منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355

    ( ننقصها من أطرافها )

    ( ننقصها من أطرافها )
    أو
    ( يأخذهم على تخوّف )


    قد غدا من ضروب اللغو واللّغط ، ومحض الضلالة والغلط ، اعتقاد الظلمة أنّ ملكهم سيظلّ في مأمَنٍ ما داموا متمركزين في القلب والوسط ، وسط البلاد مُحْكِمي القبضة على رقاب العباد ، وعَزبَ عنهم أنّ عزّ ملكهم وديمومته مرهون باتباع المنهج الوسط ، وليس بالركون إلى ما هم فيه من حَوْل وطوْل وكثرة أتباع ، ونصرة أشياع ، وسعة متاع ، ومعاقل تنكيل وبطش فقط !
    وأنهم ما لم يسيّجوا ملكهم بالعدل ، ويزخرفوه بالعطاء والبذل ، ويصونوه بالمنهج القويم ، ويسوسون رعاياهم بالقسطاس المستقيم ، إذ تلكم هي سبل الإنقاذ ، لمن لجأ إليها ولاذ ، وإلا فمن أدبر واستكبر، فعمل بغير هذا يكون قد تمادى في الغيّ والشطط ، وذا كله مؤذن بأنّ عهد سؤدده وعقد مُلكه قد رثّ حَبْلُه فانفرط !
    فذا حكم من بيده مقاليد الأمور ، فليرقب الظلمة حينئذ يوم الانتصاف ؛ يوم تأتي ثورة الشعوب بالحق ، فيدبّ العطب في الأطراف ! مجاراة للسنّة الربانيّة التي كشفتها الآية القرآنيّة ( أو لم يروْا أنّا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقّب لحكمه وهو سريع الحساب ) ( الرعد41)
    ( نأتي الأرض ) : إتيان بأس من شأنه أن يُردي الظلمة في وِهاد اليأس ، وليبدأ يدخل عليهم في ملكهم الاضمحلال والنّقص !
    ( ننقصها من أطرافها ) : فيدبّ في ملكوت الظلمة الاضمحلال ؛ اضمحلال في مساحة الفكر : إذ تنبذ الشعوب قناعتها بحكّامها الظلمة !
    اضمخلال في ميدان الشعور : فتنعقد في قلوب الرعيّة عداوة هذا الصنف من الحكام وشنآنهم !
    اضمحلال في رقعة التأييد : فينفضّ عن الحكاّم الظلمة أشياعهم ! بل ومَنْ كانوا يوالونهم !
    اضمحلال في بقعة السيطرة : لتخرج الأمصار تدريجيّا من حوزة سلطانهم !
    ولِيُري اللهُ الظلمة مِن رعاياهم المستضعفين ما كانوا منهم يحذرون !
    وليس هذا فقط بل ولتنزل في ساحة الحكام الظلمة وأعوانهم سنة مضاهية لهذه السنّة كشفها قول مولانا ( أو يأخذهم على تخوّف ) ( النحل 47) والتخوّف كما قال ابن عباس ومجاهد : ( التنقّص ) ( تفسير الطبري 14/113) إنها سنّة التخوّف ، تلك السنّة التي تنطوي فيما تنطوي عليه في هذا السياق : خلْع السادة ، وذلّ القادة ، وانهيار السيادة ، فلم يعد ينفعهم وقتها تصنّع في الإصلاح وتكلّف ، ولا مراوغة لرعاياهم يظهرون لهم من خلالها زيف التزلّف ..
    سنة التخوّف : حالة تحوي الدواهي ، تلك الدواهي مربوطة أعناقها بأعناق بعض ، كلما حلّت بالظلمة وأشياعهم داهية تبعتها أختها!
    سنّة التخوّف : حالة تنقّص في الحوافّ والأطراف ؛ أي الأخذ شيئاً فشيئاً !
    والتخوّف بحدّ ذاته نوع من العذاب لما فيه من تألّم القلب ومشغوليّة الذهن !
    وفي قوله تعالى : ( أو لم يروْا أنّا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقّب لحكمه وهو سريع الحساب ) ( الرعد41) فالله تعالى لا يعاجلهم بالعذاب ، ولكن ينقص من أطراف بلادهم إلى القرى التي تجاورهم حتى يخلص الأمر إليهم فحينئذ يهلكهم ، فهو تنقص في أموالهم ، وانخزال في سلطانهم ، وانخذال في أنفسهم ومناطق نفوذهم ، قليلا قليلا حتى يأتي الفناء على الكلّ !
    فسنّة نقص الأرض وسنّة التخوّف سنتان مُؤذِنتان للحكّام الظلمة بتغيّر حالهم ، وتبدّل دارهم ، وبؤس متقلّبهم ، وشؤم مثواهم ! ودوران دائرة السّوْء عليهم !
    سُنّتان تقلبان موئل القِرى والأضياف ، إلى مضارب عجاف ، وتقطّعٍ في الأطراف ! بموجبهما يصبّ الملك الجبّار على الطواغيت الظلمة سطواتِ قدرته ، وتمسّهم نفحاتٌ من عذابه ونقمته ! ويُسَرْبَلُ بموجبهما الطغاة سرابيل الخيبة والخسران !
    فانتقاص أحوال الحكام الطواغيت وازدياد قوّة شعوبهم المستضعفين من أقوى العلامات والأمارات على زوال ملكهم ، وجعْلهم ذليلين بعد أن كانوا عزيزين ، ومقهورين بعد أن كانوا قاهرين !
    فللشعوب المستضعفة عزّ وإقبال ، وللحكام الظلمة قهر وإذلال !
    وبعد : فإذا ما أوتي مُلْك الظلمة من أطرافه ، ودبّ العطبُ في حوافّه ، فذا يعني أن تباشير تصدّعه قد لاحت ! وأمارات انهياره قد بانت ، فساعة التغيير وقتئذ قد جاء أشراطها !
    عندها يطفق كلّ طاغوت يبغي الخلاص ، ولكن هيهات هيهات ، فلات حين مَناص !

  2. #2
    نرجو الخير للجميع ولاتكونوا عاطفيين بقدر مايجب ان تقولوا الحمد لله وماذا بعد ذلك؟ ماذا علينا فعله؟
    تحيتي لك

  3. #3
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355


    خالص تحيتي ومودتي لك أخي د. إيهاب :
    ... إن الذي ينسج مقالاته على منوال آيات الكتاب العزيز فيتناولها بالتفسير والتوضيح ، ويسلّط الضوء على صداها في الواقع بالتصريح أو التلميح ، فذا بلسان الحال ضرب من ضروب الفكر والذكر لله تعالى والحمدِ لَه والتسبيح ....
    كما أنّ منهجيّة تتبّع الآيات القرآنيّة المشحونة بالسنن الإلهيّة والتنويه بتجليّاتها في أرض الواقع لأبعد ما تكون عن النزوات العاطفيّة ! اللهمّ إلا عاطفة التعظيم لإرادة الله تعالى ، والاستبشار بالإرهاصات التي يزداد بها الذين آمنوا إيمانا ؛وهم يرون أن الله تعالى هو الذي يصرّف الدهر ، وهو سبحانه الذي بيده الأمر ....
    أمّا تساؤلك الميمون عن (
    ماذا بعد؟!) فدعنا نوفي بداية باستحقاقات مرحلة ( ماذا قبل؟!) قبل القفز إلى مرحلة (ماذا بعد؟!) التي هي ثمرة من ثمار ما قدّمناه في مرحلة ( ماذا قبل؟!)
    سعدت بمرورك على مقالي وبتعقيبك النفيس ..


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •