عندما يستخف بشار الأسد بالشعوب!
د. فايز أبو شمالة
عندما يهزأ بشار الأسد من عقول الناس، ويستخف بقدرتهم على الربط بين الأحداث، يتباهى في تصريحاته بأن العدوان الإسرائيلي على دمشق جاء ليؤكد على مدى الترابط بين معارضي نظام حكمه وبين إسرائيل، وأنه سيرد بفتح جبهة الجولان لمن أراد مقاومة إسرائيل.
هذه اللغة الاستثمارية لا تقنع عاقلاً سورياً أو عربياً لما يزل يكتوي بالنار من نظام بشار الأسد؛ الذي يشن حرباً ضد المدن السورية، وصلت إلى حد قصف السكان الآمنين بالصواريخ بعيدة المدى، وبالأسلحة غير التقليدية!
لقد نكص الأسد على عقبه مراراً وتكراراً أمام الصهاينة، ولم يجرؤ على رفع قشة ضدهم، وفي الوقت الذي يتجرأ على قصف المدن السورية؛ التي آوت معارضيه، يحجم عن مهاجمة الصهاينة حلفاء معارضيه كما يدعي، لذلك لا يمكن أن يصدق عاقل أن إسرائيل عدوة لنظام حكم الأسد، وهي التي أعلنت أنها تستهدف شحنة أسلحة في طريقها إلى حزب الله، وأنها لن تسكت في حالة انتقال الأسلحة التي يمتلكها الأسد إلى أيدي معارضيه!
لقد اتضح أعداء إسرائيل بجلاء، إنهم أهل العقيدة الإسلامية، وقد أثبت ذلك حزب الله حين حارب الصهاينة، وأوجعهم، وستثبت ذلك كتائب المجاهدين الذين يخوضون حرباً ضد بشار الأسد، في طريقهم إلى المواجهة الكبرى مع اليهود الصهاينة، وقد اقتربوا من قطف أولى ثمار الثورة، وذلك من خلال تخلي نظام الأسد عن دوره التاريخي في حماية الحدود الإسرائيلية، وإعلانه عن إطلاق يد التنظيمات المقاومة للمواجهة مع إسرائيل.
لقد استخف الأسد بالذاكرة الجماعية للأمة العربية والإسلامية، وحاول أن يخرج بطلاً، يستهدفه العدوان الإسرائيلي، في الوقت الذي دللت فيه الغارات الإسرائيلية أن القتلى هم سوريون، وأن الذي ارتج هو الجيش السوري، وأن الأسلحة التي دمرتها إسرائيل قد اشتراها الشعب السوري من قوت يومه، بينما الذي سارع لقطف الثمر هو بشار الأسد، الذي شن هجوماً شريراً على المدن السورية رداً على الغارات الإسرائيلية.
ضمن معادلة الولاء والعداء للصهاينة، أزعم أن موقف نظام الأسد من الصهاينة يتناقض جذرياً مع موقف حزب الله، وأزعم أن موقف الكتائب الجهادية من العداء للصهاينة أقرب إلى موقف حزب الله، وهذا ما يفرض على الجميع أن يعيد قراءة الخريطة السياسية على أرض سوريا، ليصير التفريق في التحالف بين عدو عقائدي لإسرائيل، وبين من يوظف العداء لتثبيت نظام حكمه، وإذا كانت إسرائيل الصهيونية قد اتفقت مع أمريكا المسيحية على معاداة العرب والمسلمين، دون الالتفات للصراع التاريخي بينهما، فإن متطلبات الصمود ومواجهة العدوان تقضي بأن يصير التوافق بين رجال المقاومة على تغليب الصراع العقائدي على الخلاف المذهبي، ولتكن أرض سوريا المنطلق، وبداية التحالف ضد العدو الإسرائيلي.