهذا الرأي يصبح قويا في الشعر باتحاده مع الضرورة الشعرية .
    والمسألة الأخرى التي تتعلق بهذا البحث فهي أن إشباع الحركة أو الإمتناع عن إشباعها أمره يعود إلى الشاعر وإلى الوزن حيث يلحق الوزن بالشعر ولايلحق الشعر بالوزن .
    وهذا الأمر قد اعترضني في قصيدتي لمسة حب بالحلال تفضح أسرارها حيث اعترض د. أحمد حسن المقدسي على الوزن في الشطر الذي أقول فيه
    والليل يمضي في صلاته قائماً
    وفي الحقيقة أنا لم أشبع الهاء في صلاته حتى ينكسر الوزن وهناك الكثير من الأمثلة التي لم يشبع الشعراء فيها الهاء في قصائهم وأعود لإثباتها هنا
    كقول السموأل في قصيدته الشهيرة ولم يشبع الهاء في كلمة بقاياه في بيته الذي يقول فيه
    وماقل من كانت بقاياه مثلنا == شباب تسامى للعلا وكهول
    ولو أشبعها لانكسر الوزن
    وكذلك قول الشاعر البحتري ولم يشبع الهاء في فيه
    أظهرت عز الدين فيه بجحفلٍ = لجب يحاط الدين فيه وينصر
    وهذا البيت شبيه ببيتي من حيث البحرالشعري وموقع الهاء .
    ثم كان تعليق الأستاذ يوسف أبو سالم حيث قال :
    إن الهاء تكسر إيقاع البيت الشعري وإن لم تكسر الوزن
    فحين نقرأ هذه الهاء في صلاته
    فلا بد أن نقرأها ( خطفا ) سريعا هكذا ....( تِهِ قائما )
    ولم تأخذ الهاء حقها في القراءة الصحيحة حتى لا يكسر الوزن <انتهى الاقتباس>
    فعدت لإدراج بعض الأمثلة الأخرى الأكثر وضوحا وهي
    لابن الشبل
    يفني البخيل بجمع المال مدته = وللحوادث والأيام مايدع
    كدودة القز ماتبنيه يهدمها == وغيرها بالذي تبنيه ينتفع
    وللشيخ ناصيف اليازجي
    تضيق بحار الشعر عنه وتستحي = ببحر لها في بحر كفيه غارقِ
    وفي الحقيقة فإن رأي الاساتذة الكرام صحيح من ناحية الإيقاع الموسيقي للوزن فبالرغم من سلامة الوزن عروضيا إلا أن المتلقي الذي يقرأ القصيدة سيشعر باختلال في الإيقاع الموسيقي وذلك لأنه لايسمع القصيدة من فم الشاعر ولذلك فقد عدلت البيت ليصبح كما يلي :
    وإذا سجى ليلٌ تهجَّد قائما ً

    هذا كل مايتعلق بهذا البحث بانتظار آرائكم القيمة .

    توفيق الخطيب
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: الضرورات الشعرية {إشباع الحركات }

    http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=5231

    ** الضرورة الشعرية ومفهوم الانزياح**
    لـ أحمد محمد ويس


    ثمة ما يشبه الاتفاق على أن للشعر لغة خاصة تمتاز بسمات معينة (وربما غير معينة أيضاً) تميزه من لغة النثر. والإقرار بهذا يعني أنّ الحكم على لغة الشعر ينبغي أن ينبثق من إدراك لطبيعة لغة الشعر دونما تحكيم لمعايير لغة النثر، لأن مثل ذلك التحكيم يؤدي إلى أن تفقد اللغة الشعرية الكثير من سماتها.

    ولعل أكثر ما يمكن أن ينطبق على لغة الشعر هو أنها لغة النفس بكل ما في النفس من توتر وانفعال، في حين أنّ لغة النثر أقرب إلى برود العقل. ومن الممكن أن نَسِم لغة الشعر بأنها لغة انفعالية، ولغة النثر بأنها تعاملية أو منطقية[1]، ففي اللغة الانفعالية "يقتصر الاهتمام [على] إبراز رؤوس الفكرة؛ فهي وحدها التي تطفو وتسود الجملة، أما الروابط المنطقية التي تربط الكلمات بعضها ببعض، وأجزاء الجملة بعضها ببعض فإمّا ألاّ يُدَلّ عليها إلا دلالة جزئية بالاستعانة بالتنغيم والإشارة إذا اقتضى الحال، وإمّا ألاّ يُدَلّ عليها مطلقاً ويترك للذهن عناء استنتاجها. هذه اللغة المتكلمة تقترب من اللغة التلقائية، ويطلق هذا الاسم على اللغة التي تنفجر من النفس تلقائياً تحت تأثير انفعال شديد، ففي هذه الحالة يضع المتكلم الألفاظ الهامة في القمة، إذ لا يتيسر له الوقت ولا الفراغ اللذان يجعلانه يطابق فكرته على تلك القواعد الصارمة قواعد اللغة المتروية المنظمة، وعلى هذا النحو تتعارض اللغة الفجائية مع اللغة النحوية"[2]

    وإذا كان صحيحاً ما قاله ووردز وورث (1770-1850م) من "أن الشعر يتضمن الانفعال بصفة دائمة"[3] فإن الصحيح أن" لكل انفعال نبضه االخاص [و] أنماطه التعبيرية المميزة له"[4] على حدّ قول كولريدج (1772-1834م).

    والحق أننا نروم من خلال إيراد مثل هذا الكلام ههنا الخلوص إلى أن ماشاع عند القدامى من نحويين وبلاغيين ونقاد مما سمّي "الضرورة الشعرية" كان في القسم الكبير منه مظهراً من مظاهر لغة الشعر التي يحلّق الشاعر بها ومن خلالها في فضاء رحيب من الخيال غير ملتزم بما يسمى قيود اللغة، إذ الشاعر الحق هو من يطوع تلك القيود لفنه، فكأنه بذلك يجاوزها. ولعل هذا ما دعا أبا العتاهية كي يقول في غير قليل من الأنفة: "أنا أكبر من العروض"[5] وكأنه يريد القول إن العروض لا يمكن إن يقف حائلاً دون أن يعبر عما يريد وبما يريد. فإذا وقف حائلاً فلا عليه إنْ هو ابتدع لنفسه عروضاً آخر.

