لقد تركت اللغة العربية بعد الدفع القسري على ترك العربية بعد سقوط آخر الممالك الاندلسية في غرناطة، مما جعل بعضهم يترك الاندلس لأنه لايعرف غيرها، او استيلم للتنكيل.
ومن آثار التاثير:
أولا حرف الخاء ومن ثم الثاء..ومن ثم الألفاظ والكلمات
بحث معم حول ذلك:
الألفاظ المشتركة في التواصل الحضاري بين الشعوب
(اللغة الإسبانية)
سوف نستعرض في هذه المقالة الألفاظ المشتركة بين اللغة العربية ولغات الشعوب، التي تؤكد على عمق التواصل الحضاري بين تلك الشعوب:يعد انتشار الكلمات العربية داخل اللغة الإسبانية دليلاً على عمق التأثير العربي والإسلامي الذي يظل حتى يومنا هذا شاهدًا على حضارة أسسها العرب في شبه الجزيرة الأيبيرية[1] Iberian Peninsula، فمع الفتح الإسلامي Al - Andalus للأندلس[2] فتحت صفحة لالتقاء ثقافتين، هما العربية الإسلامية واللاتينية المسيحية، اتصلتا وتفاعلتا فتعرضتا للتأثير المتبادل عبر عصور التعايش المشترك [3].
وقد لاحظ المستعرب الإسباني Arabista español خوان برنيط Juan - Vernet في كتابه "المسلمون الإسبان" LOS MUSULMANES ESPAÑOLES أنه من العسير جدًّا أن نحدد مدى التأثير الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية؛ ذلك أن الأندلس كانت دائمًا هدفًا للهجرات الشرقية، مما يكون له أثره، فيما قبل الإسلام بكثير، على أن هناك أشياء ماثلة لا يمكن الشك في أنها إسلامية، وذلك ما هو موجود في اللغة من ألفاظ وتعبيرات[4].
ونجد القس جان دي صوصه (1774 - 1812)[5] FR.J.DE.SOUZA قد صنف "معجم الألفاظ الإسبانية البرتغالية المشتقة من العربية"[6]، وحوى هذا المعجم حوالي ثمانية عشر ألف كلمة مشتقة من أصل عربي، في اللغة الإسبانية واليونانية[7].
كانت هناك لهجة لاتينية The tone of Latin آخذة في التكوين في الفترة التي حدث فيها الفتح الإسلامي، منحدرة عن لاتينية العصور المتأخرة، التي كانت شائعة في يوم من الأيام على ألسن أهل شبه الجزيرة، ودخلت هذه اللهجة كلمات عربية كثيرة[8].
ولم تقتصر تلك الألفاظ على العلوم الإسلامية Islamic Science التي ورثتها إسبانيا عن العرب؛ كالفلسفة واللاهوت والطب والرياضة والفلَك والهندسة والموسيقا - وإنما كانت عناصر وأمارات تشير إلى نظم إدارية وقضائية وتقاليد فنية وعسكرية، وأساليب في التجارة والصناعة والزراعة وما إليها، مما يدخل في الكيان الاجتماعي والسياسي للبيئة العامة[9].خريطة رقم (1)والواقع أن الثقافة العربية الإسلامية Arab - Islamic culture والتربية والتعليمEducation انتشرت في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين في إسبانيا المسلمة إلى درجة جعلت دوزي [10] Dozy يقول: إن أغلب الناس في الأندلس Al Andalus أصبحوا قادرين على القراءة والكتابة، بل يمكننا أن نقول: إن كل فرد تقريبًا كان يعرف القراءة والكتابة. وقد انتقلت الثقافة العربية إلى المستعربين الإسبان[11] Mozarabs؛ فقد سرت إليهم العادات الإسلامية وتعلموا اللغة العربية وكتبوا بها وألف بعضهم كتبًا بها[12]، بل واقتنوا مكتبات عربية، يبدو ذلك واضحًا من نص يروى عن الكاتب المتعصب ألفارو، كتب في القرن التاسع ميلادي يقول: "إن إخوتي المسيحيين يدرسون كتب فقهاء المسلمين وفلاسفتهم لا لتفنيدها، بل لتعلم أسلوب عربي بليغ، واأسفاه، إنني لا أجد اليوم علمانيًّا يقبل على قراءة الكتب الدينية أو الإنجيل، بل إن الشباب المسيحي الذين يمتازون بمواهبهم الفائقة أصبحوا لا يعرفون علمًا ولا أدبًا ولا لغة إلا العربية، ذلك أنهم يقبلون على كتب العرب في نهم وشغف، ويجمعون منها مكتبات ضخمة تكلفهم الأموال الطائلة "[13].
