لكل واد دواء.

[يعقوب القاسمي]

لكل واد دواء. ربما تكون حياة البوادي أقرب أنماط الحياة وأكثرها تواءما مع الفطرة والجبلة التي جبلت عليها النفس الأنسانية . وتاريخ العربي قبل وبعد بزوغ فجر الإسلام لأنصع شاهد وأسطع فرقد على ذالك.وكان العرب في زمن فطحل أهل مدر ووبر . بل لقد كان العرب بقضهم وقضيضهم أهل وبر في عصر لم تك هناك مدنا وأمصارا. لقد كانت مكة قرية رغم طابعها القدسي و شيوع إسمها على أنها أم القرى. وكذا كانت الحيرة حاضرة إقامة لملوك آل لخم وآل عباد. وظلت حالة البداوة الحالة الطاغية والطابع الوحيد والأوحد لأنماط عيش العرب وسنن عمرانهم. ولاءمت هذه الحالة وواءمت تلك السنة الطبع الفريد للإنسان العربي وطبعته على خير الخلال وجميل السجال وخلقت منه أعجوبة رجب. يعقوب القاسمي.

[ريمه الخاني]

استاذي الكريم اراه مفتاح موضوع وبحث اتمنى عليك ان تكمل وتشرح لنا البحث بالتفصيل.
مع الشكر

[يعقوب القاسمي]

لكل وادي دواء/لكل وادي دواء. بوادي العرب وقفارها هي على الأجمال سهلة مسطحة لا أمت فيها ولا نتوء. ملساء كظهر البيضة. نقية صقيلة كمرآة الحسناء. ربما نجد أستثناء مقولتي في تضاريس نجد بمرتفعاته وأعاليه وجباله ووديانه. والعرب في أغلب الظن تطلق لفظة الوادي وتنطق به من باب المجاز. ويعني الوادي مجازا منطقة حل القبيلة وإقامته التى قد تكوت مؤقتة ريثما تستنفذ القبيلة ذخائر الوادي من عشب وكلأ وماء. ويقال في كلام العرب إذا إعشوشب أو إخضر واديك فامرع. ويقال أيضا فلان جدب واديه. فالوادي هو حمى البدوي وناحية سكنه القريبة وطوق سيادته . وغبيراء نباح وعواء كلابه. وفي نمط عيش البداوة الذي عاشه العربي شظف وقساوة ليس بعدها شظف وقساوة. ومما زاد في قساوة تلك الحياة والتهالك على شحة موارد البوادي التناحر القبلي وسنن الغزو والإغارة. ضغت على إبالة. وربما تعلمت قبائل العرب سنن الغزو إثر شحة خيرات البوادي وضآلة مصادر المياه. فكان العربي يمسي على حال ويصبح على آخر. يرى في ضياء النهار روحا و راحة وفي حلك الليل قلقا ورتقا. للحديث تتمة. يعقوب القاسمي.

[جوتيار تمر]

أ لم تكن هي البوادي نفسها التي تجعل من القبيلة تهجم على جارتها فتبيدها وتسبي نسائها........
لاشك في التكوين الاساس للمجتمعات تحتمل البداوة والحضر ، وهي كما قالها ابن خلدون اطوار ، لكن علينا ان نكون واقعين في اظهار معالمها والزمنية التي احتاجتها للتطور من طور الى اخر .

محبتي
جوتيار

[يعقوب القاسمي]

لكل واد دواء.المقالة الرابعة . لا أريد بمقولتي هذه إعطاء شرح عن كيفية إنتقال العرب من نظام عملية دفع الدية إلى نظام الدفع بعجلة المدنية . ما قصدته ورمت إجلاءه هو جانب أو جوانب من فعل العقل العربي أو الواقع العربي قبل بروز نبى الرحمة على الساح وربما لا زال هذا العقل و هذه العقلية لها فعالا في بوادي العرب إلى يومنا هذا ولم تلوثها أو توقفها سير عجلة الزمن . ما أردت الذهاب إليه هو تواؤم العقل العربي مع واقعه الجغرافي . وظروف ومتطلبات العيش مع هذا الواقع. لابل أكثر من ذالك فإن العقل العربي تخطى عوامل القسوة والوعورة التي حتمتها وأملتها عليه الطبيعة الصارمة الكاظمة الى عالم أرحب وهو لا يزال يعيش بداوته . وبكللمة أخرى قدر العرب على تحويل واقع يستحيل العيش فيه الى واقع ينمو فيه ليس فقط الصليانة والجلذان والسعدان الى واقع ينمو فيه اللغة والأدب والخلق. وكذا حدثت طفرات في عملية العقل العربي سواء كان ذالك ضمن أسار الحياة البدوية أو المدنية سواء بسواء . الحديث هنا ليس عن طور إنتقال العربي من طور البداوة الى طور الحضارة . وهذه العقلية التي تمتع بها العربي في بداوته قبل مدنيته لعقلية حري بالإطالة بالكلام وتسهيب وتفصيل الحديث فيه. أعود والعود أحمد.

[يعقوب القاسمي]

لكل واد دواء .المقالة الخامسة. وهكذا درج عرب البوادي على تصوير تلك الحالة الجبرية التي هبوا ودبوا فيها بلغة سوريالية واقعية تنزع فتيلة الشر والقسوة والخسف من مفاهيم الحياة والموت . وهكذا ذهبوا يصورون التراجيديا اليومية بلغة مادية طاغية بدل الإستسلام المذل والبكاء العقيم لما يتعرض له من مصائب وويلات وحول مبكياته الى غنائيات . وغدا الكثير من منغصات الحياة وأهوالها من سنن الحياة الطبيعية في وجدان العربي ووعيه . وكل شئ من حياة البوادي يبعث في النفس الهول والخوف . بيد أن العربي تعلم أهياف العيش فيها بروح في منتهى الواقعية والبرغماتية . إن من طبيعة سنن العيش في البوادي مثلا التزاحم على موارد المياه الشحيحة أوان إيراد الإبل والمواشي الماء. وبعلة ندرة المياه وشحتها تعلم العربي أن الغلبة في إيراد الماء للأقوى. والقوي هو المستقوي بقبيلته . وعداد القبيلة و بأسها تعطي العربي بأسا وعزة ومنعة . والعزيز في القوم له الأسبقية في ورود حياض الماء وله الحق في إيراد إبله الماء مرة أو مرتين أو ثلاث في النهار والليلة . أما من كان أقل عزة وأصعف شأنا فربما يرد إبله الماء مرة . وذاك تقرير لمقام البدوي وتقرير لسنن الحياة . والعربي يتعلم أيضا أن الأيام دول . وإذا كان اليوم ضعيف الجانب فربما لا يكون ذالك غدا. وهو في كل ذالك متجلد ومتبصر لسنن ونواميس حياة البوادي. ويعيش مترفعا ومتطلعا الى غده ولا يعلم ما سيأتي الغد به لكنه على يقين بتقلب الأيام وتقلب مراتب الجاه والسيادة . يعقوب القاسمي.

[يعقوب القاسمي]

لكل واد دواء .المقالة الخامسة. وهكذا درج عرب البوادي على تصوير تلك الحالة الجبرية التي هبوا ودبوا فيها بلغة سوريالية واقعية تنزع فتيلة الشر والقسوة والخسف من مفاهيم الحياة والموت . وهكذا ذهبوا يصورون التراجيديا اليومية بلغة مادية طاغية بدل الإستسلام المذل والبكاء العقيم لما يتعرض له من مصائب وويلات وحول مبكياته الى غنائيات . وغدا الكثير من منغصات الحياة وأهوالها من سنن الحياة الطبيعية في وجدان العربي ووعيه . وكل شئ من حياة البوادي يبعث في النفس الهول والخوف . بيد أن العربي تعلم أهياف العيش فيها بروح في منتهى الواقعية والبرغماتية . إن من طبيعة سنن العيش في البوادي مثلا التزاحم على موارد المياه الشحيحة أوان إيراد الإبل والمواشي الماء. وبعلة ندرة المياه وشحتها تعلم العربي أن الغلبة في إيراد الماء للأقوى. والقوي هو المستقوي بقبيلته . وعداد القبيلة و بأسها تعطي العربي بأسا وعزة ومنعة . والعزيز في القوم له الأسبقية في ورود حياض الماء وله الحق في إيراد إبله الماء مرة أو مرتين أو ثلاث في النهار والليلة . أما من كان أقل عزة وأصعف شأنا فربما يرد إبله الماء مرة . وذاك تقرير لمقام البدوي وتقرير لسنن الحياة . والعربي يتعلم أيضا أن الأيام دول . وإذا كان اليوم ضعيف الجانب فربما لا يكون ذالك غدا. وهو في كل ذالك متجلد ومتبصر لسنن ونواميس حياة البوادي. ويعيش مترفعا ومتطلعا الى غده ولا يعلم ما سيأتي الغد به لكنه على يقين بتقلب الأيام وتقلب مراتب الجاه والسيادة . يعقوب القاسمي.

[ريمه الخاني]

استاذي القسم الاخير مكرر ارجو ان تسمح لنا بحذفه
تحيتي لجهدك

[يعقوب القاسمي]

الأخت الفاضلة ريم . لك أن تصنعي ما شئت من حذف . هناك تكرار لا طائل منه .القاسمي.

[يعقوب القاسمي]

لكل وادي دواء. المقالة السادسة . ومن عجيب رجب أن حياة العرب رغم كا ما فيها من وعورة وصعوبة وخشونة لم تنجب من الرجال إلا من إشرئب إلى سنام المجد وذرى الحمد ومن نجب وأنجب وتفاخر وفخر . وتكاد تكون قدرة بوادي العرب العريضة على تطبيع العربي بطبع الرمال والأرماث شئ تفوق التصور. إن من الملفت أن تلك البوادي رغم ضآلة عداد ساكنيها في تلك الأحقاب الموغلة في القديم كانت تنقش في روع العربي وبخط مسماري سطور تراثها . كوحي في حجر. وهكذا ضم العربي أصول تراثه ضم الشتائر . وفي تلك البوتقة أي بوتقة البوادي تعلم العربي وبسوريالية بليغة كل ما مت إلى تراثه بصلة قربت تلك الصلة أم بعدت . إذ أن مصدر تفاعل العربي لم يقتصر على التفاعل على من قايضوه أو زايلوه من أبناء قبيلته وإنما تفاعل العربي وبسوريالية متناهية مع الطبيعة حوله من كوكب وشجر وحجر وغيث وغيم . وكل ذلك لقن العربي آدابا ولقمه آمالا . وفتح عليه مغاليق الآفاق وسلمه مفاتيح الآكام وما وراءها . وسر إنفتاح العربي على أداب قومه تلك الحياة الديمقراطية التي سادت بين السيد والمسود . فلم يك سيد القوم بخب ولا خدع . ولقد كان هذا يسوس قومه بإساليب شفافة وبطرائق مفهومة وجلية لا خدع فيها ولا غموض . وكلها سهل المأتى وقريب المنال للغادي والرائح . ولم يك سيد القوم كما دأبت ملوك العجم على العيش قطين بلاط يحجبه الحواجب والأسوار عن أبناء قبيلته وإنما يعيش في مضارب القوم وخيمته تلعب في نواحيها أرواح و أرياح . من ريح القبلة إلى ريح الدبور . خيمة مفتوحة على أبناء القوم وتكاد تكون مدرسة الصحراء المفتوحة التي لا تقبل بالتميز بين هذا وذاك . ليقف كل أبناء القبيلة على قدم المساواة إزاء بعضهم بعضا وإزاء القدر . يعقوب القاسمي.