    ولكننا لا ينبغي أن نغتر بكلام أبي العتاهية على إطلاقه، فنظن بأن من السهل على الشاعر أن يكون أكبر من العروض، كما لا ينبغي الظن بأن الشعر سهل المسالك خال من القيود، فليس الأمر كذلك، وليس ثمة فن يخلو من قيود.. لا بل إن هناك من يرى أن الفن "لا يحيا بغير قيود"[6] ولكنها القيود التي تؤدي إلى غنى القن لا إلى تجميده. وهكذا فإن القافية- وهي مما جرى اعتباره ضمن القيود-" كثيرا ما تسوق الشاعر إلى معنى لم يكن بباله" [7] كما قال مندور. وطبعاً فإن مثل هذا المعنى إنما يتصيده المتلقي أو يلوح للمبدع نفسه بعد أن يفرغ مما كتب.

    وعلى الرغم من أن كلام مندور لا يؤدي حتماً إلى الوقوع في الضرورة فإن مجرد التفاته إلى أن القافية هي من قيود الشعر يصلنا برؤية العلماء القدامى التي كانت تعتبر الوزن والقافية قيدين ترتبط بهما "الضرورة" ارتباط النتيجة بالسبب، أو هذا ما يقوله المبرد: "فالوزن يحمل على الضرورة، والقافية تضطر إلى الحيلة"[8] وعلى مثل هذا النحو كانت نظرة كثير من القدامى فهي عند بعضهم رخصة" [9] وعند بعضهم الآخر "خطأ" أو "غلط" أو "شذوذ" [10] وهي عند أبي هلال العسكري "قبيحة" إذ يقول "وينبغي أن يجتنب ارتكاب الضرورات، وإن جاءت فيها رخصة من أهل العربية؛ فإنها قبيحة تشين الكلام وتذهب بمائه، وإنما استعملها القدماء في أشعارهم لعدم علمهم بقباحتها، ولأن بعضهم كان صاحب بداية. والبداية مزلة، وما كانوا أيضاً تُنْقَد عليهم أشعارهم، ولو قد نُقدت وبُهرج منها المعيب كما تنقد على شعراء هذه الأزمنة ويبهرج من كلامهم ما فيه أدنى عيب لتجنبوها"[11]

    ولا يبدو مقنعاً تسويغ أبي هلال لورود الضرورة عند القدامى. وهو إلى عدم إقناعه فيه اتهام خفي لذوقهم الشعري. ولا يبعد ابن رشيق عن هذا الاتجاه فيرى أن"لاخير في الضرورة، غير أنّ بعضها أسهل من بعض ، ومنها ما يسمع عن العرب ولا يعمل به لأنهم أتوا به على جبلتهم. والمولَّد المحدث قد عَرف أنه عيب. ودخوله في العيب يُلزمه إياه. [12]

    وليس ثمة حاجة إلى إيراد مزيد من النصوص، إذ يبدو أن هذه النظرة إلى"الضرورة الشعرية" كانت شائعة قديماً سواء عند أهل العروض أو عند أهل اللغة أو النحو أو البلاغة، فالشعر عندهم موضع اضطرار، أو أسير الوزن . والوفاء للوزن قد يقتضي من الشاعر أن ينحرف بالكلمة أو بالتركيب عما تقتضيه قواعد اللغة من نحو وصرف. والنتيجة التي يؤدي هذا الفهم إليها هي أن الوزن قيد يحد من حرية الشاعر. ولكنها نتيجة تلحق بالوزن وصمة ينبغي ألاّ تكون له. وكان من الممكن أن ينظر إلى هذه التي دعوها "ضرورة" على أنها سمة من سمات اللغة الشعرية. ولكنهم ما فعلوا ذلك، فكان هذا الوصف بالضرورة" وصمة وصموا بها الشعر العربي عن حسن نية منهم" [13]

    ولقد حاول بعض المحدثين أن ينأى "بالضرورة" عما حُمّلت به، فرأى كمال بشر -مثلاً- أنها"ليست من باب الخطأ، كما يظن بعض الناس.[وإنما هي] تجيء على قاعدة جزئية تختلف مع القاعدة التي سموها قاعدة عامة، أو تجيء على وفاق لهجة من اللهجات، أو تجيء على وفاق مستوى لغوي معين..."[14]

    ويفسر أحمد مختار عمر لجوء النحاة إلى الوصف بـ"الضرورة" علىأنه مخرج لهم حين تعجزهم الحيل عن إيجاد علة منطقية لتفسيرها، "فأطلقوها دون قيد، لتكون سيفاً مصلتا وسلاحاً يشهرونه في وجه كل بيت يخالف قواعدهم ويعجزون عن تخريجه، فيجدون المخلص في هذا الوصف السهل يلقونه دون نظر أو تفكير"[15]

    ولكنّ هذا القول لا يخلو من حيف، فنحن نرى أن النحاة ما انفكوا عن النظر والتفكير، بيد أن المعيارية هي التي غلبت عليهم، وهي التي حرصوا عليها، فكان الوصف بالضرورة من مظاهر هذه المعيارية.

    ومهما يكن من أمر هذه المعيارية فإن النظرة إلى الضرورة الشعرية لم تكن على نحو واحد؛ فقد يكفي أن نقرأ للخليل بن أحمد كلاماً يلامس فيه ما ينبغي أن يتسم به الشاعر من حرية وامتياز، إذ يقول: "والشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنى شاؤوا، ويجوز لهم مالا يجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده... ومد المقصور وقصر المددود، والجمع بين لغاته،والتفريق بين صفاته، واستخراج ما كلّت الألسن عن وصفه ونعته، والأذهان عن فهمه وإيضاحه، فيقرّبون البعيد ويبعّدون القريب ويُحتج بهم ولا يحتج عليهم ويصورون الباطل في صورة الحق، والحقّ في صورة الباطل"[16]

    ويعلّق حازم على هذا بالقول: "فلأجل ما أشار إليه الخليل رحمه الله من بعد غايات الشعراء وامتداد آمادهم في معرفة الكلام واتساع مجالهم في جميع ذلك، يحتاج أن يحتال في تخريج كلامهم على وجوه من الصحة، فإنهم قلما يخفى عليهم ما يظهر لغيرهم، فليسوا يقولون شيئاً إلا وله وجه، فلذلك يجب تأوُّل كلامهم على الصحة، والتوقف عن تخطئتهم فيما ليس يلوح له وجه،وليس ينبغي أن يعترض عليهم في أقاويلهم إلا مَن تُزاحم رتبتُه في حسن تأليف الكلام وإبداع النظام رتبتَهم"[17]