خريطة شبه الجزيرة الأيبيرية
ومن هنا بدت الحاجة ماسة إلى معاجم مزدوجة، وكان أولها (المعجم العربي اللاتيني) Arab - Latin dictionary ويرجع إلى القرن العاشر الميلادي مجهول المؤلف.
ويرى الدكتور محمود علي مكي أن الأجيال المتعاقبة من المسيحيين الذين عرفوا الثقافة العربية جرى الحوار بينهم وبين مسلمي الأندلس[14]، ويدل على ذلك أيضًا وجود مدونات إسبانية Spanish Blogs محملة بتأثيرات عربية واضحة في مضمونها، مما يثبت أن مؤلفيها أخذوا مادتهم التاريخية وقواعدهم الحسابية من مصادر عربية، ومن تلك المدونات مخطوطات مختلفة وجدت في أوبيط oviedo، وهي محفوظة في مكتبة الإسكوريالBiblioteca de El Escorial، وقد احتفظ لنا بها القديس أولوجيوس القرطبي المتوفى سنة 859م، ونقلت إلى أوبيط عام 884م، كما نجد الطريقة ذاتها في "المخطوطة المتنبئة Cronica Albeldenso" التي كتبها مؤلف مجهول عام 883م، وفي "مخطوط البلدة" التي كتبها الراهب فيجيلا Vigila، وأتمها عام 976م [15].
بل إن كثيرًا من رجال الدين في الأندلس تعلموا اللغة العربية وألفوا بها؛ فقد نقل يوحنا رئيس أساقفة إشبِيلِية التوراة من اللاتينية إلى العربية، وذلك سنة 764م، كذلك نقل الأب فيسنتي ثمانية أجزاء من قوانين الكنيسة إلى اللسان العربي وأهداها إلى الأسقف عبدالملك في أبيات من الشعر العربي[16].
خريطة رقم (2)وقد بنى المسلمون مدينة صغيرة بالقرب من مدريد، أسمَوْها: مدينة سالم، تعرف اليوم باسم Medinaceli، كما أن بلدة Calatayud الأندلسية أسماها العرب حين بنوها: قلعة أيوب، والنهر الكبير الذي يمر في كل من قرطبة Cordova وإشبِيلِية[17] sevilla اسمه بالإسبانية أضحى cuadalquivir، وهو مأخوذ من اسمه العربي: الوادي الكبير[18]، وهناك مدينة بلد الوليدValladolid في مقاطعة كاستيا[19] نسبة للخليفة الوليد بن عبدالملك[20].
مدينة سالم
Medinaceli
خريطة رقم (3)في حين أن اسم القرية بالعربية كان العرب يدعونه: الضَّيعة، فاقتبسه الإسبان منذ ذلك التاريخ القديم؛ إذ يسمون القرية في الأندلس: aldea، كما أن المعصرة بقيت تحمل اسمها العربي منذ القدم بالإسبانية فيقولون عنها: almazara، وكذلك الساقية التي ظلت تدعى بالإسبانية aceqvia.
