رفع التكليف عند الصوفيه
مجلة التصوف



بفرحة الحبيب بلقاء من هو من قلبه قريب كان لقاء السائل بالمجيب فلما رآني سماحته قال : ما ورائك ياغلام .
قلت : مولاي الكريم اليوم ليست لدى أسئلة كثيرة ولكنه سؤال في كلمتين اثنتين .
قال سماحته : ما هو السؤال ؟
قلت : رفع التكليف . . حدثني عن كل شيء يتعلق بهذا الأمر .
قال سماحته : بعد حمد الله والثناء عليه كما أثنى عليه حبيبه سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلّم – عندما قال : ( سبحانك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) وبعد:
يا بني إن التكليفات الإلهية إنما تكون للمؤمنين فكل من دخل دائرة الإيمان نزلت عليه التكليفات من صلاة وصيام وحج وزكاه وصلاه على رسول الله إلى غير ذلك والإيمان والعقل والعلم والإستطاعه هى موجبات التكليف فإذا سقط أحدها عن الإنسان سقط معها التكليف . . ثم قال سماحته هل فهمت ؟
قلت : طبعاً لا ولكنى على استعداد للفهم إن شاء الله .
قال الشيخ : ما علينا منك المهم أن الله لا يكلف الكافرين بأي من التكليفات الشرعية ألمعروفه ولا يكلف غير العاقل ولا يكلف من لا يعلم إلا أن يعلم ولا يكلف غير المستطيع إلا إذا أستطاع فإذا فقد العقل مثلاً رفع التكليف للجنون عن المجنون وهكذا العلم والإيمان والإستطاعه .
قلت : أنا مضطر إلى السؤال غير باغ ولاعاد .
فقال الشيخ : أسأل ولا إثم عليك .
قلت : إن بعض الناس يقولون إن بعض الصوفية يقولون بفرية رفع التكليف .
قال الشيخ : هل يقولون برفع التكليف عنهم أم برفع التكليف لهم ؟.
قلت : لا أعرف الفرق بين لهم وعنهم .
قال السيد : يا بني إن التكليف هو العلاقة بين العبد وربه فمن أدعى وهو مؤمن عاقل عالم مستطيع أن التكليف قد رفع عنه فإنه يقصد أنه ليس عبداً لسيد عظيم هو الله وهو يشبه من فصل من العمل وأصبح غير مكلف بعمل يؤديه وهذا معنى رفع التكليف عن المكلّف .
أما إذا ترقى في عمله وزادت مسئولياته وأصبح أكثر عبودية لله تعالى فهذا هو معنى رفع تكليفه وليس رفع التكليف عنه , فالعبد لا يكون عبداً إلا إذا كان طوع أمر سيده أما إذا أبق العبد وجمح ونأى بجانبه من تلقاء نفسه دون أمر من سيده أوعتق من كريم مولاه فقد رفع عن نفسه ما كلفه به فلم يصبح عبداً ومع ذلك فهو ليس حر ولا يعقل أن يقول الله عن أولياؤه ما قال في كتابه الكريم من الاحترام لهم والتكريم ثم يقابلون ذلك بالجحود ويتخلون عن شرف عبوديتهم لخالقهم وسيدهم ولكن للصوفية الكبار أقوال تغم على غيرهم عندما يتحدثون عن عشقهم لخالقهم وشوقهم إلى أداء ما يرضيه من طاعات ابتغاء وجهه الكريم فلا يؤدون العبادة أداء المكلف المتبرم من أداء ما أمر به الذي يشعر بثقل الأداء وكأنه حمل على كتفيه فيبحث عن رخصه هنا ورخصه هناك ويتنقل بين المذاهب باحثاً عن الرخص كما يبحث الموظف الكسول عن مبررات كاذبة ينقطع بها عن عمله فبعض السادة الصوفية يصفون من يتعامل مع ألعباده بهذا المنطق بأنه يؤديها أداء مكلف يتجرعها ولا يكاد يثيغها بل إنهم ينصحون دائماً بأن يحب العبد لقاء ربه ليكلفه فيحب الله لقاء عبده ليرقيه ويزكيه ويمنحه ويعطيه متمثلين فى ذلك قول سيدهم صلى الله عليه وسلّم
( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وإذا صام أهل الهمة فإنهم يجدون راحتهم في الصيام حتى إذا أوشك رمضان على الرحيل يقولون له لا أوحش الله منك يا شهر الصيام وإذا حجوا أو اعتمروا فإنهم يقولون عند وداع الكعبة اللهم لا تجعل هذا آخر عهدنا بالبيت أى يتمنون الرجوع إليه مره أخرى وإذا أدوا ما عليهم من زكاه فإنهم يلجأون إلى الصدقة حباً فى بذل مالهم وإذا انتهوا من الصلاة كفريضة فإنهم يهرعون إلى صلاة النافلة حباً في الصلاة وهكذا . .
وهناك قول آخر : إن من يكتفي بأداء الفرائض يقال عنه إنه يعبد الله عبادة المكلفين . ومن أحب النوافل وأكثر منها وهو غير مكلف بها فهؤلاء هم الذين يؤدون العبادة أداء العاشقين . . ثم سكت الإمام وكأنه يبحث عن شيء أفهم به ما يقول . . ثم أنتبه سماحته وقال : أتريد مثلاً ؟
قلت : ويضرب الله الأمثال .
قال الشيخ : لو إن رجلين زميلين فى العمل رجعا آخر النهار فقال أحدهما لزوجته : لقد رفع تكليفي اليوم ففرحت واستبشرت وزغردت لأنه ترقى وزادت مسئولياته .
وقال الآخر لزوجته : لقد رفع عنى التكليف اليوم فصرخت وصكت وجهها وحزنت لأنها فهمت أنه فصل من عمله اليوم . والرجلان لا يستويان والناس في الفهم لا يستوون .
وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله
والسلام عليكم . . وعليكم السلام
مــــريد

مجلة التصوف الإسلامى
ديسمبر2007
=====
منقول للفائدة التى تحسم خلافا ليس بخلاف!
وأقول ليس منّا من قال برفع التكليف عنه
فهو ممن قيل عنهم: تحقق ولم يتشرّع!!!.