    والحق أن كلام الخليل هذا فريد في بابه، وكان منتظراً له أن يتكرّر بقوة أكبر عند تلميذه سيبويه ، ولكن هذه القوة لم تحدث. وعلى الرغم من ذلك فإن سيبويه قد عقد للضرورة باباً سمّاه "باب ما يحتمل الشعر"[18]

    والذي يمكن استخلاصه من كلام سيبويه هوأنه أدرك ان للشعر لغة خاصة به يقع فيها الذي لا يقع في الكلام العادي، ويقول: "اعلم أنه يجوز في الشعر مالا يجوز في الكلام من صرف مالا ينصرف، ويشبهونه بما ينصرف من الأسماء لأنها أسماء كما أنها أسماء. وحذف مالا يحذف، ويشبهونه بما قد حذف واستعمل محذوفاً"[19] ثم قال بعد أن أورد جملاً مما يجوز في الشعر دون الكلام: "ليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهاً "[20]. والظاهر من هذا أن سيبويه يقر بوقوع الضرورة، ولكنه يشير إلى إمكان تسويغها على وجه من الصواب؛ أي أن سيبويه يجهد في ألاّ يُخَطَّأ الشاعر. فإذا تقدمنا في الزمن قليلاً وجدنا ابن قتيبة يُضيِّق ما رآه الخليل واسعاً، فتراه يقول: "وقد يضطر الشاعر فيقصُر الممدود، وليس له أن يمد المقصور. وقد يضطر فيصرف غير المصروف، وقبيح ألاّ يصرف المصروف... وأما ترك الهمز من المهموز فكثير واسع لا عيب فيه على الشاعر. والذي لا يجوز أن يهمز غير المهموز:.[21]

    وهكذا اختصر ابن قتيبة مجال الحرية إلى النصف ممّا كان عند الخليل. وتبقى الخشية قائمة من مثل هذا الاتجاه العام نحو التضييق على الشاعر، والتقعيد للغة الشعرية.

    وعلى الرغم مّما يمكن أن نجده من سطوة هذا التضييق عند بعض اللغويين والنقاد فإن ذلك لا يعني أن كل النقاد أخذوا بمثل هذا التضييق أو ساروا في ركبه، ولذلك فلسنا نوافق مصطفى ناصف في تعميمه الجازم حين قال: "فالمخالفات النحوية اعتبرت على أيدي النقاد جميعاً هفوات، ذلك لأن الشعر ينبغي ألا يخرج على حدود المستوى الأول أو الصورة الوهمية السابقة، ومن أجل ذلك تعقبوا ما سمّوه سقطات المتنبي وسقطات الجاهليين"[22]؛ لا نوافقه، لأنا سنرى وشيكا، إضافة إلى ما رأينا عند الخليل، أن عدداً من العلماء القدامى فهموا الضرورة على غير ما يوحي به اسمها؛ أي على أنّ استعمالها لايكون اضطرارا دائماً وإنما هي تأتي في أحايين كثيرة على نحو اختياري حرّ مقصود في ذاته؛ فقد ورد التعريف بالضرورة على أنها "ما وقع في الشعر دون النثر، سواء كان للشاعر عنه مندوحة، أم لا"[23]؛

    أي أن الشاعر إذا وقع فيما يسمى بالضرورة وكانت له عنها مندوحة فهذا يعني أنه يقصد إليها قصدا، وأن له من ورائها غاية فنية أو غير فنية.

    ويبدو للباحث أن ما جاء به ابن جني في أمر الضرورة كان ذا أهمية بالغة . وعلى الرغم مّما قد يبدو فيه من عدم اتساق، فإن خلاصة كلامه تؤدي به إلى أن يُسلَك ضمن هذا الاتجاه الذي يمثل التعريف الآنف أحسن تمثيل.

    يرى ابن جني أن "الشعر موضع اضطرار، وموقف اعتذار، وكثيراً ما تُحرّف فيه الكلم عن أبنيته،وتحال فيه المثل عن أوضاع صيغها لأجله"[24] وهكذا فإن "عطية" تصير "عطاء" في قول الشاعر:

    أبوك عطاء ألأم الناس كلهم

    فقبّح من فحل وقبِّحتَ من نجل

    وواضح أن ابن جني ههنا يميل إلى اعتبار الشعر موضع اضطرار. فأما سبب الاضطرار فلعله من دون شك الوزن وإن لم يصرّح بذلك هنا. ويكاد ابن جني في هذا النص يكرر ما رأيناه عند سيبويه؛ فهو مع ذهابه إلى أن الشعر موضع اضطرار يرى إمكانية الاعتذار . ولعل من الاعتذار أن تُحمل الضرورة على وجه من الصواب مثلما ذهب سيبويه.

    على أن لابن جني رأياً آخر في الضرورة يذهب فيه إلى أن العرب تركبَ الضرورة مع قدرتها على تركها، وهي " تفعل ذلك تأنيساً لك بإجازة الوجه الأضعف لتصح به طريقك، ويرحُب به خناقك إذا لم تجد وجها غيره، فنقول : إذ أجازوا نحو هذا ومنه بدّ وعنه مندوحة، فما ظنك بهم إذا لم يجدوا منه بدلا، ولا عنه معدلا، ألا تراهم كيف يدخلون تحت قبح الضرورة مع قدرتهم على تركها؛ ليُعِدّوها لوقت الحاجة ؛إليها[25]، ثم يستشهد على ذلك بجملة أبيات من الشعر يعلّق بعد كل واحد منها بأن الوزن ليس هو ما ألجأ الشاعر إلى الضرورة؛ وإنما كان ذلك منه رغبة في الاعتياد عليها[26] حتى يكون وقعها عند ارتكابها اضطراراً أخف على الناس وطأة مّما لو لم يعتادوا سماعها.