مدينة بلد الوليد
Valladolid
في حين أن كلمة "حتى" بقيت على حالها في اللغة الإسبانية؛ إذ يقولون عنها: hasta، ويقولون عن السوق zoco، وعن فلان - Fulano.، إننا نعرف أن الإسبان كثيرًا ما يرددون عبارة[21] ojala في أحاديثهم حتى يومنا الحاضر؛ فهي عبارة مأخوذة من اللغة العربية، أصلها: إن شاء الله، ومثلها قولهم المأثور: ليحفظك الله - Rue Dios Guarde، وبارك الله بالأم التي وضعتك -Bendita Seala Madre Que Te Pario،[22].
ومن الشائع أيضًا: سماع إن شاء الله أو بمشيئة الله، إلى اللقاء غدًا إن شاء الله Hasta manaa، si dios quiere، وعلى سبيل المثال كان المبشر بدروPedro de Alcala الذي طبع كتابين عن اللغة العامية العربية في Granadaغرناطة [23]، يكتب "الدار" ويريد بها البيت، وأكزمس a xems ويريد بها الشمس[24].
وذكر المستشرقان أنجلمان ودوزي R،Dozy y W،H،Engelmann في كتابهما "معجم المفردات الإسبانية والبرتغالية المشتقة من اللغة العربية" Glossaire des mots efpignols et portugais dérivés de l'arabe أن الكلمات العربية الموجودة باللغة الإسبانية تعادل ربع كلمات اللغة الإسبانية، وأن باللغة البرتغالية ما يربو على ثلاثة آلاف كلمة عربية[25].
ويقول الدكتور رافائيل لابيسا Rafael Lapesa في كتابه "تاريخ اللغة الإسبانية"Historia de la lengua Española: إنه توجد في اللغة الإسبانية حاضرًا أربعة آلاف كلمة عربية، بعضها ظل على حاله، وأكثرها أصابه التحريف كتابة ولفظًا، وهذا يعني أن ربع اللغة الإسبانية واسعةِ الانتشار في العالم من أصل عربي[26].
وقد أكد لابيسا في كتابه "تاريخ اللغة الإسبانية" أن غالبية الكلمات التي تبتدئ بألف التعريف في اللغة الإسبانية بقيت على حالها فيها، منها مثلًا الرز - Arroz، والسكر - Acucar، والناعورة - Noria، والياسمين: Jasmin، والكرز -Alcaraz، وهو اسم قرية أندلسية، والقصير - Alcocer وهي كنية إحدى العائلات الإسبانية في عصرنا الحاضر ذات المنبت الأندلسي، والقلعة - Alcala، والمدور - Almodovar، فيما أضحت بلدة المنكب الواقعة في جنوب إسبانيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من مدينة مالقة[27]، التي دخل إليها الأمير الأموي الناجي من دمشق عبدالرحمن بن معاوية قادمًا من المغرب - تدعى بالإسبانية almunecar، ولقد أقام محافظها في التسعينيات من القرن العشرين تمثالًا ضخمًا على شاطئها للأمير عبدالرحمن الداخل؛ اعترافًا بفضله على ازدهار الأندلس، حضره عدد كبير من المستعربين والباحثين والمؤرخين العرب والإسبان والأوربيين[28].
ومن أطرف ما كتبه المؤرخ الدكتور رافائيل لابيسا في دراسته تلك قوله: تعارف العرب على تسمية الفني: ابن الدنيا، واللص: ابن الليل؛ فألف الأندلسيون هذه العبارات الرمزية، واقتبسوا الفكرة في لغتهم الدارجة، فأطلقوا على المتدين اسم: ابن الإحسان، وعلى اليتيم: ابن الحجر، وعلى الإنسان السطحي: ابن يومه...كما أن كلمة: hidalgo التي تطلق في العصر الحديث على النبيل المتميز بالشجاعة والكرم كان أصلها العربي هو: ابن الخير، وكانت تلفظ وتكتب هكذا[29]: hijodalgo .
