شكراً دبي
خالد الغنامي
كنت قد انتقدت شرطة دبي بسبب التقرير الأول الذي خرج عنها بخصوص عملية اغتيال المناضل الفلسطيني محمود المبحوح, لقولها في ذلك التقرير أن الجريمة قد قامت بها عصابة إجرامية متمرسة تحمل جوازات سفر أوروبية, أما اليوم وقد سمّوا الأشياء بمسمياتها الصحيحة ووجهوا أصابع الاتهام إلى الموساد صراحة, فأنا اليوم أحييهم وأشكرهم على هذه الجهود الاستثنائية التي تم الإعلان عنها مؤخراً, كما أشد على أيديهم لهذا التصعيد الدولي الذي حركوه بالتواصل مع الحكومات البريطانية و الألمانية و الفرنسية والأيرلندية بسبب تزوير فرقة الاغتيالات ( كيدون ) لجوازات تلك البلاد وحمل أفرادها لتلك الجوازات أثناء الدخول لدبي, هذه الجهود أدت إلى إصدار الإنتربول ( Red Notices ) شارات حمراء موجودة الآن على موقع الانتربول على النت وصور لعشرة رجال وامرأة, متهمون بالاشتراك في عملية الاغتيال, لكن ينبغي ألا نتفاءل كثيراً فتلك الشارات الحمراء ليست ( أمر اعتقال دولي ) ولا يعني أن أصحاب هذه الصور ستتم ملاحقتهم دولياً كإرهابيين وقتلة بهدف القبض عليهم, و إنما تعني الاستنفار لمحاولة تحديد هوية هؤلاء الأشخاص و محاولة معرفة أماكنهم, أما قضية اعتقالهم و تسليمهم للدولة التي تطالب بهم فهي شأن آخر يتم التداول حوله في حينه, و بطبيعة الحال إصدار تلك الشارات يعني أنهم لن يستطيعوا التنقل بتلك الجوازات التي تم استخدامها في جريمة الاغتيال, هؤلاء القتلة موجودون - في الغالب - الآن في إسرائيل ينعمون بإجازة بعد جريمتهم, لكن ينبغي ألا نستهتر أو نقلل من قيمة أي جهد ولو كان صغيراً في سبيل العزة و الكرامة, و لا بد أن تدرك إسرائيل والعالم أن حمانا ليس بمستباح وأن غضبنا عندما نغضب يُسمع العالم كله.عملية اغتيال المبحوح هي عملية فاشلة لأنها فضحت 11 عميلاً من فرقة الاغتيالات و محمود المبحوح قتل شهيداً في سبيل قضيته وقضية أمته ومثل هذا المصير لا نعتبره خسارة. من جانب آخر,هذه الجهود الإماراتية الطيبة ينبغي أن ترافق بدعم عربي و إسلامي لملاحقة هؤلاء المجرمين, بل وملاحقة رئيس الموساد ( مائير داغان ) الذي أعطي أمر الاغتيال, بل ورئيس الحكومة الذي لا شك أن لديه علم بالعملية وتفاصيلها الدقيقة, يجب ألا نفرط في حقوقنا القانونية بحجة أن العالم لن يستجيب لنا, يجب ألا نترك حجة لمن يريد أن يتحجج بكسلنا عن المطالبة بحقوقنا, كما أننا نريد من شرطة دبي أيضاً ألا تستر على العناصر الفلسطينية التي اشتبهت في كونها متورطة بدورها في العملية فجريمتهم أكبر وأقذر من جريمة هؤلاء الإسرائيليين, و نحن لا نؤمن إطلاقاً بكل ما يقال عن عبقرية الموساد ولا بقدراته على اختراق أمننا إلا من خلال خيانة أناس من الداخل, ومن أجل المصلحة الكبرى للأمة لا بد أن تعلن أسماء هؤلاء الفلسطينيين الذين تحدثت دبي عن اعتقالهم وتأجيلها للإعلان عن هوياتهم, إن ثبت تورطهم وخيانتهم, لكي تلطخ أسمائهم بالعار والخزي للأبد في ذاكرة كل عربي وكل مسلم وكل إنسان شريف من أي جنس أو دين, وتبقى ملطخة بالعار في الذاكرة الجمعية للأبد. خيانة من هذا النوع لا تأتي من فراغ و ليس هناك عرق خائن, لكنها الهزيمة النفسية التي تجعل النفس خسيسة وضيعة , تنحني عن مجرد النظر للمعالي و تلعق فضة ( جودس ) الحقيرة باغتباط شديد. عندما أشاهد التعليقات العربية عبر مواقع الانترنت أجد هذه الروح التي هي " مشروع خائن " أجد روح الهزيمة هذه قد استشرت في الناس حتى أصبحت ترى من يدافع عن إسرائيل و يبري ساحتها من الإجرام ولا يعرف لسانه سوى جلد الذات وسب العرب والمسلمين والسخرية منهم وكأنه ليس واحداً منهم, هذه الروح المنكسرة يجب أن تجمع ذاتها وتتوقف عن هذا الضعف الجدير بالرثاء فلسنا بأول أمة تمر بعصور ضعف, ولسنا بأول أمة تذوق القهر في قرن أو قرنين, اقرءوا التاريخ وستجدون هذا واضحاً للعيان, و إذا قرأتم بتمعن أكبر ستعلمون أن لعن الذات وجلدها لم يعد حقاً ضائعا ولا رفع أمة من وضاعتها, فعندما تقول عن نفسك " أنا وضيع, أنا فاشل " فتأكد أن الناس كلها ستقول لك : " أحسنت وأصبت الحقيقة أنت وضيع وفاشل, شكراً لصدقك مع ذاتك, ابق حيث أنت".