جمهورية أرمينيا السوفياتية بقلم آرا سوفاليان
بعد أن تأمر الحلفاء على الارمن وقضيتهم سعوا في آخر المطاف إلى تهريب جماعة الاتحاد والترقي وعلى رأسهم جمال باشا السفاح وانور باشا وطلعت باشا ومن كان معهم في المحاكمات الصورية الهزلية التي عقدت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، سعوا إلى تهريبهم من سجنهم عن طريق نقلهم إلى طراد بحري وايصالهم آمنين إلى السواحل الغربية لتركيا ومن هناك هرب كل واحد بإتجاه يمتد من كازاخستان وحتى برلين عاصمة ألمانيا، وتم أيضاً اللحاق بهم إلى كازاخستان وحتى برلين من قبل كتائب كوماندوس العدالة والثأر الأرمنية لينفذ فيهم جميعاً حكم الاعدام وأظهروا خلال تنفيذ الحكم ضرباً من الجبن لا يمكن وصفه.
يبدوا ان الحلفاء كانوا قد خططوا لإعادة تسليم هؤلاء مهام جديدة ولكن تحت شروط جديدة، وجاء تدخل كتائب الكوماندوس الارمنية ليفسد هذه الخطط، فتم التحوّل إلى خطط جديدة، تقضي بإيصال كمال اتاتورك إلى موقع القرار، وتم أيضاً تحريض الاتراك من قبل الاتحاد السوفياتي الذي كان يساوره القلق تجاه الاطماع الغربية بمضيقي الدردنيل والبوسفور والشواطئ الغربية لتركيا، فرفضوا وعلى رأسهم كمال اتاتورك معاهدة سيفر، وحرض الروس اتراك اذربيجان ليقفوا إلى جانب تركيا.
وفي خطوة غادرة ولكن متفق عليها بين تركيا والحلفاء، وبدون سابق انذار شن الجيش التركي هجوماً مباغتاً ومروعاً بتاريخ 22 أيلول 1920 على ارمينيا التي لم تكن قد تعافت بعد مما حدث لها، واستطاعت ارمينيا الفتية صد هجمات الاتراك ليتبين ان تركيا حشدت لهذه المعركة كل جيشها من كل جنبات الاناضول وحشدت كل الزاد والسلاح والعتاد، ووضعته في مواجهة ارمينيا الفتية، هذه الدولة الصغيرة التي هي بلا موارد ولا دعم ولا سلاح والتي ادركت ان الجميع قد تخلى عنها...وكانت المواجهات خارج أي معادلة عسكرية منطقية...مما اضطر الارمن إلى التراجع وسقطت مقاطعتي قارص وأليكسندرابول في يد الأتراك، واستمرت المعارك أعنف من ذي قبل ومنيت ارمينا بالهزيمة، وكان هذا القتال العنيف الكارثي يحدث على الجبهة الغربية وبإيعاز وموافقة وتأييد من الحلفاء وكان اتاتورك يقبض والحلفاء يدفعون في المرحلة الحالية...أما في الشرق فلقد استعاد الجيش الاحمر أمجاده وقرر مهاجمة ارمينيا من الشرق واحتل ما يمكن احتلاله لتفويت الفرصة على الغرب في مهزلة تطاحن وحروب بين الشرق والغرب بحيث تكون ارمينيا هي الضحية، وبسرعة البرق صارت جورجيا وأذربيجان خلف ظهور الجنود السوفيات، وتم وضع ارمينيا بين المطرقة والسندان الاتحاد السوفياتي من الشرق وتركيا الكمالية من الغرب، وكان لا بد من تدارك الأمر فذهبت لجنة لمفاوضة الاتحاد السوفياتي وتم التوقيع على معاهدة التسليم للسوفييت وتم تشكيل حكومة انتقالية واصبحت ارمينيا جمهورية سوفياتية تدور في فلك الاتحاد السوفياتي...وكان هذا أهون الشرّين لأن استمرار القتال مع الاتراك من الغرب والسوفييت من الشرق كان سيؤدي إلى افناء من بقي من الشعب الأرمني وهذه النتيجة تقود اليها كافة الاحتمالات، وفي اليوم ذاته الذي تم فيه توقيع المعاهدة الارمنية السوفياتية تم توقيع معاهدة أخرى مع تركيا ووقعتها ارمينيا تحت الضغوط الهائلة وهي مدركة بأنه قد تم تقاسم الغنيمة، تم توقيع معاهدة اخرى مع الاتراك وهي معاهدة الكسندرابول تم فيها التنازل عن قارص وأرداهان واكدير لتركيا وتم منح أذربيجان منطقة ناخيتشفان وتقاسم الجميع ورفعوا المائدة وكان نصيب الشعب الأرمني هو نصيب الأيتام على موائد اللئام.
