توريط وتورط الأردن في سورية 2-3
معسكرات التدريب‏
كشفت الصحف الأمريكية والعربية ومنها الأخبار اللبنانية الصادرة في 19 نيسان 2013 أن الأردن افتتح معسكرات لتدريب (5000) إخونجي وجندي وجرى بالفعل تدريب (3000) مسلحاً، ووصل منهم إلى منطقة درعا 1560 مسلحاً، مدججين بالسلاح المضاد للدبابات والطائرات عبر 13 منفذاً حدودياً غير شرعي بين الأردن وسورية. وأصبح الأردن مقرآً للمعارضة السورية المسلحة واحتضن معسكرات تدريب بحسب جريدة الأخبار اللبنانية الصادرة في 18 نيسان 2013 وبإدارة ضباط أردنيين إلى جانب الأمريكيين والبريطانيين. وكشف مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية أنهم يعملون عن قرب مع كلٍ من إسرائيل والأردن ودول أعضاء في حلف شمال الأطلسي وتركيا للسيطرة على عشرات مواقع تخزين الأسلحة الكيماوية السورية والتنسيق من أجل التدخل عند الضرورة.‏
وأكدت مجموعات مسلحة سورية أن عسكريين واستخباريين أمريكيين وبريطانيين يشرفون على معسكرات تدريب في الأردن لتدريب مجندين على كيفية استخدام كافة أنواع الأسلحة بما فيها صواريخ ستينجر المضادة للطائرات وصواريخ كوبرا المضادة للدبابات.‏
ونشرت وكالة مجموعة صحف ماكلاتشي الأمريكية في تقرير لها من عمان بأن معسكرات تدريب مسلحي المعارضة السورية في الأردن قد بدأ العمل فيها من تشرين الأول عام 2012، وأنه يسمح للمتدربين بأخذ الأسلحة التي يتدربون عليها إلى سورية.‏
ويتجسَّد التورط الأردني ليس فقط بفتح معسكرات التدريب واستدعاء المزيد من القوات الخاصة الأمريكية، وبطاريات صواريخ باتريوت؛ وإنما أيضاً بإقامة محطة أميركية للتجسس متخصصة في الاتصالات والرصد مكونة من عدة مئات من العسكريين الأمريكيين وتهريب الأسلحة والمعدات الحربية التي اشترتها السعودية من صربيا وغيرها.‏
وتعمل الولايات المتحدة وإسرائيل على أن يقوم الملك بلعب الدور الذي كان يلعبه الطاغية المخلوع حسني مبارك في تحريك المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، والقيام بدور الضاغط لتسويق التسوية الأمريكية لتصفية قضية فلسطين.‏ فأعلن مسؤول أردني كبير في كانون الأول 2013 عن موافقة الأردن استمرار بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلية في منطقة الغور الفلسطينية
أتقن النظام الأردني فن الحصول على المساعدات الخارجية لقاء الدور الوظيفي الذي قام به ويخطط له القيام به مع بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية وبقية أمراء وملوك الخليج، إلا أن شروط المساعدات الخارجية لتغطية العجز في الميزانية بعد تفاقم أزمة الغرب الاقتصادية وشروط آل سعود وآل ثاني السياسية تمس الأمن الوطني الأردني والأمن القومي العربي في مجال الحل النهائي لقضية فلسطين والقدس وفي التوطين والوطن البديل والكونفدرالية والتورط والتعاون الإسرائيلي ـ الفلسطيني ـ الأردني في الأزمة السورية والتي من شأنها أن تحدث تغيرات لصالح قناة البحرين.... الوطن البديل ومشروع الشرق الأوسط الجديد.‏
ويعتقد بعض المحللين الأردنيين كما جاء في جريدة الأخبار اللبنانية الصادرة في 19 نيسان 2013 أن تحذير الرئيس بشار الأسد «من أن النار لن تقف عند حدودنا» إنما يقع من باب الحرص على أن إقدام المسؤولين الأردنيين على تدريب وتسليح المقاتلين وإرسالهم إلى سورية، سوف يرتدُّ على أمن الأردن من خلال التغذية الإرهابية الراجعة، ذلك أن استمرار هذه العمليات سوف يؤدي إلى حالة من الفوضى على الحدود الأردنية ـ السورية تقود إلى انتقال الإرهابيين إلى تنفيذ مخططاتهم بشأن الأردن.
وأكد هذا الاستنتاج الواقعي رئيس مجلس الأعيان الأردني طاهر المصري في حديث له مع الحياة في 29 نيسان 2013 حيث اعتبر أن استمرار الصراع في سورية، وبروز مظاهر الانقسامات العرقية والدينية داخل المدن سيدفع باتجاه انتقالها إلى دول الجوار مؤكداً أنه من شأنها أن تهدد المصلحة الأردنية العليا وتعرِّضَ المملكة إلى خطر الحريق السوري.‏
هل يمكن للمراقب السياسي أن يستنتج من سابقة الموقف الأردني من العراق، والموقف الحالي من الأزمة السورية الدور الوظيفي الذي يقوم به النظام الأردني في خدمة المشروع الصهيو ـ أمريكي المعادي لقضية فلسطين وللعروبة والإسلام؟
مناورات الأسد المتأهب‏
جرت في الأراضي الأردنية قبل نهاية عام 2012 في خضم الأزمة السورية المناورة الأولى من مناورات «الأسد المتأهب» شاركت فيها19دولة برعاية الولايات المتحدة وعلى مقربة من الحدود السورية الجنوبية الشرقية مع الأردن، وكان الهدف المعلن من المناورة القيام بتدريبات للاستيلاء على مخازن الأسلحة الكيماوية في سورية.‏
واحتضن الأردن في العاشر من حزيران 2013 للمرة الثانية مناورات «الأسد المتأهب» بمشاركة ثمانية آلاف عسكري من 19 دولة منها قطر والسعودية والإمارات العربية وتركيا وبريطانيا وفرنسا».‏
وأكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أن بلاده التي تشترك بحدود يزيد طولها على(370كم) مع سورية ترغب في نشر بطاريات باتريوت لحماية أجوائها.‏
واستدعت حكومة النسور الحالية إرسال قوات أمريكية وطائرات ف 16، وطالبت بإقامة منطقة حظر جوي في درعا على غرار ما حدث في العراق قبل الغزو الأمريكي وما حدث في ليبيا، وأدى إلى تدمير البلدين العربيين وقتل حوالي المليونين من مواطني البلدين.‏
وترغب الحكومة الأردنية أن تكون منطقة الحظر الجوي في جنوب سورية، ومحاذاة جبهة الجولان وذلك :‏
- أولاً: إيجاد منطقة تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة.‏
- ثانياً: حماية إسرائيل وطمأنتها من أن بعض المجموعات الجهادية الموجودة على الأرض في سورية لا تشكل خطراً عليها وإنما على النظام، ولن يسمح لها بدخول المنطقة العازلة.‏
وتفيد المعلومات الصحفية أن إسرائيل تشترك مع الولايات المتحدة والأردن ودول الخليج العربية وتركيا لتنسيق المواقف لمواجهة الأزمة السورية والتدخل في الشأن الداخلي السوري.‏
وبتاريخ 9 حزيران 2013أعلن الجيشان الأردني والأمريكي انطلاق مناورات الأسد المتأهب.‏
وأعلن الجنرال الأمريكي روبرت كتلانوتي في عمان أن المناورة تهدف إلى تطبيق مهارات على سيناريو حرب غير تقليدية تستمر نحو أسبوعين، ينخرط فيها قرابة 8 آلاف جندي وأضاف: المناورات تمثل أضخم تمرينات عسكرية تجري في المنطقة ، وتتضمن التعامل مع الحرب الكيماوية ، وشن غارات على مواقع الجماعات الإرهابية إضافة الى التنسيق والتعامل مع قضايا اللاجئين واعتراض السفن وقال الجنرال كتلانوتي إن قوات برية ستساند طائرات مجنحة وعمودية لتأمين منصات الإسناد الجوي وخدمات العبور والنقل.. وتشارك حتى لبنان والبحرين في هذه المناورات.‏
إن تمرين مناورات «الأسد المتأهب» الأول والثاني ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأزمة الجارية في سورية وتزيد من عوامل تفجير الصراعات داخل بلدان المنطقة وترمي إلى خدمة المصالح الإسرائيلية والأمريكية بالدرجة الأولى وتعرض سورية الى خطر تدخل الناتو كما حدث في ليبيا لفرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية مما يعطي البدء بتدخل عسكري مباشر.‏
إن مساعي إدارة أوباما بتصفية قضية فلسطين والتدخل الخارجي في سورية وملف ايران النووي وحركات المقاومة في البلدان العربية حاضرة في الوجود العسكري الأمريكي وفي صلب مناورات الأسد المتأهب فوق الأراضي الأردنية وتنذر بعواقب وخيمة لمستقبل المنطقة الممتلئة بالنفط والغاز والثروات الطبيعية المختلفة وغطرسة واطماع العدو الصهيوني.‏
إن تدريب وإرسال المسلحين السلفيين وغيرهم وإرسال الأسلحة من الحدود الأردنية الى العمق السوري والمناورات واستقدام القوات الأمريكية إلى الحدود الأردنية مع سورية يهدد سورية وسيادتها وأمنها ودماء مواطنيها والجيش العربي السوري وسيادة الدولة السورية ومنجزاتها والأمن القومي العربي.‏
وأوردت وسائل إعلام أمريكية نقلاً عن مصادر عسكرية في واشنطن أن المناورات ستشهد تدريب قوات أردنية علي كيفية التدخل لحماية أماكن أسلحة كيماوية داخل سورية في حال انفلات الأوضاع هناك ، مما يشكل أخطر أنواع التهديد بالتدخل الخارجي بين قطرين شقيقين وجارين يرتبطان بأوثق العلاقات التاريخية والعائلية والثقافية والاقتصادية على مر التاريخ.‏
موقف التيارات الوطنية والقومية واليسارية‏
واجهت التيارات الوطنية والقومية واليسارية تهديدات وضغوط جماعة الإخوان المسلمين في الأردن المدعومة من بعض الأوساط الشعبية وتحركت بشجاعة لتغيير الرأي العام الذي تأثر بإعلام وأموال آل سعود وآل ثاني ونهيان، تحركت هذه التيارات المتمسكة بمصالح وأهداف شعبها وأمتها بدعم من بعض الأوساط العشائرية (عشيرة آل عبيدات) والبيروقراطية المدنية والعسكرية ونجحوا في إضعاف تأثير جماعة الإخوان المسلمين في الشأن السورية والحيلولة دون إعطاء غطاء شعبي أردني للتآمر على الدولة السورية وجيشها ومؤسساتها ومنجزاتها، وأخص بالذكر الدور الرائع الذي قام به التيار القومي والنخب والشخصيات القومية واليسارية.‏
ونجحوا في تكتيل رأي عام شعبي قوامه أن التدخل الأردني في سورية سينقل فوضى التطرف والإرهاب إلى الأردن ،ويعطي جماعة الإخوان والتيار السلفي الفرصة للاستيلاء على الحكم في الأردن ضمن تفاهمات سياسية تبرمها جماعة الإخوان مع إدارة أوباما حول فلسطين والقدس والتطبيع ومعاهدة وادي عربة والوضع في سورية، تماماً كما فعلت جماعة الإخوان في مصر وتونس والمغرب.‏
ورافق تحرك جماعة الإخوان في الأردن ممارسة ضغوط مالية وسياسية سعودية وقطرية على الأردن، لمصلحة تدريب وتسليح المجموعات المتطرفة وإرسالها إلى العمق السوري لتدمير الدولة القومية العلمانية في سورية.‏
وأدى تآمر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بزعامة القرضاوي شيخ إشعال الفتن الطائفية والمذهبية على الإمارات العربية ومعادات الإمارات للإخوان وتأييدهم للمعارضة السورية المسلحة من سلفيين ووهابين وغيرهم إلى سلوك النظام الأردني سلوكاً حذراً( بعض الشيء) تجاه الأزمة في سورية والتدخل الخارجي فيها حفاظاً على تحالفاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.‏
ولعب التيار القومي وقوى يسارية وعشائرية دوراً هاماً في بلورة الموقف الشعبي والحزبي والبرلماني المعارض للتدخل العسكري في سورية.‏
وساعد على تقوية هذا التوجه بروز تيار أردني يعتقد أن إدارة أوباما تخطط للحل النهائي لقضية فلسطين بشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، وضم الأكثرية الساحقة من مستعمرات الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية إلى الكيان الصهيوني، وتوطين اللاجئين، وإقامة الوطن البديل من خلال الكونفدرالية على حساب الأردن. وطالب دعاة هذا الاتجاه اتباع سياسة الحياد تجاه الأزمة في سورية، وعدم التورط فيها حفاظاً على مصالح الأردن؛ واتخذت الحركة الوطنية والقومية في الأردن توجهاً يقوم على مقاومة المشاريع الأمريكية في الأردن وفلسطين وسورية.‏
