في الثاني من أكتوبر/ تشرين الثاني وفي الساعة الثانية عشرة ظهرا انطلقت فعاليات المهرجان الثقافي العربي السادس عشر في مدينة سان فرانسيسكو من الميدان الشهير بـ يونيون سكوير من قلب المدينة وأمام الآلاف من المواطنين والسياح من مختلف البلدان الأوروبية والعربية.
المهرجان هو أكبر حدث خاص بالتعريف بالثقافة والتراث العربي في شمال ولاية كاليفورنيا منذ عام 1995, وقد تم فيه عرض مختلف الفنون العربية من منحوتات ومشغولات يدوية والخط العربي والرسم على الزجاج, تم أيضا تقديم مختلف الأطعمة الشرقية للحضور, عرض الثقافات المختلفة للبلدان العربية بعاداتها وتقاليدها حيث تفردت وتميزت كل دولة من الدول الحضور بإظهار الروح العربية الأصيلة في مشاركاتها وفي المعارض التي قامت بتقديم ملخص فاخر عن كل من الدول المشاركة.
كان الهدف الأساسي من المهرجان هو عكس الصورة الصحيحة للعرب وثقافتهم المحبة للسلام والتعاون والتقدم الفكري بعكس ما يتم عرضه في القنوات الإعلامية التي تهتم غالبا بإظهار بعض الصور المظلمة كحب العنف والتخلف الفكري والتعصب الديني.
استمرت فعاليات المهرجان ليوم كامل واعتلت خشبة المسرح المفتوح مختلف الفرق العربية وشاركت بالغناء والفلكلور العربي وبعض المسرحيات القصيرة.
وصدحت في قلب المدينة الضبابية الفنانة الفلسطينية سلمي حبيب خشيبون بصوتها الذهبي مرددة مختلف الأغاني التراثية والتي كان لها وقع ساحر على الجمهور الغربي بصورة خاصة
والفنانة سلمى من مواليد حيفا عملت في التلفزيون العربي بفلسطين وقامت بتقديم البرنامج الوحيد للأطفال العرب لمدة ثمان سنوات,ثم قامت بعدها بتقديم ثلاث برامج يومية في الإذاعة بفاسطين خاصة بالمرأة العربية والموسيقا العربية الأصيلة والحوادث التي يتعرض لها العالم العربي بصورة مستمرة ومتجددة.
كان هناك أيضا الفنان المغربي بوشايب عبد الهادي وهو متميز بإجادته العزف وببراعة على مختلف الأدوات الموسيقية, ثم عازف الكمان الساحر الفلسطيني الأصل سامي أبو شميس
وعقب ذلك العديد من الرقصات الشعبية من فلسطين, العراق, السودان, المغرب والجزائر وسوريا..وقامت العديد من البلدان الأخرى بالمشاركة ببعض المسرحيات القصيرة المعبرة عن هوية العرب الأصلية والمليئة بالحكم والرسائل السلمية الواضحة.
الحضور الإعلامي العربي والغربي كان غزيرا وقد اهتمت مختلف الجامعات العريقة هناك بالتغطية الإخبارية للحدث..وتنقلت مختلف الوسائل الإعلامية بين الحضور بالكثير من الأسئلة ,منها قناة الحرة التي تبث من الولايات المتحدة
كان السؤال الأكثر انهمارا من الصحافة والإعلام على الحضور..والذي تم توجيهه بالتالي إليّ مرارا هو: لماذا أنتم هنا؟
كانت اجابتي كما الجميع..و كما هو أيماننا جميعا:" نحن هنا لعكس الوجه المشرق والوحيد للأمة العربية ولهويتها وتاريخها الفاخر بالعلم والمعرفة وحب السلام والتقدم والنمو في إطار فريد من الترابط الاجتماعي, هنا لنزيل تلك الألوان المظلمة عن حقيقتنا كعرب والتي يحرص الإعلام الغربي على اضفائها على ملامحنا بصورة دائمة لخدمة أغراضه ومصالح بلاده ,ونحن هنا حتى نمتزج بكل نقائنا وقوتنا بمختلف الشعوب التي خضعت وتخضع لعمليات غسيل فكرى تجاهنا,ولا ترى فينا إلا شعوبا بربرية لا تقوى على حمل الفكرة,بل السلاح وحده".
استمرت فعاليات المهرجان ليوم كامل وانغمس الحضور الضخم في روائح الشرق بكل سعادة وتقدير لهذه الجهود ولتلك الجوانب الساحرة التي كان علينا إزالة الكثير من الغبار والعوالق من عليها وتقديمها للمواطن الغربي خاصة والعالم عامة بطبيعتها وحقيقتها وجميع أصالتها التي انسابت لنفوس الجميع بطريقة محببة وبسيطة وخالية من جميع الشوائب التي اعتاد ذهنه عليها
انتهى اليوم ولم ينته الإحساس بالفخر والأمل في أن هذه الأصوات التي تألقت بمختلف الأنواع من الفنون العربية ستبقى عالقة في سماء المدينة,حتى نلتقي مجددا في العام القادم في شهر أكتوبر الذي أعلنه عمدة المدينة رسميا كشهر التراث العربي في كاليفورنيا.