وضاع استقلال ارمينيا بعد سنتين ونصف من الاستقلال...هذا الاستقلال الذي كلّف بحر من الدماء...ضاع كالهباء المنثور.
ودخل الجيش الأحمر إلى أرمينيا دخول الفاتحين وصدّق أنه انتزع النصر وكان كالأسد الهصور الذي حارب فراخ في العش، وراح الشيوعيون يلاحقون أركان وممثلي الجمهورية الارمنية التي ضاع استقلالها، فألقوا القبض على معظم الوزراء ومعظم النواب ومعظم الضباط وقادوهم إلى المعتقلات السوفياتية في سيبيريا وتم قتلهم جميعاً، دون وجود عداوة ولا وجود أدنى امكانية لأي مقاومة، وبدون اسباب وجيهة، قرر السوفيات إهدار أرواح هؤلاء، وتم اشادة السجون في ارمينيا التي كانت لا تعرف السجون وتم حشوها بالمعتقلين ومعظمهم لا يعرف سبب اعتقاله وتم تصنيف المعتقلين على انهم أعداء للثورة البلشفية والارمن لم يعادوا هذه الثورة نهائياً لأنهم لم يجدوا الوقت لذلك فلقد كانت مصيبتهم أعظم بكثير وهي مواجهة أتاتورك الذي أخذ الضوء الأخضر بإفناء من بقي من الارمن ليموتوا جميعاً وتموت معهم قضيتهم ويرتاح الشرق والغرب من تأنيب الضمير...وتم الاسراع في تصفية كل السجناء بدون محاكمات في ما يشبه المعتقد الوثني وهو الذبح وإهراق الدم على مذبح القرابين للإنتهاء من عهد سابق واستبداله بعهد لاحق ولطوي الصفحة دون الالتفات إلى أحقية الضحايا بالذبح ولا الاهتمام بتطابق المقاييس لأن الأهم هو تلبيس الناس كما يشتهي الحكام الجدد واسيادهم الحكام الفعليين للأرض، هؤلاء الحكام الذين يمثلون كل القوى الفاعلة والذين جعلوا من كل الأمم والشعوب دمى مضحكة، ولا يبقى على قيد الحياة من يفكر بمعارضتهم ولو مجرد تفكير، وهذه الحقيقة لا تدركها قطعان الأغنام فتسلك نفس الطريق وتجني نفس النتائج.
وكانت ممارسات الشيوعيين مروعة وكان الشعب الأرمني لا يطيق التهريج خاصة وانه رأى بعض الاذناب قد تحولوا للتهريج ولمساندة المحتل الجديد وابتلاع ما لا يمكن ابتلاعه وتصديق ما لا يمكن تصديقه واقناع الآخرين بصواب رأيهم وتكذيب الآخرين.
وأدت هذه المظالم إلى اندلاع ثورة جديدة بتاريخ 18 شباط 1921 وقادها من بقي على قيد الحياة من رجالات حزب التاشناك...وتم في ما يشبه المعجزة أيضاً دحر الجيش الأحمر وتحرير العاصمة يريفان وتشكيل حكومة أرمنية حرة، برئاسة سيمون فرانسيان.
وحاولت هذه الحكومة الحصول على مساعدة الحلفاء ودعمهم ولكن بدون جدوى، فلقد تجرأت هذه الحكومة على السباحة بعكس التيار، ذلك التيار الذي سبح فيه الجميع وهم متضامنين متفقين متقاسمين يكافئون الاخلاص بالعقوق والفضائل بالرذائل والأرمن لا يعلمون.
وارسلت موسكو تعزيزات ومساعدات للجيش الأحمر فعاد من جديد ليستعيد زمام المبادرة في 2 نيسان 1921 ودخل يريفان ليذيق المتمردين الموت الزؤام وليسحق لحمهم ويطحن عظامهم.
وهرب بعض الثوار وصعدوا إلى جبال زانكيزور بقيادة الثائر كاريكين نجده هذا الرجل المعجزة الذي قرر أن العين تقاوم ألف مخرز ...واستطاع تحدي السلطات الشيوعية التي كمنت له مرات كثيرة دون ان تنجح في اعتقاله، واستطاع مع مؤيديه الصمود في وجه السلطة الشيوعية أشهراً طويلة بسبب وعورة تضاريس زانكيزور، وفشلت السلطات الشيوعية من القضاء على خصائص منطقة زانكيزور الثورية ذات الهوية الارمنية، والهوية الأرمنية هوية حرة، لا ترضى بنكران الله خالق السموات والارض، ولا تقبل بأن يكون لينين إله الناس، ولا تقبل بترك كنائسها ومعابدها وتحويلها إلى متاحف وبارات وأماكن لهو ورقص وحانات لتقديم الفودكا والطرب والغناء، ولا تقبل بالتمازج الاقليمي مع الشعوب الأخرى، ولا تزوج بناتها للغرباء، ولا تقبل بإنجيل آخر غير انجيل سيدنا يسوع المسيح ولا تعترف بماركس ولا بإنجيل ماركس ولا بكل اتباعه ومؤلهيه، ولا تقبل بأن تجلس بلا عمل، ولا تقبل بأن لا يكون العمل خلّاقاً، ولا تقبل بأن تسرق، ولا تقبل بأن تكون عالة على الآخرين، ودخلت تركيا بطريقة ما على الخط تريد التقرب من كاريكين ورفاقه وزانكيزور خاصة وان ناخيتشفان في يد مريديها، فإن حدث لزانغيزور ما حدث لناخيتشفان فإن زيادة الخير خيرين...ولكن هيهات ان تعثر تركيا من اليوم وحتى يرث الله الأرض وما عليها هيهات أن تعثر على أرمني واحد يثق بها.
وسارع الجيش الأحمر إلى تطويق زانغيزور يريد كاريكين نجده ورفاقه، الذين استطاعوا وايضاً بمعجزة إلهية خرق الطوق والهروب بإتجاه ايران.
وظل القائد كاريكين نجده ملاحقاً في كل دول العالم والسوفييت يريدون رأسه، واستطاع ان يبقى على قيد الحياة حتى العام 1944 حيث اعتقل في بلغاريا ونقل إلى الاتحاد السوفياتي، وتمت تصفيته في السجن في ظروف مأساوية غامضة.
وفي العام 1923 وبحجة التمازج الاقليمي ما بين شعوب جمهوريات الاتحاد السوفياتي في الظاهر، وإرضاءً لكمال اتاتورك في الواقع، أمر ستالين بسلخ مقاطعة ناغورنو ـ غاراباخ عن أرمينيا وضمّها لأذربيجان عنوة، مع ان 90% من سكانها كانوا من الأرمن، وسببت هذه الخطوة الغير متأنية والتي كان فيها ستالين يدفع ثمن بعض المنافع الوهمية من جيوب الأرمن، سببت كوارث فيما بعد وخاصة في الحقبة قبل وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي فلقد سارع الاذريين إلى اضطهاد الأرمن وحرق كنائسهم وتحجيب نسائهم والتحرش بهم، ولم يستجب الاذريين إلى نداء العقل ولم يستوعبوا ان المسألة برمتها تعود لفاصل تهريجي أقدم عليه ستالين وهو في طور الزهو والتفرد والتأليه، فتسببوا بحرب طاحنة ودفعوا الكثير من الضحايا واستقلت ناغورنو كاراباخ.
في 23 تموز من العام 1923 تم توقيع معاهدة لوزان بين تركيا الكمالية والحلفاء حيث تم تجاهل القضية الارمنية بالكامل وذلك تحت وطأة الضغوط الكمالية الستالينية وبمباركة وموافقة الحلفاء جميعاً وكان نصيب الأرمن من جديد نصيب الأيتام على موائد اللئام.
وهكذا تحولت ارمينيا لتكون أصغر دول الاتحاد السوفياتي وبمساحة اجمالية قدرها29800 كيلو متر مربع وبعد حملات التصفية الستالينية واستقرار السلطة الشيوعية، جند الأرمن كل طاقاتهم لرفع شأن جمهوريتهم، فأصبحت يريفان من أجمل المدن السوفياتية وأكثرها تطوراً.
