بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا فضل الشرعُ الزوجَ على الأبوين بالنسبة للمتزوجات ؟
د.ضياء الدين الجماس
برّ الوالدين وطاعتهما (في غير معصية الله تعالى) من أعظم القربات في الشرع الإسلامي ، ولكن الأنثى إذا تزوجت انتقلت أولوية هذه المبرة والطاعة إلى زوجها ، فلماذا ؟
لو فكرنا في آيات القرآن الحكيم والأحاديث الشريفة لوجدناها تذكرنا ببعض الفضائل والخصال التي تتوفر في الزوج الصالح ولا تتوفر عند الأب ، ولعلها هي السبب في التفضيل بما يوجب اعتراف الزوجة بفضل الزوج ومحبته وبره وطاعته ، أذكر منها ما يلي :
1 – الإفضاء والإحصان ( العلاقة الجنسية السليمة تسكت الشهوات وتحفظ الفرج وترفع درجة العبادات.) . فالأنثى تحصن بزوجها وليس بأبيها.
2 – الميثاق الغليظ ( عقد الزواج ) والقوامة على إنشاء الأسرة المستقلة كلبنة أساسية في بناء المجتمع والإنفاق عليها ورعايتها ( الزوج عمود البيت الأساسي).
3- الزوج سبب في الحمل والولادة فيهب زوجته منزلة الأمومة التي تجعل الجنة تحت قدميها وهذه أكبر نعمة يهديها الزوج لزوجته لا يمكن للأب أن يقدمها.
4- حسن التبعل للزوج يرفع منزلة الزوجة إلى مرتبة المجاهدين في سبيل الله.
الأدلة من الآيات الكريمة والحديث الشريف:
- يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا 1النساء
- وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا 21 النساء
- وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ 24 النساء
- الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ 34 النساء
- ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة - الروم (21)
- حديث معاوية بن جماعة أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك. فقال: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وغيره كالطبراني وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وأقره المنذري.
-أخرج الطبراني - في "الكبير" - عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تعلم المرأة حق الزوج، لم تقعد ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ منه))؛ صحيح الجامع
- عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّةِ ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَنَا وَافِدَةُ النِّسَاءِ إِلَيْكَ ، وَاعْلَمْ - نَفْسِي لَكَ الْفِدَاءُ - أَنَّهُ مَا مِنَ امْرَأَةٍ كَائِنَةٍ فِي شَرْقٍ وَلا غَرْبٍ ، سَمِعَتْ بِمَخْرَجِي هَذَا أَوْ لَمْ تَسْمَعْ بِهِ إِلا وَهِيَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِي ، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَكَ إِلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، فَآمَنَّا بِكَ وَبِالْهُدَى الَّذِي بَعَثَكَ اللَّهُ بِهِ ، وَإِنَّا مَعْشَرُ النِّسَاءِ مَقْصُورَاتٌ ، قَوَاعِدُ بُيُوتِكُمْ ، وَمَقْضَى شَهَوَاتِكُمْ ، وَحَامِلاتُ أَوْلادِكُمْ ، وَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ الرِّجَالِ فُضِّلْتُمْ عَلَيْنَا بِالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ ، وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى ، وَشُهُودِ الْجَنَائِزِ وَالْحَجِّ بَعْدَ الْحَجِّ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا أَخْرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا وَمُرَابِطًا حَفِظْنَا لَكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَغَزَلْنَا أَثْوَابَكُمْ وَرَبَّيْنَا لَكُمْ أَوْلادَكُمْ ، فَمَا نُشَارِكُكُمْ فِي الأَجْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ بِوَجْهِهِ كُلِّهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَسَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ فِي مَسْأَلَتِهَا عَنْ أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ ؟ " قَالُوا : وَاللَّهِ مَا ظَنَنَّا أَنَّ امْرَأَةً تَهْتَدِي إِلَى مِثْلِ هَذَا ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا فَقَالَ : " انْصَرِفِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ ، وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبِهَا مَرْضَاتِهِ وَاتِّبَاعِهَا مُوَافَقَتَهُ ، تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ " . فَأَدْبَرَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ اسْتِبْشَارًا.