ويمكن القول إن النخب الفكرية والسياسية الوطنية والقومية واليسارية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين تقف ضد التدخل الخارجي في سورية، وضد تدمير الدولة السورية ومؤسساتها.‏
وأدى هذا الجو الشعبي الجديد إلى مطالبة البرلمان الأردني بالإجماع بطرد السفير الإسرائيلي من عمان رداً على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة بحق المسجد الأقصى المبارك، كما طالب نواب عبر مذكرة رفعوها إلى رئيس البرلمان بإعادة النظر في قانون المصادقة على اتفاقية وادي عربة لثلاثة أسباب... (الانتهاكات المتكررة والمتعمدة بحق المقدسات الفلسطينية، ورفض الشعب الأردني لهذه الاتفاقية، وعدم جدية ونفعية الاستمرار بأحكامها). وفي الوقت نفسه صمت الأردن الرسمي عن إدانة الغارة الإسرائيلية العدوانية على جمرايا وأدانها مجلس النواب الأردني فقط.‏
وأشار تقرير لصحيفة واشنطن بوست عقب زيارة الملك عبد الله الثاني في نيسان 2013 إلى واشنطن إلى أهمية دعم إسرائيل والسعودية للنظام الأردني. وأكد التقرير أن استقرار الأردن يمثل مصلحة إسرائيلية عليا.‏
كما أكدت صحف عربية أن الأردن رضخ لأوامر سعودية تتعلق بإرسال السلاح والمسلحين إلى سورية؛ وجاء صمت الأردن الرسمي عن إدانة الغارة العدوانية على جمرايا ليعبر عن اتفاقات ومصالح مشتركة مع إسرائيل. وتقيم الأردن علاقات استراتيجية مع واشنطن والرياض وتل أبيب تحتل مكان الصدارة في علاقاتها الخارجية وتفرض سلوكه تجاه الأزمة في سورية.‏
وتجعل المصالح المالية والأمنية والعسكرية للحكومات الأردنية أكثر اقتراباً من المحور الأمريكي - الإسرائيلي - السعودي.‏
وتلعب بنية النظام وارتباطاته وتحالفاته التاريخية دوراً في الابتعاد عن الدولة السورية المتمسكة بقضية فلسطين، والاقتراب من المعارضة المسلحة وداعميها من آل سعود وآل ثاني والإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية.‏
إن من مصلحة النظام الأردني عدم الزج بالأردن في حرب تزيد من سفك الدم السوري، ومن تدمير الدولة السورية، مما يتجاوز قدرات الأردن ويمس بأمنه الوطني وبالأمن القومي العربي وبقضية فلسطين وعروبة القدس بشطريها المحتلين.‏
سادت الاضطرابات والقلاقل والحروب العدوانية والمجازر الجماعية منذ أن نجحت الإمبريالية والصهيونية والرجعية باستغلال الهولوكوست النازي وإقامة (إسرائيل) وتداعيات المنطقة ونكبة فلسطين عام 1948 وترحيل الفلسطينيين وعدم السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم واستمرار الاستيطان والعقوبات الجماعية على الضفة الغربية وقطاع غزة حتى اليوم.‏
إن احتلال إسرائيل لفلسطين والجولان وجنوب لبنان والحروب التي أشعلتها والمجازر والاعتداءات التي ارتكبتها هي السبب المباشر للمآسي والويلات التي يعيشها الشعب الفلسطيني والجماهير العربية، وسبب الاضطرابات وعرقلة التنمية والتطور في المنطقة.‏
إن الموقف المغامر والخطير الذي تقوم به السعودية وقطر والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا وإسرائيل، والذي يساهم في سفك الدم السوري، وتدمير الدولة السورية، وتصفية قضية فلسطين يلحق أفدح الأضرار بسورية وفلسطين والأردن والعراق ولبنان، ويقود إلى إحراق المنطقة، وسيؤدي في حال استمراره الى تفتيت الدول العربية من خلال إشعال الطائفية والمذهبية والعرقية والتوطين « الوطن البديل والكونفدرالية وربما على حد قول الجنرال الإسرائيلي آرييه نافية قائد المنطقة الوسطى (الضفة العربية المحتلة) السابق الذي صرح بأنه ربما سيكون الملك عبد الله الثاني آخر ملوك العائلة الهاشمية ، وذلك لرسم خريطة سايكس بيكو2وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال التفتيت ومشروع الشرق الأوسط الجديد.‏
د.غازي حسين