    ويذهب ابن جني إلى أبعد من ذلك حين يرى أن مرتكب الضرورة يرتكبها لا عن ضعف وعجز، وإنما عن قوة طبع وفيض، ويقول: "فمتى رأيت الشاعر قد ارتكب مثل هذه الضرورات على قبحها، وانخراق الأصول بها، فاعلم أن ذلك على ما جَشِمه منه، وإن دل من وجه على جوره وتعسفه،فإنه من وجه آخر مؤذن بصياله، وتخمطه [أي تكبره]، وليس بقاطع دليل على ضعف لغته، ولا قصوره عن اختيار الوجه الناطق بفصاحته، بل مَثَله في ذلك عندي مثل مُجري الجَمُوح بلا لجام، ووارد الحرب الضروس حاسراً من غير احتشام. فهو وإن كان ملوما في عنفه وتهالكه، فإنه مشهود له بشجاعته، وفيض مُنَّتِه؛ ألا تراه لا يجهل أن لو تكفر في سلاحه، أو اعتصم بلجام جواده لكان أقرب إلى النجاة ، وأبعد عن المَلْحاة لكنه جشِم ما جشِمه على علمه بما يعقب اقتحام مثله، إدلالا بقوة طبعه, ودلالة على شهامة نفسه"[27] وإذن فإنما شأن الشاعر في ارتكاب الضرورة اختياراً شأنُ المغامر في ركوبه المخاطر، فهو، إذلا يبالي بالمخاطر، فلأنه يحصل على لذة مضاعفة تنسيه الخطر. ولعل اللذّة لم تأته إلا لأنه في مغامرته راد عالماً مجهولاً، وحصّل تجربة جديدة ما كان ممكناً بغير المغامرة تحصّلها.

    وإذ يرى ابن جني أن الشاعر لم يرتكب الضرورة مضطراً بل حراً مختاراً، فإنه بعد قليل من كلامه ذاك يذكر أن انجلاء المعنى في ذهن الشاعر يجعله حين يقع فيها غير مدرك لها" فكأنه لأنسه بعلم غرضه وسفور مراده لم يرتكب صعباً، ولا جشم إلا أَمماً، وافق بذلك قابلاً له، أو صادف غير آنسٍ به، إلا أنه هو قد استرسل واثقاً، وبنى الأمر على أنه ليس ملتبساً"[28]

    هما إذاً تفسيران يعرضهما ابن جني لارتكاب ما سميّ بالضرورة: تفسير يجعل الشاعر واعياً بما يفعل، ومدلاً بقوة طبعه، وآخر يجعله غير واع يما يفعل حين تنثال عليه الألفاظ فيصوغها في شكل يظنّه واضحاً لغيره مثلما هو واضح في نفسه. على أن المهم في كلام ابن جني ميلُه العامّ إلى اعتبار ما سمي بالضرورة أمراً سائغاً للشاعر ارتكابه، خاصة من كان ذا فصاحة واقتدار لغويّ. وهو بعد أن يستعرض جملة من الضرائر يقول : "إذا جاز هذا للعرب من غير حصر ولا ضرورة قول كان استعمال الضرورة في الشعر للمولدين أسهل وهم فيه أعذر" [29]

    وربما أمكن عقد صلة بين ما يقوله ابن جني هنا وبين بحثه في "شجاعة العربية" فالضرورة ما هي إلا مظهر من مظاهر هذه الشجاعة.

    وثمة من شارك ابنَ جني رأيه في الضرورة؛ فقد ورد عن معاصره أبي الطيب المتنبي أنه قال: "قد يجوز للشاعر من الكلام مالا يجوز لغيره، لا للاضطرار إليه، ولكنْ للاتساع فيه واتفاق أهله عليه، فيحذفون ويزيدون"[30] وقال: " وللفصحاء المدلين في أشعارهم مالم يسمع من غيرهم..."[31] وليس بمستغرب على مثل أبي الطيب أن يصدر عن مثل هذا الرأي، وهو المبدع الذي نشد الحرية وانطوى على شعور مَن أيقن أن اللغة ملك له.

    وفي هذا العصر نفسه نلفي لغوياً آخر هو حمزة بن حسن الأصفهاني (ت360هـ) لا يكتفي بأن يقرّ الضرورة فحسب، بل هو يعدها وسيلة من وسائل نماء اللغة وغناها، وعلى الرغم من أنه يرى أن الضرورة سببها ما في الشعر من مضايق يرى أن الشعراء يبتكرون بسبب من هذه المضايق صيغا ومفردات تدخل متن اللغة وتزيد في غناها. ويذهب الأصفهاني في سبيل توكيد ذلك إلى القول بأن علماء الآزادمرية إذ "ألْفوا لغات جميع الأمم... لا يتولد فيها الزيادات والنماء على مرور الزمان... وجدوا اللغة العربية على الضد من سائر لغات الأمم، لما يتولد فيها مرة بعد أخرى وأن المولد لها قرائح الشعراء الذين هم أمراء الكلام، بالضرورات التي تمر بهم في المضايق التي يدفعون إليها عند حصر المعاني الكثيرة في بيوت ضيقة المساحة، والإقواء [اي الإحراج] الذي يلحقهم عند إقامة الثواني التي لا محيد لهم عن تنسيق الحروف المتشابهة في أواخرها، فلا بد من أن يدفعهم استيفاء حقوق الصنعة إلى عرض اللغة بفنون الحيلة، فمرة يعسفونها بإزالة أمثلة الأسماء والأفعال عما جاءت عليه في الجبلة -لما يُدخلون من الحذف والزيادة فيها- ومرة بتوليد الألفاظ على حسب ما تسمو إليه هممهم عند قرض الأشعار"[32]

    ثم يورد الأصفهاني بعدئذ عدداً من الألفاظ التي ولَّدها الشعراء القدامى ولم يكن لها في اللغة وجود، فيقول: "أمّا ما خرج إلى الوجود بالتوليد فكثير... يدل عليه قليل ما نحكي منه. فمن ذلك قول النابغة:

    إلا الأواريّ لأيا ما أبيّنها

    والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

    فزعم الرواة والعلماء بالشعر أنه أول من سمّى الأرض مظلومة؛ وهي التي حفر فيها ولم تكن قبل ذلك محفورة"[33]

    ومن ذلك أيضاً ألفاظ "الشكم " و"الشكد" و"الشكب" التي صارت لغات في "الشكر" بعد أن استعمل طرفة الأولى والثانية في قصيدتين له: قافية الأولى "ميم" وقافية الثانية "دال" واستعمل مزرد الثالثة.[34]

    وعلى الرغم من أن ابن رشيق رأى كما مرّ معنا سابقاً "أنه لا خير في الضرورة" فإنه يقع فيما يشبه الاستدراك على نفسه حين يختتم حديثه عن "الرخص في الشعر" بعرض" أشياء من القرآن وقعت فيه بلاغة وإحكاما لاتصرفا وضرورة "[35]

    والذي نريده ههنا أنه قال عقب هذا القول رأسا: "فإذا وقع مثلها [يعني الأشياء] في الشعر، لم ينسب إلى قائله عجز ولا تقصير، كما يظن من لا علم له ، ولا تفتيش عنده؛ من ذلك أن يذكر شيئين، ثم يخبر عن أحدهما دون صاحبه اتساعاً، كما قال عز وجل: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها)*

    أو يجعل الفعل لأحدهما ويشرك الآخر معه، أو يذكر شيئاً ، فيقرن به ما يقاربه ويناسبه ، ولم يذكره، كقوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)(**) وقد ذكر الإنسان قبل هذه الآية دون الجان وذكر الجان بعدها. وقال المثقب العبدي:

    فما أدري إذا يممت أرضاً

    أريد الخير، أيهما يليني


    أَأَلخير الذي أنا أبتغيه

    أم الشر الذي هو يبتغيني

    فقال: "أيهما" قبل أن يذكر الشيء؛ لأن كلامه يقتضي ذلك... ومن ذلك إضمار ما لم يذكر جلّ اسمُه : (حتى توارت بالحجاب) (***)

    يعني الشمس... وقال حاتم:

    أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى

    إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر


    يعني النفس. وحدف"لا" من الكلام وأنت تريدها كقوله تعالى: (كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم)(****)

    (أي : ألا تحبط) وزيادة "لا" في الكلام كقوله سبحانه : (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) (*) فزاد "لا"؛ (لأنهم لا يؤمنون)... وقال جل اسمه: (وما منعك ألا تسجد)(**) أي: ما منعك أن تسجد... وقال أبو النجم العجلي:

    فما ألوم البيض ألا تسخرا

    يريد: "أن تسخرا..."36

    ليس على ابن رشيق حرج في أن يؤدي القياس به وبغيره أيضاً إلى اعتبار مثل هذه الأشياء التي جرت العادة أن تحمل على الضرورة في الشعر، مظهراً من مظاهر البلاغة والفصاحة فإن مجرد ورود مثلها في القرآن -وهو الذروة في البلاغة والفصاحة والمثال الذي يحتذى -كاف في تسويغها بل عدّها من مظاهر القوة الشعرية أيضاً.

    ثم نلتقي بعد نحو قرنين من عصر ابن رشيق بابن عصفور (ت669هـ)؛ فنراه يفتتح كتابه "ضرائر الشعر" بالقول: "إن الشعر لما كان موزوناً... أجازت العرب فيه مالا يجوز في الكلام؛ اضطروا إلى ذلك أم لم يضطروا إليه ، لأنه موضع ألفت فيه الضرائر"37

    وبحسبنا من هذا القول التفاتته إلى أنّ ما لا يجوز في الكلام قد يأتي في الشعر دونما اضطرار إليه؛ لأن هذا الذي لا يجوز في الكلام هو مما يقوم عليه الشعر حتى لكأن وروده في الشعر صار أمراً مألوفاً. ولعل هذا هو مؤدّى قوله: إن الشعر"موضع ألفت فيه الضرائر".

    ونلتقي في هذا العصر بنحوي آخر وهو ابن مالك (ت672هـ) فنراه قد ضيّق من مفهوم الضرورة، إذ هي عنده "ماليس للشاعر عنه مندوحة"38 فأما ما لا يؤدي الوزن والقافية إليه فليس هو من الضرورة في شيء. وعلى ذلك فإن دخول "أل" على الفعل في قول الشاعر:

    يقول الخنى وأبغض العجم ناطقاً

    إلى ربنا صوت الحمار اليجدع


    وفي قول الآخر:

    وليس اليَرى للخلّ مثل الذي يرى

    له الخل أهلاً أن يعد خليلا


    هو دخول اختياري39 وفي هذا يقول ابن مالك : "وعندي أن مثل هذا غير مخصوص بالضرورة لإمكان أن يقول الشاعر: صوت الحمار يجدع، وما مَن يرى للخل، وإذا لم يفعلوا ذلك مع الاستطاعة ففي ذلك إشعار بالاختيار وعدم الاضطرار"40

    ويبدو أنّ ما أدّى بابن مالك إلى أن يضيِّق من مجال الضرورة هو منهجه في الاعتداد باللهجات المختلفة والقراءات القرآنية والحديث النبوي؛ فإذا ورد من هذه شيء مما يقول النحاة عن نظيره إنه من الضرورة لا يعده هو كذلك، بل يعيد كل ظاهرة إلى أصلها، وقد نص على أنه لهجة قبيلة معينة، وضرورة عند غيرهم.41 وعلى ذلك فإن ابن مالك لا يسدّ باب الضرورة وإنما يضيقه.

    بيد أن رأي ابن مالك لم يسلم من النقد الشديد من بعض المتأخرين كأبي حيان (ت745هـ).والشاطبي ( ت790 هــ) . وقد نقل السيوطي عن أبي حيان قوله في ابن مالك إنه "لم يفهم معنى قول النحويين في ضرورة الشعر، فقال في غير موضع: ليس هذا البيت بضرورة، لأن قائله متمكن من أن يقول كذا... الضرورة إنما هي دليل قصور من الشاعر، ولكنه القصور القابل لإمكانية التصحيح.

    ويشير الشاطبي في معرض رده إلى أمر مهم جداً، وهو "أنه قد يكون للمعنى عبارتان أو أكثر، واحدة يلزم فيها الضرورة إلا أنها مطابقة لمقتضى الحال، ولا شك أنهم في هذه الحال يرجعون إلى الضرورة؛ لأن اعتناءهم بالمعاني أشدّ من اعتنائهم بالألفاظ"42 فههنا مهمة إشارة إلى أن الضرورة قد جاءت اختيارا وأن من ورائها غاية معنوية.

