قواعد جديدة

قصة قصيرة
بقلم ( محمد فتحي المقداد )*

في لحظة فارقة من الحياة، جلستُ أستريح من عناء يوم عمل طويل، أنتظر مجيء الطعام بفارغ الصبر، جاءني ابني للحديث معي، وإخباري بما ينوي القيام به، وبما توصل إليه من خلال تحليلاته وملاحظاته.
- أبي، سأحدثك بفكرة جنونية، تراودني منذ أيام، ولم أستطع التوصل لنقطة حاسمة بشأنها، وسأحكي لك تفاصيلها، لعلني أجد بُغيتي في نقاشي معك.
- هات أسمعني، وكلي آذانٌ صاغية لك.
- فكرتي بخصوص لعبة الشطرنج .
- و ما بها ؟.
- ألا ترى يا أبي، أنها بالطريقة المعروفة، صارت موضة قديمة، خلال بحثي الدائب، لم أجد من فكّر بتطوير هذه اللعبة، بأسلوب جديد يتماشى مع روح العولمة.
- أوه .. ما هذا الكلام الذي أسمعه ..!!, وهل ضربتَ بعرض الحائط، كل خطط أبطال العالم فلا يأتيها الفشل من بين يديها، ولا من خلفها ؟، ومعلوم لديك كاسباروف، وخططه الجهنمية التي تدرس على مستوى الكون أجمع، أما قصة تفوقه على الحاسوب فلها حديث آخر و مُطوّل . أجدأأ
- أبي .. أرجوك اسمعني، و لك أن تحكم على فكرتي بعد سماعها.
- تفضل، وها أنا كُلِّي آذان صاغية لك.
- تعلم أن هناك فريقان ( أسود و أبيض ) يتصارعان بعداوة، ولكل فريق قيادته و أدواته و حيله و خططه المستخدمة، من أجل النيل من الخصم، أليس كذلك ؟، وعلى هذا الأساس وضعت الخطط لهذه اللعبة .
- نعم .
- لكنني سأقلب المعادلة كلها رأساً على عقب .
- وكيف ذلك ؟ ..!! .
- سأجعل من الفريق الواحد ، فريقان متخاصمان متناحران، وسأبني استنتاجاتي على ذلك، في تفصيل القواعد الجديدة على هذا الأساس .
- هذا لعبٌ بالثوابت، أعتقد أنه غير مسموح به.
- ما رأيك لو أنني قمتُ بتسجيل اختراعي، في جمعية الملكية الفكرية، من أجل المحافظة على ابتكاري من السرقة .
- يا خوف قلبي من القادم المجهول، فنظريتُك تهدد السلم العالمي، وتمحور الكتلتين الشرقية و الغربية، مما يجعل الاستنفار الكامل، و القلق يسيطر على سادة العالم .
- ولكن يا أبي، أنا بعيد عن هذه الحسابات الدقيقة و الحساسة، وكل تفكيري منصّبٌ فقط على لعبة الشطرنج.
- نعم يا بني، كلامك صحيح، العالم كله صار رقعة شطرنج، واللاعبان الأساسيان هم من يتحكمان بالرقعة، وتحريك بيادقها، بالطريقة التي تعجبهما، وعليها يشربان نخبيهما.
- أبي .. يا أبي .. لو كنت أعلم شيئاً عن هذه الحسابات الدقيقة، لما فكرتُ في ذلك، اعذرني.. إن تسببت لك بالمتاعب مستقبلاً.
- كل التعب يهون، و أن أرى نظريتك موضع التطبيق، عندما يتبنّاها أحد القطبين العالميين.. !!، وتفوز بالجوائز العالمية، إن بقيتَ على قيد الحياة.
جاء الطعام، وتقدمتُ إليه ألتهمه، لأسكتَ عصافير بطني، بينما ابني قام إلى جهاز حاسوبه، يتابع طريقه الذي بدأه..

ربة مؤاب \ الكرك
7 – 4 - 2015