وعاشت جمهورية أرمينيا بالرغم من سياسة القبضة الحديدية الشيوعية، حقبة ازدهار، على كافة الصعد، فلم يكن هناك بالامكان أفضل مما كان "السباحة مع التيار أو الفناء" واختار الشعب الارمني ان يسبح مع التيار وانخرط في الشيوعية أكثر من الشيوعيين واستفاد من الدولة العظمى وامكاناتها المادية والعلمية والتقنية، وابدع بطريقة اسطورية وخاصة في الحرب العالمية الثانية وما واكبها فقدم ضباطاً من رتب الامراء قدموا الخدمات الجليلة للاتحاد السوفياتي وانتزعوا النصر واحترام رفاقهم وقدموا العلماء وخاصة في الصناعة الحربية، فلقد استطاع العالم آرديم ميكويان اختراع اسلحة جديدة زجّها في معركة البقاء فاستطاعت هذه الاسلحة فك الحصار عن موسكو وهي راجمات الصواريخ التي حولت الجبهة كما قال المشير فون باولوس إلى جهنم المستعرة، وشغل أرمن آخرون منصب وزارة الصناعات الحربية وأوصوا بنقل المعامل وكافة الصناعات العسكرية إلى سيبيريا لتفويت فرصة مهاجمتها وتدميرها من قبل القاذفات الألمانية، وتم في خطوة لاحقة نقل افران الفولاذ ومراجل صهر المعادن إلى سيبيريا أيضاً لتسير على خطوط السكك الحديدية لتتم السكابة على القوالب المتعددة فيتم سكب المزيج المنصهر في قولب متماثلة وكثيرة العدد فيدور المرجل على القولب، وليس القوالب على المرجل، لأن المرجل الثابت انتاجيته ضعيفة، ويتم التبريد بالثلج والمحصلة دوماً عشرون برج دبابة بدلاً من سكب برج واحد في قالب واحد والانتظار حتى يبرد لمتابعة المراحل الثانية المتعلقة بالخراطة ثم التجميع، هذا الفكر الصناعي الديناميكي المتطور استطاع تعويض الخسائر المتحققة في الجبهة بصورة فاعلة واستطاع في مرحلة لاحقة تجاوزها، وفي بصمة أخرى ذهبية استطاع العالم أرديم ميكويان اختراع اول طائرة نفاثة في العالم، وجن جنون الاميركان والانكليز، وحاولوا شراء العالم، بدون فائدة فلقد ذاق الأرمن المرّ من الحلفاء، والأرمني بطبعه لا يخون ولا يعقّ ولكن حظه هو من أسوأ الحظوظ، كل هذا النجاح والتقدم من الضباط والعلماء الأرمن لم يعجب ستالين بالطبع وجرّ كراهيتة وعدم رضاه، وكأن لهذا الرجل ثأراً قديماً مع هذه الامة الصغيرة المظلومة منذ الأزل، وتقول بعض الشائعات التي لا يعوّل عليها أن والد ستالين أرمني وكان قد قرر ترك زوجته، والدة ستالين، وطلّقها فعاش ستالين في كنف والدته وهو حاقد على الأرمن.
وتخصصت ارمينيا بالصناعت الكيمياوية وبصب المعادن وعموم الصناعات الثقيلة وصناعة الأسلحة والسيارات والكمائن والقطارات والصناعات الحربية الدقيقة والخطرة، وعربات الميترو والمعدات الصناعية الثقيلة وحفّارات الارض والصخور فلقد كان انجاز انفاق المترو من اشد الامور صعوبة لأن معظم الحفر كان يتم في الصخر، وبرعت أرمينيا بصناعة الغزل والنسيج، والصناعات الكهربائية، وبالكومبيوترات، وتوليد الطاقة بالمفاعلات النووية، وكانت ارمينيا تصدر منتجاتها الصناعية إلى دول العالم بوفرة، وكان الحافز كالعادة مقتول في دول الاتحاد السوفياتي، لأن المحصلة العامة للمتحصلات القومية توزع بعد اهمال قوانين العدالة، على جموع شعوب جمهوريات الاتحاد السوفياتي فتجد شعوب تنتج عشرات أضعاف منتجات الشعوب الاخرى ومع ذلك فإن نصيبها يعادل نصيب الشعوب الاخرى التي تمضي عمرها في البطالة والاتكال واحتساء الخمور والتسكع للتحلل من المسؤولية وهذا هو السبب المباشر لضياع الاتحاد السوفياتي كله.
واستطاع الارمن استصلاح اراضيهم الصخرية بجهود جبارة، واعتمدوا التقنيات الزراعية الحديثة فوصلوا للإكتفاء الذاتي ثم تجاوزوه، ليصدروا المواسم التي تلائم مناخ بلادهم إلى خارج حدود الجمهورية، وتم استثمار اكثر من مليون هكتار من الاراضي الغير صالحة للزراعة تم استثمارها في الزراعة في جهود مضنية أعطت نتائج باهرة.