    ونقف أخيراً على كلام لبهاء الدين السبكيّ (ت763هـ) يتضح فيه جلياً أن ما قد يعدُّ ضعيفاً وغير فصيح في الكلام النثريّ قد يعد في الشعر على خلاف ذلك قوياً وفصيحاً. وقد عرض السبكي لهذا الرأي في سياق حديثه عن عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة في مثل "ضرب غلامه زيدا". ويقول: "وقد اختلف في جواز ذلك، فالجمهور على منعه، وجوزه أبو الحسن والطُّوال وابن جني وابن مالك مستدلين بقوله:

    جزى ربه عني عدي بن حاتم

    جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

    ثم قال: "وأعلم أن المصنف [يعني القزويني] والشراح [يعني شراح التلخيص] قالوا: إنما كان ضعيفاً لأن ذلك ممتنع عند الجمهور، ولا يجتمع القول بضعفه وكونه غير فصيح مع القول بامتناعه، فإن أرادوا أنه جائز ولكنه ضعيف لأن الأكثر على امتناعه... فلا يلزم من القول بجواز مامنعه الجمهور الاعتراف بضعفه، فربما ذهب ذاهب إلى جواز شيء مع فصاحته مع ذهاب غيره إلى امتناعه... وعليه اعتراض ثان وهو أن هذا على تقدير جوازه وضعفه ليس مثالاً صحيحا"ً، لأن هذا ليس ضعيفاً في الكلام... ثم ذلك الضعف ربما كان في النثر دون الشعر، لأن ضرورة الشعر كما تجيز ما ليس بجائز فقد تقوي ما هو ضعيف ، فعلى البيانيّ أن يعتبر ذلك، فربما كان الشيء فصيحا في الشعر غير فصيح في النثر"43

    ومن الواضح أن السبكيّ مدرك تمام الإدارك أن للكلام مستويين: مستوى نثرياً وآخر شعرياً. ويبدو طريفاً ومقنعاً حِجاجُه المنطقيّ هذا الذي ابتغى من ورائه تقرير أن ما يُحكم عليه بالضعف في الكلام النثري قد ينقلب في الشعر فيغدو قويا، فهذا ينبغي أن يكون مثل جعلهم ما ليس بجائز في الكلام جائزاً في الشعر. وهو ما جرت تسميته "بالضرورة". بيد أن هذا لا يعني البتة أن كل ضعيف في الكلام يقوى إذا هو ورد في الشعر... وإنما الشأن راجع إلى فحولة الشاعر واقتداره. والسبكيّ كان في الحق دقيقاً ومحتاطاً إذ استعمل في عبارته الأداتين "قد" و"ربما"؛ ليشير بهما إلى أنّ الأمر ليس في مكنة كل من يتعاطى قرض الشعر.

    وبالجملة فإن من الممكن القول بعد هذا بأن الضرورة الشعرية هي في كثير من أحوالها خصيصة من خصائص اللغة الشعرية. وعلى ذلك فلا تكون عيباً، بل هي في الغالب مظهر من مظاهر الاقتدار الفني. ولعل هذا قد اتضح من خلال ما سقناه من نصوص لامس فيها أصحابها الفكرة على نحو مباشر أو غير مباشر.


    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] - اقتبست هذه التسمية من فندريس في كتابه: اللغة، تر: عبد الحميد الدواخلي ومحمد القصاص مكتبة الأنجلو المصرية 1950، ص182

    [2] - فندريس: اللغة ص194-195

    [3] - كولريدج: النظرية الرومانتيكية في الشعر، سيرة أدبية لكولريدج، تر: عبد الحكيم حسان، ط دار المعارف بمصر 1971، ص302

    [4] - المصدر السابق ص303 وقد عبر كروتشه عن مثل ذلك فقال: إن اللغة خلق دائم، فما عبر عنه تعبيراً لغوياً لن يتكرر مطلقاً.. فالانطباعات الدائمة الجدة تفسح المجال لظهور تغييرات مستمرة في الصوت والمعنى.. والبحث عن لغة نمطية هو البحث عن سكون الحركة، ويمزات وبروكس: النقد الأدبي، تر: محيى الدين صبحي، مطبعة جامعة دمشق 1973-1976،3/738

    [5] - الأصفهاني: الأغاني، طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب، مؤسسة جمال، بيروت د.ت ، 4/13

    [6] - مندور: محمد: في الأدب والنقد، طـ5 دار نهضة مصر د.ت ص11 وهو يشير إلى أن هذا مثل فرنسي.

    [7] - المصدر نفسه ص11

    [8] - البلاغة، تح: رمضان عبد التواب، ط2 مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة 1985، ص81 وانظر الفراء: معاني، تح: عبد الفتاح شلبي، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1972، 3/118 وابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن، تح: السيد أحمد صقر،ط1 دار الرجاء إحياء الكتب العربية القاهرة 1954 ص154

    [9] - انظر: ابن رشيق: العمدة، تح: محمد قرقزان، ط1 دار المعرفة بيروت 1988، ص1020

    [10] - انظر: ابن فارس: ذم الخطأ في الشعر ، تح: رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي بمصر 1980، ص21 والصاحبي في فقه اللغة، تح: مصطفى الشويمي، مؤسسة بدران، بيروت، 1963، ص276 وابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن، ص154.

    [11] - الصناعيتن، تح: علي البجاوي وأبو الفضل إبراهيم، ط عيسى البابي الحلبي القاهرة 1952، ص150

    [12] - العمدة، ص102

    [13] - أنيس، إبراهيم: من أسرار اللغة، ط الأنجلو المصرية القاهرة 1951، ص252

    [14] - دراسات في علم اللغة، دار المعارف بمصر 1969، 2/115

    [15] - البحث اللغوي عند العرب، ط4 عالم الكتب بالقاهرة 1982، ص41.

    [16] - منهاج البلغاء ص143-144 ،وانظر: ابن فارس: الصاحبي، ص275، والسيوطي: المزهر في علوم اللغة ، تح: جاد المولى ورفيقيه ، ط2 دار إحياء الكتب العربية القاهرة (د.ت) 2/471.

    [17] - منهاج البلغاء ، ص144.

    [18] - الكتاب، تح:عبد السلام هارون ،ط دار القلم ، القاهرة 1966، 1/26.

    [19] - الكتاب 1/26

    [20] - الكتاب 1/32.