وما كان للشعراء الأوربيين أن يتأثروا بالثقافة العربية إلا بعد تشربهم بعدد كبير من كلماتها، وأبرزهم شعراء التروبادور El Trobador، بل قيل: إن كلمة تروبادور في الأصل كلمتان عربيتان [30] تغير موقع كل منهما من الأخرى، فتقدمت الثانية على الأولى وتأخرت الأولى عن الثانية لتندمجا عند الأوربيين، والكلمتان العربيتان هما: دور طرب[31]، وهو تعبير مستعمل عند العرب؛ فقد يجلسون مجلس طرب يقدم إليهم فيه دور طرب، وعرف الأوربيون هذا، وهم معتادون على تقديم المضاف إليه على المضاف ضمن قواعدهم، فتقدمت كلمة طرب على كلمة دور، فصارت طرب دور[32].
وواضح أن اللغات الأوروبية تفتقر إلى الحرف ط، فتحول إلى ت T، وتحولت الكلمة طرب إلى ترب، ثم عملت العوامل اللغوية عملها في الكلمتين فدمجتهما وحولتهما إلى كلمة واحدة، هي: تروبادور[33]، من كلمتين، إحداهما وهي دور بمعنى تدور، وتدور كلمة عربية؛ أي: تتجول، فهي فرقة غنائية متجولة، والتجوال: أسلوب في العمل[34].
وقد قام دون خوان مانويل[35] Don Juan Manuel ابن أخي ألفونسو الحكيم بنظم قصيدة بعنوان Poema de Yucul بالإسبانية في حروف عربية، وهي قصيدة زاخرة بالقصص الشرقي[36]، وفي مجموعته القصصية نجده مثلاً يتحدث عن شخصية لوكانور، وهو كونت شاب غير مجرب، ثم معلمه بترونيو الذي كان يلقى بالشكوك، ويقوم هذا بحلها بواسطة حكاية قصيرة، والأثر الإسلامي في هذه المجموعة واضح جدًّا، حتى في اسم الكونت، وهو "لوكانور"؛ إذ إن هذا الاسم تحريف لاسم "لقمان" الحكيم الذي تنسب إليه حكايات عديدة جدًّا في الأدب القصصي العربي[37].
وكتابه (الكونت لوكانور)، مؤلف من إحدى وخمسين قصة، كل واحدة عبارة عن حكاية تنتهي بمغزى معين، تحكى على لسان مستشاره، وهو - بدون شك - أسلوب مشرقي قديم، يشبه إلى حد ما حكايات (كليلة ودمنة)، الذي انتقل إلى الأندلس مبكرًا، ومن ثم ترجم إلى القشتالية سنة 1251؛ حيث تنسب جهود ترجمته إلى الفونسو العاشر عندما كان أميرًا[38].
ولعل أكبر المتحمسين للثقافة واللغة العربية كان ألفونسو العاشر Alfonso X de Castilla y León ملك قشتالة[39]، وليون الملقب (El - Sabio) بالحكيم (1252 - 1284 م) [40]؛ حيث أخذ على عاتقه ترجمة العديد من أمهات الكتب العربية إلى اللسان اللاتيني، والإسبانية الوسيطة[41]، ولألفونسو نفسه كتابات نثرية تتضح فيها المؤثرات العربية في الأسلوبية والبنية والخيال[42].
وفي عهد "ألفونسو الحكيم" انتشرت حركة الترجمة من العربية إلى الإسبانية الناشئة،فترجمت "كليلة ودمنة" و"مختار الحِكم" للمبشر بن فاتك، وعشرات من كتب الفلك من اللغة العربية إلى اللغة الإسبانية، فكان لهذا أثره العظيم، ليس فقط في تقدم الدراسات العلمية في إسبانيا، ومنها إلى أوروبا كلها، بل وخصوصًا في قيام اللغة الإسبانية،ومن هذا كله نتبين مدى حركة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغتين اللاتينية والإسبانية، مما سيكون له أخطر الأثر في بعض العلم والأدب في أوروبا[43].
تابع بقية الموضوع: http://www.alukah.net/web/anwar-zana...#ixzz57xrbMkbz