اما في حقل الابداع والفكر والعلم والتعليم فيكفي القول بأن مجمل طلاب الاتحاد السوفياتي السابق تلقوا دراستهم العليا في منحيين اثنين الاول هو جامعات موسكو والثاني هو جامعات يريفان، والمفارقة العصية على الفهم هي وجود ما يقارب الألف مكتبة غير المكتبة المركزية الهائلة الحجم وعشرات المراكز المتخصصة بالدراسات العليا وستة وسبعون اختصاص علمي عالي في دولة صغيرة يصعب تدارك حدودها في مخطط اتحاد الجمهوريات السوفياتية.
أما الفن فلقد بلغ أعلى مستوياته في ارمينيا لأن الاسطورة تقول أنه عندما تولت الآلهة توزيع الفن والموسيقى على سكان الأرض كان الارمن في سفوح آراراد أول المتلقين، وتتم حتى اليوم صلاة من الحشود المتجمعة على الحدود الارمنية التركي، ووجوه الناس متجهة صوب آراراد والجميع يغنون لهذا الجبل ويصلّون له ويناشدونه بالأشعار على أمل ان يكون اللقاء قريب خاصة وان قناعة كل الارمن لا تتزعزع بعودة كل الاراضي المسلوبة في القريب العاجل إلى حضن الوطن الام أرمينيا.
هناك معاهد عالية للموسيقى لا يتناسب عددها مع عدد السكان لأنه يزيد كثيراً، وفي هذه المعاهد يتم تخريج الدارسين والموسيقيين والفنانين وخاصة قادة الاوركيسترات السيمفونية وهذا الاختصاص نادر جداً حول العالم، ويتحول بعضهم بكل يسر إلى العالمية، وخاصة أن من كان هدفه العلم والتعلم في كل جامعات ارمينيا وفي كل المجالات فإنه سيجد حتماً من يمسك بيده ويساعده على النهوض، ومن كان هدفه غير ذلك وخاصة من طلاب الشعوب الصديقة فستتم ايضاً معاونته لتحقيق هدفه بحيث لا يمكث طويلاً ليضيع الفرصة على غيره، خاصة وان العيش والاقامة والتعلم والسكن ومستلزمات الدراسة والكتب والمواصلات والنوم والنزهة تعتبر كلها وفي زمن الاتحاد السوفياتي بالمجّان وهي على شكل منح للشعوب الصديقة التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي السابق وكان الشعب يدفع ويدفع بلا كلل وينسج الأوهام لا غير.
واهتمت جمهورية أرمينيا السوفياتية كجمهوريات عموم الاتحاد السوفياتي بالرياضة وتم بناء المدن الرياضية والاستادات، واهتمت جمهورية ارمينيا كغيرها من الجمهوريات بألعاب القوى كالاثقال والرماية والمصارعة والملاكمة ورمي السهم ورمي الكرة الحديدية وتناسب هذه الرياضات اجسام شعوب الاتحاد السوفياتي وطبيعة غذائهم، وبرعوا أيضاً بالسباحة والغوص وكرة اليد، واحتلوا دائماً المراكز العليا في الرياضات الذهنية كالشطرنج، وتفردوا دوماً في حصد الميداليات الذهبية في هذه الرياضات، وعاشت أرمينيا السوفياتية في ظل الاتحاد السوفياتي، عيشة هادئة فلقد عاد التوازن الديموغرافي وتساوى عدد الذكور مع عدد الاناث، وتحولت تركيا إلى رأس حربة للأطلسي في مواجهة حلف وارسو وتحولت أرمينيا إلى رأس حربة لحلف وارسو في مواجهة الأطلسي، وتم بناء عشرات القواعد العسكرية الجوية والبرية والبحرية في تركيا لكبح حلف وارسو، وتم عمل مثيلاتها في أرمينيا لكبح الحلف الأطلسي، وظل الكل منضبط وملتزم بقوانين اللعبة، ولأن الارمن لا يحبون العقوق، فيجب عليّ أن أعترف بالحقيقة الآتية: هناك شعوب دخلت التاريخ وخرجت منه لتسجن في كتب التاريخ لا غير...لأنها انقرضت وصارت خبر بعد عين، والامبراطورية الشرقية الرومانية المقدسة وعاصمتها القسطنطينية هي واحدة من هذه الشعوب، وكان مصير الارمن لولا الاتحاد السوفياتي، سيذهب في هذا الاتجاه وإلى هذه النتيجة، فشكراً للإتحاد السوفياتي من كاتب هذا البحث ومن عموم الارمن حول العالم شكراً للاتحاد السوفياتي على كل شيء مع الاشارة إلى أن الأرمن دفعوا الفاتورة المتربة عليهم للإتحاد السوفياتي وزيادة.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
دمشق السبت 01 06 2013
arasouvalian@gmail.com