وَرَقْ.
************
هاتوا مواعينَ الوَرَق
هاتوا دَساتيرَ النحيبِ عَلى العَلقْ.
وتجمعوا حولي.
وتهامَسوا ثُمَّ اصرُخوا:
رُحْماكَ يا رَبَّ الفَلق.
يا أمةً ذابَتْ عَلى أوْصالِها
روحُ النَزَق.
هاتوا الرَّغيفَ وضَمِّدوا
جُرْحاً أراهُ قدِ (انفتق).
...........................
وَضَعوا عَلى الأفواهِ مِنشَفَةً.
حَتى إذا سَالَ اللُّعابُ تَخبَّأتْ في سَطحِها
كلُّ الضَغائِنِ وَالأرَقْ.
كلُّ الدَقائقِ وَالثواني الموجعات الموحلاتْ.
هاتوا كُحولاً نظفوني مِن دَمي.
هاتوا نبيذاً واسكبوهُ بِمِعصَمي.
هاتوا شُروداً في جُزَيئاتِ الغَسَقْ.
هاتوا سِهاماً باتَ يغشاها الغَرَقْ.
هاتوا رِداءَ البؤسِ مِن
أتراحِكم لِفَمي.
يا أيها الآتونَ منْ حوضٍ وصنبورينِ ِ
في أحْجارِ مَدرسَتي.
في شارِعيْ ضَاقَ الرَّصيفُ عَلى حُفاةِ الأرْجُلِ.
.......................
قالوا بِأنّي سَيدٌ لهِضابِكمْ.
قالوا سَتَغدو حَنظلاً لسَعيرهِمْ أنتَ الوَشَقْ.
ثم استراحوا في أماكن غربتي .
في شاشتي.
في ساحِ مِقصَلتي
............................
قالوا بِأنّي نطفةٌ في بَحْرِ أغنيتي
قالوا ثم قالوا:
أني نثرتُ عَلى لِسانِ الضَّادِ في لُغَتي.
وَيَمُرُّ في بَدَني نُعاسُ الشِعرِ مشبوكاً بِأحجيتي .
أني ولدتُ مُضَرَّجاً بِعُروبَتي.
أني ولِدتُ و (دايَتيْ ) قد فارَقتها روحُها
وعلى يديها باتَ موتيَ مضجعي .
.....................
عاشَتْ بيَ الديدان .
عاشتْ بيَ الأنثى وَزهرُ الحَقلِ
وَالصِّبيانْ.
عاشتْ جميعُ الناسِ في قلبي وَفي كلمي.
عاش البخيل وعاشت الأقزام
عاش التلعثم في أخيات الفكر.
.................
هاتوا مَساماتي .
هاتوا أنا ما عُدتُ أعرِفُني أرى
نَفسي يُعانِقها نِكاحُ الصَّبرْ.
اليومَ أشعرُ أنَّ عيداً في (زُحَلْ)
وعَلى بِطاحِ العُربِ هبَّ الذعرْ.
يا سَيّد الأوطانِ يا وطني ألَيسَ الآنَ
تفديني بِبَعْضِ الحِبرْ.
إنْ كُنتَ تَذكرُني فَخُذ بِيَدي.
إن كُنتَ تقتلني فَخُذ قلمي وَكسِّرني عَلى الأفواهِ
بَعثرني حبيباتٍ مِنَ الأحلامِ وَالأعيادْ.
مَرِّرْ وِشاحيَ أسمِعني صَدى الأمْجادْ.
بينَ الثكالى رايتي في أعيُن ٍ
مَرسومَةٍ بِالدَمعْ.
الظِلُّ باتَ اليومَ مُمتَعِضاً .
والسَطرُ مَوشومٌ بِجُمجُمَةٍ فلا
أعْضاءَ تكسوها.
وَالريحُ أسْقامٌ مُزركَشةًٌ وَيلبَسُها غَمامُ العُهرْ.
ثورٌ وَيحمِلُ قِصَّتي وَيدورُ حَولَ النَّار.
الطفلُ يَصرُخُ مُمْسِكاً بِصَحائِفي
والأمُّ تَمسحُ خُفَّها بِقَصيدَتين.
الكلٌّ يَسْكُبُ أحباري وَيترُكني بِِلا شُرُفات.
الليلُ في أرضي بِِلونِ التيهِ وَالنِسيان.
والصبحُ لا تغريدَ يَملؤهُ وَلا ألحان.
أين الجواهرُ في قلوبِ الطيرِ والإنسان.
أين السواقي يمتلئن بأحرفي.
أين البيان.
هاتوا مواعين الورق
هاتوا سنين العمر أسكبها على الأرجاء
بِسَكينةٍ تبقى مُلوحَة ًبِأيامي مُصَفِقَةً لإعدامي
هذا أنا أغصانُ فجريَ بائِسة.
هذا أنا بحرٌ ومائيَ منْ ورق.
***********
شعر / محمدأحمدخليفة