ادعوا له بالشفاء.
------------
هذه حكاية مدرس من مدينة واتا ..هى لاشئ فى الواقع أكثر من ثرثرة مع النفس..كان مثل غيره من أبناء حارة الغلابة يخرج كل صباح لينتظم فى طابور الخبز ..والطابور طويل والوقت ضيق ولكن احترامه لنفسه كان يمنعه من التدافع والتناحر ،كان يلتزم بالدور وليس مثل ذلك القبيح الذى يتخطى رقاب الناس ليحصل على حاجته قبلهم ويأتى بحركات بهلوانية مؤكداً أن الإنسان أصله قرد.
المعارك اليومية لاتنتهى وهو يقف ملتزماً دوره لأن الألتزام جزء من شرف الأنسان وأنه لاشئ مقابل الشرف يلقى مواعظه عليهم وهم لايسمعون وكأن كلامه دخان فى الهواء كثيراً ماقال عند احتجاج البعض منهم وتنابذهم وهم يصبون لعناتهم على الحكومة لاتنسوا أن الله موجود ولكن لاحياة لمن تنادى.
فجأة وكنتيجة طبيعية لتدافع الناس من حوله وجد نفسه خلف سعدية تماماً ..سعدية فتاة مليحة القد صبيحة الوجه تقف مثله كل صباح فى طابور النساء بعد أن تنتهى من معركة الفول وكان يمنى نفسه بالتحدث معها ولكن كرامته كانت تأبى عليه أن يبدأها بالحديث فتظن به الظنون ..وكانت فى وقفتها اليومية تصوب إليه نظراتها وهو يأتى كل صباح مكتمل الأناقة فيخرج بعد الصراع الدائر وقد ضاع هندامه واتسخت ملابسه ..الآن هاهو يجد نفسه خلفها وجسده يكاد يلتصق بها التصاقاً ولأول مرة يجد نفسه يقاوم ويأتى بالحركات البهلوانية ذاتها ليمنع جسده من ملامستها ، لم يلحظ فى غمرة محاولاته أنها تحمل طبق فول ولكن مادفع به خارج الطابور تماماً هو صرختها العالية حين اصطدمت يده بطبق الفول الساخن فاندلق على ملابسها..ارتبك ولم يدر ماذا يفعل ..هل يعتذر؟..هل يتعلل بقصر نظر؟..لقد وجد نفسه وعلى غير إرادة منه فى موقف لايحسد عليه هل يمد يده إليها ليزيل ماعلق بها من حبات الفول ألايتطلب ذلك الفعل أن يتلمس النحر والثديين؟ ..وقف ذاهلاً مردداً فى خجل سامحينى ياسعدية ..فهاله عندها أنها لاحظت أنه يوجه إليها حديثه للمرة الأولى من اتساع ابتسامتها وهى تحاول تخفيف مااعتراه من خجل ..ذلك شأن أبناء الأرض الطيبة ..أتعرفون من هو بطل هذه الحكاية إنه صاحب القلم العاشق ..
مصطفى أبو وافية
..
ادعوا له بالشفاء.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته