كتب مصطفى بونيف
الحمد لله أن الديناصورات قد انقرضت !
سألني صديقي بينما كنت أقود السيارة بسرعة جنونية في الطريق الصحراوي ..( لماذا انقرضت الديناصورات ، ولم ينقرض بقية خلق الله كالتمسايح والسحالي والزواحف والحشرات ، رغم أنها كائنات ضعيفة ؟) ، فأجبته بغبائي العلمي المعروف...( ربما أصاب الديناصورات عجز جنسي ) ..تعجب صاحبي من نظريتي التي يبدو أنها أقنعته إلى حد بعيد ليغط في نوم عميق ...بينما بقي فكري يسرح في العصر الحجري عندما كان جدي الأكبر يسحب في يده وحشا من وحوش الغابة ويدخل به إلى الكهف حيث كانت جدتي الأولى تجلس في انتظاره ..كان جدي وجدتي يعيشان حياة سعيدة لم يعكر صفوها سوى تلك الديناصورات ...
يقترب جدي من جدتي ليقدم لها طوقا من الصراصير والسحالي ثم يقول بلغة ذلك العصر ( هابي فالنتياين ماي لوف ...أي كل سنة وأنت طيبة يا جميلتي )
وما إن يهم بطبع قبلة على خدها حتى يزأر خلفهما ديناصور ..فيقطع جدي الخلف من ذعره !!.
كانت الديناصورات في العصر الحجري تحارب الناس في أرزاقها وتمنع عنهم الحركة والصيد ..وتقطع عنهم الخلف بزئيرها المخيف ، ومن الديناصورات ماكان يطير ويقضي حاجته وهو يحلق في الهواء ..فتسقط منه الأمانة كأنها قنبلة نووية ...أسقطتها طائرة بي 52 !!...، وربما يسلقك دينصور بالنار التي تخرج من أنفه ...وهو ما يعرف بالتنين كما جاء في الأساطير ..
سرحت قليلا ..حتى توصلت إلى نتيجة مخيفة ... وهي أن الديناصورات لم تنقرض ولكنها تطورت مع الإنسان ...
أنظر حولك ستجد الكثير من الديناصورات ...مامن وزارة أو حكومة إلا ووجدت على رأسها دينصور ، ولو نظرت جيدا إلى مؤخرات الكثير من المسؤولين سترى أن لها أذيالا !.
استيقظ صاحبي من نومه ليسألني ...
- لم تخبرني ماذا يعمل والدك ؟
فأجبته : - والدي مربي أجيال !.
- وهل تمكن والدك من جمع ثروة في تربيته للأجيال التي تتكلم عنها ؟
ابتسمت ساخرا : الكمالية الوحيدة التي استطاع أبي أن يوفرها من مهنته هي سجادة الصلاة وكان قبلها يصلي على فروة خروف ذبحه جدي ذات عيد !.
فكر صاحبي قليلا ثم قال لي : - لو أن أباك كان مربيا للبهائم والدواجن والنحل لكان وضعه أفضل بكثير من تربية الأجيال التي تتكلم عنها ! .
وسرعان ما عاد ليغط في نوم عميق مطلقا شخيره الذي كان يتحدى صوت المسجلة !.
تركني أفكر جيدا في المأساة ...حتى تذكرت أحد أصدقائي المعلمين الذي تقدم لخطبة فتاة فرفضه والدها قائلا له ( يا ابني أنت معلم ، ماذا ستطعم ابنتي ، هل ستطعمها حروف الجر ، وحروف العطف ..والمحفوظات والعمليات الحسابية ، أنت مربي أجيال ...لو كنت مربي ماعز أو بقر لكنت أكثر طمأنينة على ابنتي معك ..) ...خرج صديقي المعلم من البيت وهو يقسم بأغلظ الأيمان أن لا يرجع إلى هذه المهنة - المضحكة - ليصبح بعد ذلك أكبر مربي دجاج فيك يا بلد وهو يكسب خيرا وبركة ..ويقال أنه تزوج بالرابعة !.
استفاق صاحبي من نومه ..أسند رأسه إلى مقعد السيارة ..ثم سألني في خبث ..
ماذا نقول عن أنثى الكلب ..؟
فأجبته ..الكلبة ...
لماذا لا نقول على أنثى الثور ، ثورة ؟ ..هل لذلك علاقة بالسياسة ؟ ..
استغربت سؤاله ...
فقالي لي : ربما بدل المسؤولون أنثى الثور بالبقرة ، حتى لا يصبح شكل الثورة مضحكا ..كأننا نقول بقرة الضباط الأحرار في يوليو 1952 ، وبقرة الثورة الجزائرية سنة 1954 ...
ثم علق قائلا : - مع أنها الثورة فعلا عبارة عن بقرة حلوب للفاسدين ..!.
عاد صاحبي ونام مرة أخرى ...
تذكرت أن أغلب الدساتير في العالم العربي تفرض على المترشحين لمناصب عليا في الدولة أن يكونوا من المشاركين في الثورة ...أو البقرة ! .
حتى أن المناصب الحساسة في بعض هذه الدول لا تمنح إلا لأبناء من شاركوا في هذه البقرة عفوا الثورة ...
أخذني التفكير وأنا أقود بسرعة جنونية ...حتى كدت أن أصطدم بقطيع من الأبقار يقطع الطريق ...استيقظ صاحبي مذعورا من صوت الفرامل ...و هزة السيارة العنيفة ...
حمدنا الله على السلامة ..وقلت لصاحبي : " الحمد لله أن الديناصورات انقرضت تخيل لو اصطدمنا بديناصور ...أليست البقرة أرحم ؟" .
مصطفى بونيف