يا مصر، إن ظل العود فاللحم يجود

[د. فايز أبو شمالة]

يا مصر، إن ظل العود فاللحم يجود
هل سيعود الرئيس محمد مرسي لكرسي الرئاسة؟
سؤال يخطر في بال الكثير من الناس، ولاسيما أن بعضهم يقسم:
أن مرسي سيعود رغم أنف الانقلاب، وبعضهم يحلف أن مرسي لن يعود أبداً،
وسيقرر الشعب المصري في الانتخابات القادمة من هو رئيس مصر.

---

هنالك مثل عربي يقول: إن ظل العود فاللحم يجود. والمقصود هنا: طالما ظل جذع الشجرة على قيد الحياة، فإن الأفرع والأغصان والأوراق ستتجدد، وتنمو، وتزدهر وتثمر.
هذا المثل ينطبق على الفكرة التي اقتنع فيها مرسي، وصدقها، ودخل السجن في سبيلها، فطالما ظلت الفكرة على قيد الحياة، فإن سبل تحقيقها، وتطبيقها على أرض الواقع لن يكون صعباً، ولاسيما أن المجتمع المصري مجتمع مسلم بأغلبيته، وقد أعطى في الانتخابات البرلمانية أكثر من سبعين في المائة للأحزاب الإسلامية، وأعطى مثيلها في الاستفتاء، وأعطى الأغلبية لانتخاب الرئيس مرسي، وأعطى أغلبية في الاستفتاء على الدستور.
إنها الفكرة التي آمن فيها مرسي، وستنتصر بحضور مرسي وغيابه، وبحضور بعض الأسماء القيادية وبغيابها، إنها الفكرة التي من أجلها يحتشد الناس، ويضحون، ولا يغلب الفكرة جيش ولا أسلحة، لأنها فكرة الإيمان والانتصار، وهي باقية طالما بقى المصريون يتنفسون الحضور عن طريق الانتخابات الديمقراطية، وهي باقية رغم قمع الحريات، وتكميم الأفواه، وهي منتصرة رغم محاولات التعتيم الإعلامي، وطمس الفضائيات.
سيرجع الرئيس محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة، سيرجع بشخصه وجسده وهيئته، أو سيرجع من خلال أي اسم آخر يتبنى مواقفه، ويؤمن بما آمن فيه، ويصدق ما سار عليه من نهج، سيرجع مرسي رئيساً لمصر، وقائداً عربياً إسلامياً يقود الأمة، ويعبر بها بحر الظلمات إلى النور، ففكرة الرئيس محمد مرسي تمثل إرادة الشعب المصري، وإرادة الشعب هي العود الذي تتفتح عليه أغصان التحدي والصمود، فطالما ظل العود، فإن اللحم سيجود.
أثناء خروجنا من مكتبة الإسكندرية سنة 2006، قلت للدكتور حاتم جرار، رئيس بلدية جنين، انظر إلى بنات جامعة الإسكندرية، واحكم على مستقبل مصر السياسي من خلال الحجاب الذي يلف بنات الجامعة، لقد دخلت شخصياً جامعة الإسكندرية سنة 1980، وكانت تعج بفتيات شبه عاريات.
إن الفرق بين المشهدين ليؤكد الفرق بين الطموح المحتشم، وبين الإحباط العاري.

[د. فايز أبو شمالة]

سكت ميدان التحرير في مصر، وسكنت حركته، وانطفأ بريقه، وفي المقابل نطق بالحق ميدان رابعة العدوية، بعد أن سكنت فيه الحرية، ورفرفت فيه رايات الكرامة العربية.
لقد مات ميدان التحرير، وصار رماداً، واستبدلته مصر بميدان رابعة العدوية، فاشتعل نيراناً، وهذا يؤكد ما قاله شاعرنا محمود دوريش، حين سأل جده:
لماذا تركت الحصان وحيداً؟
فقال:
كي يؤنس البيت يا ولدي
إن البيوت تموت إذا غاب سكانها

[أسامة عكنان]

ليس الزعيم الكاريزمي هو ذلك السياسي الذي تحظى معتقداته وأفكاره السياسية بالأغلبية دائما..

فقد ثبت بالدليل القاطع أن أسهل ما في العمل السياسي هو أن تنجح في تشكيل أغلبية في "لحظة انفعال هوجاء"، لا تلبث أن تنقلب عليك في "لحظة انفعال هوجاء" أخرى، يتغير فيها مزاج الناس، ويستصعبون فهمك، ويمتنعون عن إكمال المشوار معك، إما اقتناعا او انخداعا (!!)

الزعيم الكاريزمي هو ذلك النوع من السياسيين الذين يستطيعون الجمع بين كلِّ الفرقاء في ذرى الأزمات المنذرة بالفتن، فيعلون من شأن الأقلية بتحريرها من تأثير "الانسحاق بالمغالبة"، ويعلون من شأن الأكثرية بتحريرها من تأثير "الاستعلاء بالمغالبة"، ليتلقي الطرفان عند نقطة من أعظم النقاط، تعطي للتعايش معناه، وللإنسان قيمته، اسمها "التوافق"..
هذه هي الزعامة، وذاك هو الزعيم..

[د. فايز أبو شمالة]

وكذلك:

مصر ليست بحاجة إلى مساعدات خارجبة، مصر بحاجة إلى ضبط داخلي، وسد قنوات تهريب الدخل القومي، ففي مصر خزائن الأرض، وفيها خير رجال الأرض، وفي مصر نهر النيل الذي يروي مساحات من الأراضي الزارعية القادرة على أن تطعم كل أفواه الجياع للديمقراطية والحرية والعدالة في دول الخليج العربي.