باب الحوار
... ثم إنهم ضربوا لأنفسهم موعدا اتفقوا على أن لا يخلفوه، وأجمعوا أمرهم على أن يجود كل واحد منهم أثناء تحاورهم بما لديه من فكر ثاقب، ورأي سديد، ونظر بعين البصيرة ...
فما إن ضمهم المجلس حتى شب بينهم الخصام سريعا كالحريق، وغاص في نفوسهم سم الغرور عميقا كسهم رشيق، ثم سرعان ما دبت بينهم الأهواء وتشابكت فضاع الطريق، وهبت عليهم ريح العداوة كجرح غائر عتيق، فصاروا جميعا في غياباته المعتمة كالغريق ...
ضاقت جدران المكان بأصواتهم المتعالية وصمت بما لا تطيق، واشتعل شهيقهم وزفيرهم حمما جبت ما بين الأخ والشقيق، وثيابهم بأيديهم شقت ومزقت أشنع تمزيق، فلفظ كل منهم في وجه أخيه من فمه ما لا يليق، أما مائدة اجتماعهم المستديرة فهشمت ودقت ثم إنهم حولوها إلى دقيق ...
فما كان منهم بعد ذلك سوى أن فتحوا جميع الأبواب، إلا بابا واحدا ظل على قيد الإغلاق إلى أجل خالد في نومه الثقيل، هيهات أن يفيق ...
د. عبد الفتاح أفكوح -
أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com