    [21] - الشعر والشعراء، تح: أحمد محمد شاكر، دار المعارف بمصر 1966،/1/101 وانظر: المرزباني: والموشح، تح: علي البجاوي، ط دار نهضة مصر 1965، ص144-145

    [22] -نظرية المعنى في النقد العربي ، دار القلم القاهرة 1965، ص67

    [23] - البغدادي: خزانة الأدب 1/3. وانظر: الآلوسي، محمود شكري: الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر، ط المطبعة السلفية بمصر 1341،ص6.

    [24] - الخصائص، تح: محمد علي النجار، ط دار الهدى بيروت ،د.ت، 3/188

    [25] - الخصائص 3/60-61

    [26] - انظر: الخصائص 3/61 وانظر تأكيداً لهذا في ص303-304

    [27] - الخصائص 2/392

    [28] - الخصائص 2/393.

    [29] - الخصائص 1/329

    [30] - القاضي الجرجاني : الوساطة بين المتنبي وخصومه ، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي ط مصطفى البابي الحلبي بمصر د.ت ، ص450

    [31] - المصدر السابق، ص452.

    [32] - التنبيه على حدوث التصحيف، تح: محمد حسن آل ياسين، ط1 مكتبة النهضة بغداد 1967 ص159-160

    [33] - المصدر السابق ، ص158-159

    [34] - انظر المصدر نفسه ، ص159-160

    [35] - العمدة، ص1032

    * - الجمعة 11

    (**) -الرحمن13

    (***) -ص32

    (****) - الحجرات 2

    (*) - الأنعام

    (**) - الأعراف 12

    36 - العمدة، ص1032-1037

    37 - ضرائر الشعر، تح: السيد ابراهيم محمد ، ط2، دار الأندلس بيروت 1982، ص13، انظر كتابه الآخر: المقرب، تح:الجواري و الجبوري، ط1، مطبعة العاني بغداد 1972، ج2/ص202

    38 - البغدادي: خزانة الأدب 1/33 والآلوسي: ضرائر الشعر، ص6

    39 - انظر: تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، تح: محمد كامل بركات، ط دار الكاتب العربي، القاهرة 1967، ص48 من تقديم المحقق، والبغدادي: خزانة الأدب 1/31-32

    40 - البغدادي: خزانة الأدب1/33

    41 - انظر: تسهيل الفوائد، ص24

    42 - البغدادي: خزانة الأدب 1/34

    43 - عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، طبع مع مختصر السعد التفتازاني على تلخيص المفتاح المطبعة الأميرية ببولاق 1317هـ 1/98-99

    -----------------------------


    مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 68 - السنة السابعة عشرة - آب "أغسطس" 1997 - ربيع الآخر
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: الضرورات الشعرية {إشباع الحركات }

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5

    مـ الأشيا - ع الأرض

    مـ الأشيا - ع الأرض
    http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=48084

    أما بالنسبة لحذف نون من وألف على، أو ألف على ولامها، فالظاهر جوازه في سعة الكلام وخصه بعضهم بالشعر، وأجازه بعضهم في أفصح الكلام وهو كلام الله تعالى على ما يأتي بيانه إن شاء الله.
    أما في الشعر فورد كثيرا - خصوصا حذف نون من - في الشعر الجاهلي والإسلامي بما يخرج به عن حد الضرورة إلى حد القياس في سعة الكلام، وإن كان الأفصح بلا شك إثبات النون.
    ولكنهم اشترطوا دخول (من) و(على ) على كلمة مبدوءة بأل قمرية، فإن كانت شمسية أثبتت النون.
    وإليك بعضا مما ورد في ذلك من كلام النحاة وتخريجاتهم:

    * قال المبرد في الكامل: (وقوله: غداة طفت علماء بكر بن وائل
    وهو يريد على الماء، فإن العرب إذا التقت في مثل هذا الموضع لامان استجازوا حذف إحداهما استثقالاً للتضعيف، لأن ما بقي دليل على ما حذف، يقولون علماء (ع الماء) بنو فلان كما قال الفرزدق:
    وما سبق القيسي من ضعف حيلة ... ولكن طفت علماء قلفة خالد
    وكذلك كل اسم من أسماء القبائل تظهر فيه لام المعرفة فإنهم يجيزون معه حذف النون التي في قولك بنو لقرب مخرج النون من اللام، وذلك قولك: فلان من بلحارث وبلعنبر، وبلهجيم.)
    وقال في المقتضب:
    (ومما حذف استخفافاً لام ما ظهر دليل عليه قولهم في كل قبيلة تظهر فيها لام المعرفة، مثل بنى الحارث، وبني الهجيم وبني العنبر: هو بلعنبر، وبلجهم، فيحذفون النون لقربها من اللام لأنهم يكرهون التضعيف. فإن كان مثل بني النجار والنمر، والتيم لم يحذفوا، لئلا يجمعوا عليه علتين: الإدغام، والحذف.
    ويقولون: علماء بنو فلان، يريدون: على الماء فيحذفون لام على، كما قال:
    وما سبق القيسي من ضعفٌ حيلةٍ ... ولكن طفنت علماء قلفة خالد)

