نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيالسلام عليكم

ينتهي عطاؤك عندما يبدأ عطاء الآخرين...
ما أثار هذا الموضوع في نفسي عنوان لافت قدمه الأستاذ والباحث الموريتاني: "الحسن محمد ماديك "والذي قدم لمصطلح " فقه المرحلة" بحيث يقول أن لكل مرحة تاريخية فقه خاص دون أن نمس بالثوابت والأمور المسلمة...[1]
هذا الأمر أوحى لي بشأن آخر فيه حكمة إلهية عظيمة : وهي أنه مهما حاول المرء فينا أن يعطي ويعطي فكريا طبعا ,فعندما تشيخ تجربته مثلا في مراحل متقدمة من العمر فإن هناك حدودا ندعوها بفكر المرحلة تلك التي تحد من كم الآذان التي تسمعه وتتابعه وربما تطبقه بمعنى:
أن لكل مرحلة معطياتها تفاصيلها الخاصة وطريقة توجه فكري للشريحة المتواجدة في تلك الحقبة,و التي يحول العمر وتكلس فكر صاحبها عن مواكبة التطورات الحاصلة حوله,فيبقى على وتيرة واحدة من التأقلم عليها وتحول دون تطورها ,وقل من استطاع الإبحار في قنوات حيادية أو عالمية مثلا, تصلح لأطول زمن ممكن, فالقرآن مثلا كتاب الله المنزل حقق تلك المعجزة لأنه كلام إله عظيم فماذا عن البشر ولا مقارنة طبعا ؟لكن هل كان هؤلاء ماس حقيقي وعملة نادرة؟.
لنوضح أكثر:
هناك من المفكرين من بقوا أحياء في ذاكرة كل جيل , وهناك من حصرت الآذان والجمهور المتابع وجله في حقبة معينة وزمن معين بحيث لو ذكرناهم وجدنا أن ما قالوا انحصر في زمنهم ولم يعد ممكنا في حقبة أخرى,فهل يمكننا أن ندعو ذلك بمدى عمق تفكير صاحبه أم حيادية رؤيته وشموليتها؟ , أم هناك مصطلحات أخرى يمكننا أن نخرجها هنا؟فكارل ماركس وأمثاله رغم ذكرنا له وتكرارنا لنظريته نقول ربما قد شاخت مبادئه وبينت مطباتها , وربما لبت حاجة زمن معين ولم تعد صالحة لزمن آخر..فهل ندعوها فكر المر حلة؟.
وهناك من لم ينسى فكرهم ولا عطاؤكم الفكري .. و يعد هؤلاء من النادرين . ماذا نعني بذلك ؟
يمكننا حصر هؤلاء عبر عدة محاور: مفكرين دينيين , مفكرين سياسيين , مفكرين علميين أدبيين ومناحي أخرى مشابهة الخ...
ورغم هذا التصنيف المبدئي إلا أن لكل مجال مفكريه وكل زمن رواده وقواده,والذي خرجوا بأفكارهم الجديدة تلبية لحاجة مجتمعهم وثمرة شرعية لمعطيات جيلهم.
لنذكر بعض أسماء على سبيل المثال لا الحصر دون ربطها بمذهبها الفكري: الشيخين : محمد الغزالي- ومتولي الشعراوي- الأديب تشارلز ديكنز- المفكر السياسي مكيافيلي ..الخ..
أمثلة متفرقة قدمت الإنسان بآماله وآلامه من زاويته الفكرية الخاصة , و التي تلفت الأنظار وتجعل ما قدمته تلك الشريحة المفكرة محط إعجاب وأهمية ومثار جدل وحوار ووقفة موضوعية بذات الوقت ,قد تصلح جيدا عبر الأحقاب الزمنية اللاحقة .
فالأول قدم مشكلات المجتمع العربي والشرقي على عمومه ,وهو أمر مازلنا نعاني من ربقاته وثغراته الفكرية إلى الآن والآخر التفسير اللغوي الذي سيبقى شاهدا على جزالة القرآن وحسن تأويله ويلبي نهم الباحثين عن تفسير واضح عميق الفكر والغور,
والثالث قدم مجتمعه من خلال فقر مدقع وغنى فاحش ومفارقات مجتمعية مازالت موجود ة تقريبا بطريقة ما , وربما طريقته الإبداعية ظلت شاهدة على زمن خاص وطريقة كتابة تأسيسية, وبحيث تعد تلك النظرة العالمية آفة مجتمعية عامة بعيدة عن الخصوصية البيئية...أما الأخير فمبدأه السياسي مازال للأسف مطبقة حتى الآن!.
من هنا وبعد إبحار ليس بعيد ولكن لتوضيح فكرتنا هنا,نجد أن قلة هم الذي عرفوا الحد الفاصل مابين الخلود الفكري بصرف النظر عن صوابه أو خطئه, و بين الفكر المرحلي الذي يمس مرحلة معينة كان فيها العطاء شاهدا علة تلك المرحلة التي ولت ولم تعد قادرة على الاستمرار لجيل آخر..
و قد تبهت مع مرور الزمن...مهما اشتهرت ومهما ذاع صيتها , ومن عرف سر هذا الأمر وكيف فكر صاحب هذا العطاء,و استطاع عبور البحر المائج المخيف, و عرف أن المرور عبر بوابة الأرض وربما السماء هو مرور القادرين على البحث عن مصطلحي الكمال والخلود ..
والتي حاولت الأساطير عبثا إظهارها.. فهل هؤلاء هم الأسطورة الحقيقية؟ والتي ما وصلتها الأساطير القديمة؟ وهل هناك فرق مابين كاتب لدنيا وكاتب لآخرة ؟
قال الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
ن والقلم وما يسطرون ( 1 ) من سورة القلم. أي وما كتب الملائكة..
وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ( 5 ) من سورة الفرقان. معناه ما سطره الأولون .
وواحد الأساطير أسطورة , والأسطورة من السطر ومن الخط والكتابة وهو مصدر.
سطرها ألفها..وسطر علينا أتانا بالأساطير..ومنه التعريف : الأسطورة قصة تحكمها مبادئ السرد القصصي.[2]
الخميس 10-5- 2012




[1] للإطلاع على أصل الموضوع الرجاء دخول الرابط:
http://www.omferas.com/vb/t36553/




[2] للمزيد انظر عدد نيسان من مجلة الموقف الأدبي التي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب العدد 492 للكاتب:رامي شريم