الأرومة العربية (9)
سكان شمال إفريقيا والأرومة العربية:
[] [] []
ليبيا
قبل الحديث عن ليبيا، علينا أن نعترف أنه لا يمكن للإنسان العربي الحالي الذي ينتمي لأمة يفوق عدد نفوسها اليوم أكثر من أربعمائة مليون، أن يستطيع تخيل العالم قبل عشرة آلاف سنة حيث كان كل سكان العالم لا يزيد عن خمسة ملايين إنسان*1
وإذا علم ذلك وهضمه، فإنه سيكون على استعداد لتخيل متابعة الهجرات العربية المتتالية بدءا من جفاف الجزيرة العربية مرورا بهجرة الفينيقيين وانتهاء بما نقلته الفتوحات الإسلامية وما تبعها من هجرات قبائل كبني هلال وغيرهم...
ولو أسقطنا قانون (جوستاف لوبون) الذي تحدثنا عنه في بداية الحلقات : وهو (( إذا مر ألف عام، فإن المولود في نهاية ذلك الألف، يكون قد اختلطت دمائه بعشرين ألف دم)) من جهة العمومة والخئولة وأجداده وأخوال أجداده وهكذا... فإن ليبيا لن تكون استثناء من تبعيتها للأرومة العربية...
لعل كلمة ليبيا مشتقة من كلمة (لبوة) وهي أنثى الأسد، حيث كانت ليبيا في السابق موطناً لكثير من الحيوانات (فيل، وحيد القرن، أسود الخ)، وأول ذِكر لهذا الاسم كان في التوراة (ليابيم: أي اللبوءة) ويعني عندها (البلاد التي يكثر بها الأسود)*2
كما أن الإخباريين العرب (الطبري، ابن كثير، المسعودي)، يطلقون عليها اسم (لوبيا)، نسبة الى (لوبي ابن حام ابن نوح).
ليبيا التي نتحدث عنها تبلغ مساحتها 1.760.000كم2 وترتيبها (17) من بين دول العالم من حيث المساحة، وعدد سكانها حوالي سبعة ملايين نسمة، وطول ساحلها على البحر الأبيض المتوسط 1770كم وهو أطول ساحل على المتوسط*3. و بها سهل ساحلي طوله 325كم وعرضه 10كم.
لقد قامت حضارة (دابا Dabba) حوالي 10آلاف سنة قبل الميلاد، في الجبل الأخضر وامتدت حتى حدود موريتانيا...
ولكن في الألف التاسعة قبل الميلاد تغلبت (حضارة وهران/الجزائر) على الحضارة الليبية ودفعتها لحدود مصر، وهذا ما سيتكرر في بلدان المغرب العربي حتى لقبل مئات السنين، تمدد وتقلص وسيطرة وأفول حكم الخ.*4 كما حدث في الألف الخامسة قبل الميلاد عندما سادت حضارة (قفصة/ جنوب تونس) على الحضارتين الليبية والوهرانية الجزائرية.
منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، تأثرت مناطق واسعة في ليبيا بالجفاف حتى أصبح الملازمة للأماكن التي فيها ماء، هو الضمان للاستقرار,,, وقد عثر في جبل (عكاكوس) على مواقع تظهر صيادين يلاحقون وحيد القرن والفيل
ومن اللافت أنه في موقع (كهف هوا الفتايح) عثر على جماجم تتشابه في خصائصها مع مثيلاتها في فلسطين.
ولم تكن ليبيا في العصر القديم، بلا طموح بل كانت أحيانا تبسط نفوذها حتى على مصر الفرعونية... وفي نهاية الألف الثانية قبل الميلاد، وبعد الهجرات المستمرة للفينيقيين وتأسيسهم مدنا مثل طرابلس بسطوا نفوذهم على معظم شمال إفريقيا حتى أجزاء من إسبانيا وإيطاليا ومالطا، واستمروا حتى الاحتلال الروماني الذي تم إنهاءه بالفتوحات الإسلامية
[] []
المراجع:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*1ـــ المصدر: P. Chauanu, de l histoire a la prospective, 1975 p88
وكذلك مجلة Projet الفرنسية عدد أيار/مايو 1974. هذا التهميش ذكره الدكتور الياس فرح في كتابه: (مقدمة في دراسة المجتمع العربي والحضارة العربية)/ دار الطليعة بيروت/ط2 1980/ صفحة 119.
*2ـــ ليبيا/ محمود شاكر/ الدار العلمية/بيروت/1972 ص 16
*3ـــ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي وآخرون/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت 1990 الجزء الخامس صفحة 551
*4ــ دراسات في تاريخ ليبيا القديم/ مصطفى كمال عبد العليم/ بني غازي 1966، ص15