    وفي اللباب نقلا عن الفراء : (ثم قال الفرَّاءُ : [ الرجز ]
    3027- كأنَّ مِنْ آخِرِهَا إلقَادِمِ ... يريد : إلى القادمِ؛ فحذف اللاَّم وتوجيهُ قولهم من آخرها إلقادم أنَّ ألف » إلى « حذفت لالتقاءِ الساكنينِ ، وذلك أنَّ ألف » إلى « ساكنةٌ ، ولام التَّعريف من القادم ساكنة ، وهمزة الوصل حذفت درجاً ، فلما التقيا حذف أولهما فالتقى لامان : لام » إلى « ولام التعريف ، فحذفت الثانية على رأيه ، والأولى حذف الأولى؛ لأنَّ الثانية دالة على التعريف ، فلم يبق من حرف » إلى « غير الهمزة فاتصلت بلام » القادمِ « فبقيت الهمزة على كسرها؛ فلهذا تلفظ بهذه الكلمة » مِنْ آخرِهَا إلقادِمِ « بهمزة مكسورة ثابتةً درجاً؛ لأنها همزة قطع . قال أبُو شامة : وهذا قريبٌ من قولهم : » مِلْكذبِ « و » عَلْماءِ بنُو فُلانٍ « و » بَلْعَنْبَرِ « يريدون : من الكذبِ ، وعلى الماءِ بنُو فُلانٍ ، وبنُو العَنْبرِ ، قال شهابُ الدين - رحمه الله- : يريدُ قوله : [ المنسرح ]
    3028- أبْلِغْ أبَا دَخْتَنُوسَ مألُكَة ... غَيْرُ الذي قَد يُقَالُ مِلْكَذبِ
    المأكلة : الرِّسالة ، وقول الآخر : [ الطويل ]
    3029أ- فَمَا سَبَقَ القَيْسِيُّ مِنْ سُوءِ فعلهِ ... ولكِنْ طَفَتْ عَلْمَاءِ غُرْلَةُ خَالدِ
    الغُرْلة القُلفة ، وقول الآخر : [ الخفيف ]
    3029ب- نَحْنُ قَوْمٌ مِلْجِنِّ في زيِّ ناسٍ ... فَوْقَ طَيْرِ لَهَا شُخُوصُ الجِمالِ
    يريد : مِن الجنِّ . قال التبريزي في شرح الحماسة : وهذا مقيسٌ ، وهو أن لام التعريف ، إذا ظهرت في الاسم حذف الساكنُ قبلها؛ لأن الساكن لا يدغم في الساكن؛ تقول : أكلتُ مالخُبْزِ ، ورَكْبَتْ مِلخَيْلِ ، وحَملتُ مِلْجَمَلِ .
    وقد ردَّ بعضهم قول الفرَّاء بأنَّ نون » مِنْ « لا تحذف إلاَّ ضرورة ، وأنشد : [ المنسرح ]
    3030- . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . ملْكَذب)

    وجاء في التفاسير ومنها البحر المحيط لأبي حيان عند قوله تعالى متكئين فيها على الأرائك:
    (وقرأ ابن محيصن : { على الأرائك } بنقل الهمزة إلى لام التعريف وإدغام لام على { فيها } فتنحذف ألف { على } لتوهم سكون لام التعريف والنطق به علرائك ومثله قول الشاعر :
    فما أصبحت علرض (على الأرض) نفس برية ... ولا غيرها إلاّ سليمان بالها)

    وفي شرح شافية ابن الحاجب:
    ( وقد جاء الحذف في مثله والحرفان في كلمتين إذا كان الثاني لام التعريف، نحو علماء: أي على الماء، وأما قولهم علرض فقياس، لانه نقل حركة الهمزة إلى لام التعريف، ثم اعتد بالحركة المنقولة فأدغم لام على فيها، وكذا قالوا في جلا الامر وسلا الاقامة: جلمر وسلقامة، وفيه اعتداد بحركة اللام من حيث الادغام، وترك الاعتداد بها من حيث حذف ألف على وجلا.)
    وقرئ قوله تعالى " إنا إذا لمن الآثمين" لملاثمين:
    البحر المحيطنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيوقرأ الأعمش وابن محيصن لملاثمين بإدغام نون من في لام الآثمين بعد حذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام )

    وفي مخصص ابن سيده: (فأما قول الأعشي:
    وكَأَنَّ الخَمْرَ العَتِيقَ من الإِسِ ... فَنْطِ ممزوجةٌ بماءِ زُلَال
    فقد يكون على تذكير الخمر وقد يكون من باب عَيْنٌ كَحِيلٌ قال أبو حاتم وأَبَى الأصمعيُّ إلا التأنيثَ فأنشدتُه هذا البيت فقال إنما هو وكأَنَّ الخَمْرَ المدامةَ مِلْاِسْفِنْطِ فحذف نون من في الإدراج قال وتلك لغة معروفة مشهورة يحذفون النون من من إذا تَلَقَّتْها لامُ المعرفةِ )

    وفي همع الهوامع للسيوطي: (والغالب في نون ( من ) أنها تفتح مع حرف التعريف وتكسر مع غيره نحو ( ومِنِ النَّاسِ ) البقرة 204 وغيرها ( مِنِ الَّذِينَ فرَّقوا دِينهم ) الروم 32 ( من ابنك ) وقل عكسه أي الكسر مع حرف التعريف والفتح مع غيره وكذا حذفها مع حرف التعريف كقوله 1787 -
    كأنهُما مِلآن لمْ يَتغيّرا
    أي من الآن وقد جعل ابن مالك هذا قليلا وجعله ابن عصفور وغيره من الضرورات ونازعهما أبو حيان فقال إنه حسن شائع لا قليل ولا ضرورة قال ولو تتبعنا دواوين العرب لاجتمع من ذلك شيء كثير فكيف يجعل قليلا أو ضرورة بل هو كثير ويجوز في سعة الكلام قال وطالما بنى النحويون الأحكام على بيت واحد أو بيتين فكيف لا يبني جواز حذف نون ( من ) في هذه الحالة وقد جاء منه ما لا يحصى كثرة قال نعم لجوازه شرط وهو أن تكون اللام ظاهرة غير مدغمة فيما بعدها فلا تقول في من الظالم م الظالم ولا في ( من الليل ) ( م الليل ) قال ونظير ذلك حذف نون ( بني ) فإنهم لا يحذفونها إلا إذا كان بعدها لام ظاهرة فيقولون في بني الحارث بلحارث ولا يقولون في بني النجار بلنجار قال ووقع في شعر المؤرخ التغلبي حذف نون ( من ) عند لام التعريف المدغم في النون إلا أنه حين حذف النون أظهر لام التعريف قال 1789 -
    ****

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
    هذه من شواذ الحذف ، وهي آخر مسألة من مسائل الكتاب ، فليراحعها من أحب أن يقف على تأويلها .
    والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

المواضيع المتشابهه

  1. غالب الغول / دراسات في الضرورات الشعرية
    بواسطة غالب الغول في المنتدى دراسات عروضية
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 12-25-2016, 03:55 PM
  2. الضرورات الشعرية
    بواسطة سليلة الغرباء في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-24-2013, 06:56 AM
  3. غالب الغول / الضرورات الشعرية
    بواسطة راما علي في المنتدى دراسات عروضية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-01-2013, 01:40 PM
  4. الضرورات الشعريه
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى دراسات عروضية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-30-2011, 09:46 AM
  5. إشباع حركة الهاء
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-23-2011, 11:40 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •