-
مقاطع حوارية!/طارق رمضان
مقاطع حوارية حول القضايا الإنسانية (7)
طارق رمضان : إن العناصر الثلاثة التي عرضتها للتَّوِّ تؤدي بنا إلى نقطة أخيرة، تقوم بتمديد كلامكم وهي : اليقين. إن الأعراف الدينية والروحية- بدءًا من الأكثر أورثودوكسية إلى الأكثر ليبرالية، ومن اليهودية إلى المسيحية، سواء الكاثوليكية أو البروتيستانتية، وصولا إلى الإسلام- لم تُؤكِّد مطلقا، أن الصلة بالله سَتَمُرُّ عبر التأكيد العقلاني. إن المسار الذي لا يَمُرُّ عبر التأكيد العقلاني، والذي ستسلكون منه هو المسار الذي أؤمن به بكل تأكيد. أظن أنه لا يمكن أن يكون المسار إلا كذلك. وفي المقابل، فإن اليقين الخصوصي، أو اليقين الذي يحصل عبر التجربة التي ترتبط بالذوق بتعبير الصوفية، موجودٌ بالفعل. إنه يقينُ القلب الخالي من أي شكل من أشكال الدوغمائية، الذي يَسْتَشْعِرُ الوجود الإلهي الخصوصي ويتذوّقه. ولا يمكن أن نملك هذا اليقين في وجود الإله إلا بتجربة القلب، وليس أبدا عبر المعادلة العقلانية.
إدغار موران : ما يُدهشني في تصوركم هو أنه يشمل توحيدا أصيلا أَعُدُّهُ مُتَخَيَّلاً، إذ لا نرى له أيّ أثرٍ إيثنوغرافي. علاوةً على ذلك، فإن التّوحيد اليهودي-المسيحي والإسلامي ليس في الواقع إلا جزءًا صغيرا من الدِّينِ في العالم. فلا يجب أن ننسى الديانات الهندوسية الشرقية، والآزتيكية، أو الأندية، التي قضى عليها الغزو المسيحي، والتي لاتزال تملك بعض الجذور الحيّة؛ بعبارة أخرى، عندما ننظر إلى تَعَدُّدِ الأديان وتَنَوُّعِها، كيف يمكن أن نعتقد أننا ننحدر من دين واحد يُمَثِّلُ الحقيقة المطلقة، وأن الأديان الأخرى مخطئة؟ على سبيل المثال، في أوربا الآن، العديد من الناس يتوجهون نحو البوذية، لأنهم يرون فيها شكلا دينيا مقبولا بالنسبة إليهم، ومُجَرَّدا من أي شكل من أشكال الوحي. بعبارة أخرى، السؤال الأول هو كالتالي: نشهد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تعددية على مستوى المعتقدات، كما يمكن القول إن هناك تعددية حتى داخل هذه الأديان نفسها. فقد شَهِدْنا ظهور الكاثوليكية والبروتيستانتية، وأشكالا أخرى انحدرت من الإصلاح الديني، كما شهدنا ظهور السنة والشيعة عند المسلمين. كيف يمكن إذا التّشَبُّت بِمُعْتَقَدٍ خاص في عالم نَشْهَدُ فيه أشكالاً عديدةً من المعتقدات؟
طارق رمضان، إدغار موران : القضايا الإنسانية الطارئة والجوهرية -
(L'urgence et l'essentiel, Tariq Ramadan et Edgard Morin, 2017)
#مقاطعحوارية
-
تأملات من وراء القضبان (7)
"هذا الكتاب (واجب الحقيقة) كُتِبَ فَجْرًا، كما هو الحال بالنسبة إلى جميع كُتُبِي، بالمناسبة. في جَوِّ الشُّرُوق الصّامت، وفي أجواء الوحدانية والتأمُّل، وأمام نافذة كانت تستقبل النور كل يوم، والشمس في غالب الأحيان. لقد انبلج الصبح!
إن الليلة الطويلة التي قضيتها في السجن كانت تشبه فترة الحمل : تسعة أشهر ونصف قضيتها في زنزانة، محروما من الحرية، على وتيرة المفاتيح التي تحدث الضجيج، والأبواب التي تُطْرَق، والأقفال التي تُحْكَم. إنها مدة التشكّل التي تعقبها لحظة الميلاد. [...] فكما يجب الاستعداد لآلام الظلام الدامس الذي حَلَّ، يجب كذلك أن نكون مستعدين ومتيقّظين للصبح الذي سينبلج حتما. "
طارق رمضان- واجب الحقيقة (2019 ,Devoir de vérité)
#تأملاتمنوراءالقضبان
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى