بهي الدين عوض .. السابح في سنوات الحب والموت

بقلم: أ.د. صابر عبد الدايم
عميد كلية اللغة العربية بالزقازيق


هلْ رحل عن ذلك الوجهُ الودودْ؟
البهيُّ الصادقُ الوعودْ؟

أيرحل العِطْرُ عَنْ حدائقه ... وفي الرحيل الهوانُ والوصبُ ؟ ! !
أيهْجُر الماءُ البحْرَ في زمنٍ ... كل البشارات فيه تكتئبُ ؟ ! !
وهل تجفّ الحُروفُ في زمنٍ ... تجفّ فيه الرؤى .. وتُسْتلَبُ ؟ ! !
وهل تعود الخيولُ صاهلةً ... فتنجلي النائباتُ .. والكربُ ؟
وهل تعيدُ الحروفُ فارسَها ... فتصطفيه الصّدورُ والكتُبُ ؟
وهلْ .. وهلْ .. قصّةٌ مهلهلةُ ... فهل تعودُ البروقُ والشّهُبُ ؟ ! !

ويرحل بهي الدين عوض .. بلا عودة..؟!!
ويتركُ أحبابَه وقرناءه في فضاءاتِ التساؤل يسبحونْ؟
هل مازالت «أنشودة الوطن»* حلماً يسطعُ في تراكمات السرابْ؟
هلْ تشكّلتْ ملامحُ «الفارس الآتي إلينا»* أم أضاعها وشوّهها المرابون الذين باعوا مصر ..
وصنعوا منها رواياتٍ وأسماراً وأعوادَ بخورْ؟!!
بعثروها في سراديب اللغاتِ .. وأضاعوها على كلِّ الجسورْ!!!
أيها السابح في سنواتِ الحبِّ والموتِ .. يا بهيَّ الحلمِ والوعد
هل أبصرتَ الميناءَ؟ وهل استقرّت على الجودي سقائنُك؟
أما نحن فلم نزل نتوهم أننا سنأوي إلى جبلٍ يعصمُنا من الماء!!!
ومازالت خيولنا شاردة* تصهل في البيداء!!!
لم نقبض على جمر الكلمات .. ولم تقرأ عيوننا تضاريس « وجه القمر » *.
وما زلنا نحلم بأصداء « عطر الدم » .. والوطن يسرقه من رؤانا الغرباء!

يا بهي الدين ...
سابحاً أنت في « سنوات الحب »* ومصر محبوبتك الأولى تتركك وحيداً!!!
سابحاً أنت في سنوات الموت شهيداً .. تنقش فوق جدار العشق خلوداً!!!
كلماتك ياقوت القلب .. ومُرجان الأشواقْ
ووعودُك شمسُ ليالينا ... تهبُ رؤانا معنى الإشراق.

يا بهي الدين ...
أيُّ سرٍّ وراء انتقال المكان* .. يوم انتقالك إلى دار البقاء؟
هل يحزنُ المكانُ لفراق أحبابه .. ولكنَّ الأحباب الأحياء لا يُدركون؟
هل يُدرك المشيعون يا بهي الين .. أن الذي غيّبوه في التراب قمرٌ منير؟
هل تدركُ القبورُ يا بهي الدين ... أن الذي ابتلعتْهُ ظلمتُها شمسٌ بقلوبنا تسير؟
هل يُدركُ الأصحابُ يا بهي الدين ... أنهم فقدوا .. المثال .. والجناحَ .. والقلبَ الكبيرْ؟!!
وهل حقيقةً رحل عنا ذلك القلمُ الودودُ .. البهيُّ الصادقُ الوعودْ؟
رحمك الله وجعل مثواكَ دار الخلود.

.............
*إضاءات:
*أنشودة البطل: اسم رواية للراحل ـ رحمه الله.
*الفارس الآتي إلينا: مجموعة قصصية للراحل.
*الخيول الشاردة: رواية للراحل.
*عيون في وجه القمر: مجموعة قصصية للراحل.
*عطر الدم: رواية للراحل.
*سنوات الحب والموت: مجموعة قصصية للراحل.
*انتقال المكان: انتقل مقر اتحاد الكتاب بالزقازيق يوم انتقال الراحل للرفيق الأعلى.


أ.د. صابر عبد الدايم
الزقازيق ـ مصر.