كيف حال الكنائس في مدن الخليج العربي؟

عن القبس الكويتية


أن تبني كنيسة جديدة في اي عاصمة خليجية فهذا هو الحدث، اما ان يخرج احد النواب المتعصبين في هولندا وينتج فيلما يصور المسلمين هكذا وبالجملة كأنهم مجموعة من الارهابيين فذلك هو على النقيض مما يجري في هذه المساحة من جغرافية العالم الملتهبة.
الخليج العربي لم يعد واحة منغلقة على المسلمين كما يصوره البعض وبات في مقدور ابناء المذاهب المسيحية والديانات الاخرى ممارسة شعائرهم الدينية وهذا بحد ذاته خطوة إلى الامام ومؤشر على انفتاح هذه المجتمعات على الآخر.. وعلى الوافدين والمهاجرين اليه تحديدا.
فعدد المواطنين المسيحيين في دول الخليج العربي يعدون على الاصابع وهم لا يشكلون سوى نسبة ضئيلة من ابناء الديانة المسيحية والديانات الاخرى غير المسلمة، والقادمين اليها من مختلف عواصم العالم بحثا عن العمل والرزق.
والحديث عن الاقليات هذه المرة يختص فقط بالمسيحيين والديانات غير المسلمة في منطقة الخليج العربي من باب الحريات الدينية الذي تعهدت بمراقبته السفارات الاميركية في الخارج وترفعه بشكل تقارير دورية الى وزارة الخارجية في واشنطن التي تتعامل معه كاحدى القضايا المدرجة على قائمة الشروط المطلوبة لتحسين العلاقات مع دول الخليج العربي والعالم الثالث على وجه الخصوص.
معظم تقارير الدول الغربية والمنظمات الدولية ذات الشأن والراصدة لحالة الاديان تثني على مسألة تمتع هذه الطوائف بحرية العبادات وممارسة شعائرها الخاصة بها باستثناء السعودية وبعض الاصوات والتجمعات الاسلامية المتشددة التي تخرج بين وقت وآخر مظهرة رفضها وتعصبها وعدم قبولها لإقامة معابد للهندوس على سبيل المثال وغيرهم من الطوائف ممن يصنفون في خانة الاقليات المسيحية بشكل عام والطوائف الرئيسية فيها كالارثوذكس والكاثوليك والموارنة والاقباط.
ثمة من يجاهر بالرأي ويصل الى حد القول بأن تلك الاقليات تنال حقوقها الدينية اكثر مما هو موجود في عدد من الدول العربية، حيث يعيشون ويتواجدون هناك كمواطنين وليسوا كوافدين كما هو الحال في بلدان الخليج العربي.
كان منظرا جديدا على العين رؤية مبعوث من دولة الفاتيكان يقص الشريط ايذانا بافتتاح اول كنيسة في عاصمة قطر في الدوحة من ضمن خمس كنائس سيتم تشييدها هناك، وان كان المشهد اتخذ طابعا دعائيا لكنه ليس الاول من نوعه في المنطقة الخليجية، فبعد اسبوع من ذلك التاريخ كانت امارة ابوظبي على موعد مع افتتاح كنيسة انجيلية لتلحق بأخواتها في عموم دولة الامارات العربية المتحدة.
ومن وحي هاتين المناسبتين سيكون استعراض واقع الكنائس في دول مجلس التعاون الخليجي يصب في اطار فكرة الاحاطة بهذا الموضوع الحيوي وذو الدلالة على تعايش الاديان في اطار من القوانين القائمة والتسامح بعد ان كانت معظم انشطة الكنيسة في بعض الدول تتم بالخفاء قبل ان تنال الشرعية القانونية المعلنة.

المشهد الخليجي
الأمير طلال بن عبدالعزيز آل سعود رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الانمائية يروي ان الملك عبدالعزيز «كان مثالا للانفتاح على الآخر، فلم يكتف بذلك بل فتح الابواب إلى الخبراء الغربيين من الاوروبيين والاميركيين، وكفل لهم حرية العبادة داخل كنيسة في جدة فيما كان يسمى بيت القناصل وقد كلفه الامر ثورة السيلة عام 1929 ضده لانه وقف لهم ونظر الى الامر نظرة تقدمية لذا فإن التقدم الذي حدث في المملكة كان اساسه فكريا قبل ان يكون ماديا» ... هكذا نظر للخلفية التاريخية التي تربط المملكة بالغرب. وفي المعلومات المتداولة والحديثة ان الفاتيكان يجري مشاورات مع السعودية من اجل السماح ببناء كنيسة للكاثوليك الذين يصل تعدادهم الى نحو 900 الف كاثوليكي بالمملكة وهو مشروع ما زال طي الكتمان.
والحقيقة ان الكويت كانت السباقة من ضمن دول مجلس التعاون في بناء اول كنيسة وكان ذلك في عام 1931 وسميت «كنيسة المسيح» وكانت تقام بها الصلوات باللغتين الانكليزية والعربية ومقرها بجوار مقر المستشفى الاميركاني على شاطئ البحر بالقرب من منطقة الشيوخ والثانية كانت في منطقة الاحمدي عام 1948 وتضم الكويت حاليا نحو عشر كنائس بينها مجمع الكنائس قرب الشيراتون بقلب العاصمة.
المحطة الاكبر في قطار الانفتاح على الكنائس هي الامارات فقد باتت من اكثر الدول الخليجية استقطابا للجاليات الاجنبية وللمسيحيين والكنائس واحدث كنيسة تم افتتاحها يوم 23 مارس 2008 هي الكنيسة الانجيلية في أبوظبي والخامسة على مستوى الامارة بالاضافة الى مركز للجالية الانجيلية وكنيسة القديسة ماري في مدينة العين وبتاريخ 9 ــ 9 ــ 2007 تم وضع حجر الاساس في منطقة اليرموك في امارة الشارقة للكنيسة الارثوذكسية الروسية وحضر الحفل عدد من القساوسة والمطارنة وجمع من ابناء الجالية الروسية في الامارات، حيث قدر عدد الروم الارثوذكس بحوالي 100 الف نسمة ينتمون الى اوكرانيا وروسيا البيضاء وكازاخستان واوزباكستان ومولدوفيا ورومانيا وبلغاريا وصربيا.
وفي الامارات وربما هي الدولة الوحيدة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي التي يوجد فيها معبدين للهندوس تتم ادارتهما من مبنى تجاري مؤجر بامارة دبي، حيث يستخدم من قبل طائفة السيخ ايضا يوحد مدارس ابرشية مسيحية للتعليم الاساسي والثانوي في اربع امارات، حيث قامت اماراتي ابوظبي ودبي بمنح اراض لمقابر مسيحية واخرى من ابوظبي تخص الطائفة البهائية، ويوجد مرفقين لاحراق جثث الموتى ومقابرها العائدة لاتباع الطائفة الهندوسية في كل من ابوظبي ودبي.
وفي نظرة للخارطة السكانية بالامارات يتبين ان غير المواطنين يشكلون ما نسبته حوالي 78% من السكان حسب التعداد العام لسنة 2005 ويشكل المسلمون السنة نحو 85% تقريبا والمسلمون الشيعة النسبة المتبقية 15%.
وحسب تقرير وزاري واستنادا للتعداد الاخير للسكان، بلغت نسبة المسلمين 76% من مجموع السكان، وشكل المسيحيون 9% و15% ديانات اخرى، لكن ارقاما غير رسمية تقدر ان 15% من السكان هم من الهندوس، وفي 25 ابريل عام 2007، حضر بابا الاقباط شنودة الثالث حفل افتتاح كنسية الاقباط الجديدة في ابوظبي.
يذكر انه وفقا للقوانين المعمول بها على مستوى الدولة يحق لأي شخص من اي ديانة تملك بيت او شركة او مصنع، وتشير احدث الاحصاءات ان الهنود كانوا في 2007 اكثر نسبة من المشترين للعقارات في دبي، اذاً، المواطنون الاماراتيون يمثلون اقلية فنسبتهم لا تزيد على 15 في المائة وهم مع العرب 25 في المائة فقط و60% هنود وآسيويين و15% في المائة من نحو 180 جنسية، هذا وقد بلغ عدد الكنائس بالامارات 32 كنيسة وهو رقم لا تجاريه فيها اي دولة خليجية لذلك اعتبرت الامارات من اكثر الدول الخليجية انفتاحا على الجالية المسيحية.
وفي البحرين، تقع اقدم كنيسة في منطقة الخليج اسسها الانجيليون الاميركيون، هي الكنيسة الانجيلية الوطنية، بروتستانتية، يعود تاريخ انشاؤها الى 1906، حسبما ذكر سكرتير الكنيسة والجماعة العربية التابعة لها يوسف حيدر في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية.
كما تضم البحرين كنائس للكاثوليك والارثوذكس ونحو ثلاثين كنيسة مسجلة رسميا للجاليات لكنها لا تملك مابني، بينها الكنيسة القبطية، ويقوم اتباع هذه الكنائس بممارسة شعائرهم في كنائس الطوائف الاخرى.
ويصل عدد المسيحيين البحرينيين الى نحو الف شخص اشارة الى انه تم تعيين سيدة مسيحية بحرينية عضوة في مجلس الشورى هي اليس سمعان منذ التسعينات.
اما في سلطنة عمان حيث لا تحتفظ الحكومة باحصاءات رسمية عن الانتماءات الدينية للسكان يوجد جاليات صغيرة من ذي الاصول الهندية والهندوسية، وكذلك من المسيحيين الذين حصلوا على الجنسية العمانية وبحسب تقرير حرية الدين في السلطنة الصادر عام 2007 تشكل الطوائف غير الاسلامية نحو 5% من مجموع السكان البالغ 2،5 مليون نسمة منهم البوذيون والهندوس والمسيحيون والسيخ وهؤلاء يتمركزون في المناطق الحضرية في مسقط وصحار وصلالة ويمثلهم الكاثوليك والارثوذكس والبروتستانت وهناك حوالي 50 مجموعة وزمالة تجمع مسيحي في محافظة مسقط، وتعترف الحكومة بالكنيسة البروتستانية والاسقفية الكاثوليكية ومركز الامانة الذي يعنى بشؤون الطوائف المسيحية.
المشهد الكنسي في الخليج بات مشهدا متجانسا مع الآخر، والزائر لاحدى تلك العواصم في المناسبات الدينية سيسمع الاجراس وهي تقرع ايذانا بالاحتفالات.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - الاردن