دستور القراءة والكتابة
2
( خصائص الأداء اللغوي المهاري)
==================================
الملكة اللغوية والمهارة الأدائية
يولد الإنسان مفطورا على اكتساب أية لغة، ثم يكتسب لغة معينة؛ فتنضاف منها إلى ملكته الكامنة في فطرته معالم جديدة تتطور بها وتتحدد وكأنها لم تخلق من قبل إلا بها، وتظل ممارسته المهارية الأدائية هي مجلى الإنجاز وينبوع التطوير جميعا معا؛ ففي أثنائها تتوالى أحوال الاتباع فالابتداع فالاتباع فالابتداع... دواليك.
الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة
وليس أجمع لأحوال الاتباع والإبداع كلها في المهارة الأدائية من ممارسة الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة كلها؛ إذ في ممارسة الاستماع والتحدث ما يستوعب أحوال الحضور، وفي ممارسة القراءة والكتابة ما يستوعب أحوال الغياب، وليس وراء الحضور والغياب من حال تطلب.
تكامل كل مهارتين
لولا المتحدث ما استمع المستمع والعكس بالعكس، ولولا الكاتب ما قرأ القارئ والعكس بالعكس؛ فمن ثم تنضفر مهارتا الاستماع والتحدث في ضفيرة أولى، وتنضفر مهارتا القراءة والكتابة في ضفيرة ثانية، ولا يمتنع أن تنقص إحدى طاقتي كل ضفيرة عن صاحبتها ما تماسكت الضفيرة واستقامت -فينقص التحدث عن الاستماع في الأولى أو العكس، وتنقص الكتابة عن القراءة في الثانية أو العكس- إذ تقوم الطاقة الزائدة في ضفيرتها على الطاقة الناقصة؛ فتسد خللها.
تكامل المهارات الأربع
لا غني بالتحدث عن الاستماع والعكس بالعكس -فهذا قانون المشافهة الطبيعي- ولا بالكتابة عن القراءة والعكس بالعكس؛ فهذا قانون المكاتبة الطبيعي. ولكن ربما وجدنا من يستبدل بالاستماع القراءة أحيانا أو بالتحدث الكتابة، ومن يستبدل بالقراءة الاستماع أحيانا أو بالكتابة التحدث. وعلى رغم ما في هذه الحال من دلالة على غلبة النزعة الاجتماعية، وما في تلك الحال من دلالة على غلبة النزعة الانفرادية- ينبغي التنبيه على ما فيهما جميعا من دلالة على التكامل الأدائي المهاري.
مراحل الأداء
ينبغي التنبيه على أن المستمع والمتحدث والقارئ والكاتب كلهم جميعا، لا يبلغون مقاصدهم اللغوية التركيبية التقويمية ثالثا، حتى يمروا بمرحلة الإجمال التفكيري أولا، ثم بمرحلة التحليل التعبيري ثانيا. وهي ثلاث مراحل نقدية متكاملة؛ فلا غنى بأي منهم عن أن يلم أولا بمقصد عمله أو عمل غيره إلماما إجماليا يعرف به مواطئ قدمه فيه، ثم أن يفكك عناصر العمل بعضها من بعض حتى يكتشف تعبيراته من داخله ويميز وظائف كل منها، ثم أن يركب عناصره حتى يطمئن إلى مقصده الذي تآزرت عليه بحيث يمكنه أن يفصل في أمره.
درجات المهارة
وعلى رغم ما يوحي به مصطلح مهارة من إتقان، تتميز في كل أداء مهاري من هذه الأداءات الأربعة (الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة)، ثلاث درجات واضحة متصاعدة: أولاها درجة الغفلة التي يخطئ فيها المؤدي -ولا ينتبه حتى ينبهه غيره- ويصيب، والثانية درجة الوعي التي يخطئ فيها المؤدي -وينتبه أنه أخطأ من قبل أن ينبهه غيره- ويصيب، والثالثة درجة البداهة التي يصيب فيها المؤدي -ولا ينتبه أنه أصاب- ولا يخطئ.