ثقوب في الثوب الأبيض !
شعر
حسن حجازي
//////
في يوم ٍ
مثل هذا اليوم
من ستين عاماً
أو أكثر ,
أشرقت الشمسُ
على شعبٍ
هو من نفسِِ معدنِ
هذا الشعب ,
ربما أفضل ,
هو من نبتِ أرضٍٍ
كهذي الأرض ..
أشرقت الشمسُ على يوم ٍ
لا يشبهُ أي يوم ,
على حُلمٍٍ
لا يشبهُ أي حُلم ,
مرسوماً على جبينٍِ
أنقى من جبينِ الصبح ,
كان َ يرنو لغدٍ
صنعتهُ الملايين
بأحلامِ النخبة
والبسطاء .
****
وقَعََ المليكُ الوثيقة
بالتنازلِ عن العرش
لولي العهد
حباً في مصر
خوفاً من إراقة نقطةِ دم
رحمهُ الله
كانَ يعشقُ مصر
(على طريقتهِ )
وكانت تُحبهُ مصر !
*****
ثارَ الشعب
حملَ الحلمَ
حفظهُ في الضمائر
رددتهُ الحناجر
غلفتهُ القلوب
نما .... ترعرع
في المصانعِ ...
في المزارع
في المدارسْ ,
في أسوان
لبناءِ السد ,
في عودة القناة
لحضنِ الأم
ثارَ الشعبُ
لتحرير الغدْ
لكن ....
ثمةَ مَن يتفنون
في تسفيهِ الأحلامْ ,
في تسييس الأيامْ ,
في تعتيم الغد ْ ,
في تشويهِ الأمسْ ,
"مفيش فايدة " ؟!
عبارة تترددْ ... تتمددْ
تطفو فوقَ آمالِ الغدْ
فوقَ أحلامِ الشعبْ
خيبة ٌ تعلو
تغتالُ الحُلمْ
تعيشُ فينا الغربة
من سرنديب ..
من صقلية
من غرناطة ...
للقدس ..
لمدائنِ الشمس !
****
وامتدَّ الحلم
لكنهُ انتهى
على أعتابِ الغربة
التي عششت داخلنا
وأصبحت قلوبُنا أكبر
من كلِ الصحاري
من كل المزارع
من كل المصانع
لتحوي الوطن الذي
لم يزلْ
يلفظنا نحو العتمة
يجرفنا للمجهولْ !
*****
رغم عودة القناة
لحضنِ الأم
وعودة الأرض للحرافيشْ
و" ارفع رأسك يا أخي فقد مضى ..."
(دعنا يا أخي مما مضى
فنحنُ أبناءُ اليوم ,
فخبزُ الغد لا يُشبعُ
جوعى اليوم!)
وقفنا وحدنا أمامَ العالمْ
ولنُضرَب بالنِعال
من زوارِ الفجرْ
رغمَ التيه
في اليمنِ السعيدْ
في حكمِ الفردِ الرشيدْ
رغم الغربة داخل الوطنْ
كنا نخشى النهارْ
وصرنا نمشي جوار الجدارْ
داخلِ الجدار
مجدوعي الأنفْ
تقريباً بلا أنفْ
وليذهب فرسانَك
لليمنِ السعيدْ
ليُقتلوا كالجرذانْ
ونُساقُ في رمال سيناء
بلا سلاح
فرائس منهوبة
لكلابِ الصحراء
بلا هدفْ !
كنا نحبهُ
ولم نزلْ
و هتفنا باسمه
من الأعماقِ :
" ناصر ! يا وطنية !
ناصر ! يا قومية !
ناصر !
يا حبيب الأمة العربية "
ناصر ؟ !
سَافرَ الفارسُ الغريبْ للبعيدْ ..
والراية يكسوها الدمْ
في سوادِ الليلْ
ملطخة بالهَمْ
تحملُ جرحاً غائراً
وتعلنُ نكسةَََ شعبْ !
****
عندما انتظرَ فارسهُ القديم
ورجاهُ بأن يُحضِر سيفه
كان يعلمُ بحقيقة الحلمْ
وانتظر .. انتظر
وطالَ الإنتظار
وصلت رسالة أخرى
من " سعيد ":
بأن الفارسَ ضَلَّ طريقه
وافترستهُ الحَيَّات
وضحكت بعقلهِ الجنيات
"في انتظار الفجر "
لينشدَ للحبيبة "التي في خاطري " :
"يا ام الصابرين ...
على الأمل عدينا
يا ام الصابرين ...
ضعنا وألتقينا !"
****
رغم الحلمِِ النابضْ
الساري في الوريدْ
لعودة الروح
في حربِ الإستنزافْ
في ملحمة إيلاتْ
وقفَ الشعب
يبني من جديدْ
ليستمرَ الحلمْ
ويرددْ :
"مصرُ لم تنمْ !
لم تنم ْ !
ما انهارَ شعبُها العظيمُ !
... ما انهزمْ ! "
*****
وعبرنا اليأسْ
وقتلنا العجزْ
وغنينا كأحلى
ما يكونُ الغناء
وفديناها بالدماءْ
وغسلنا يأسنا
على رمالِ سيناء
وبصدورنا قهرنا الدباباتْ
وشدونا :
" باسم الله ...
باسم الله !
" الله أكبر ...
باسم الله ! "
" وعبرنا الهزيمة ...
يا مصر يا عظيمة !
باسمك يا بلادي ...
تتشد العزيمة !
باسمك يا بلادي ...
عدينا القناة ! "
وجرت فينا العزة
ونحنُ نرفعُ العلمْ
فوقَ التَّبةِ الشهباءْ
على رمالِ سيناءْ
وبكينا ونحنُ نردد ْ :
" يا أغلى أسم في الوجود
........ يا مصر !
يا أسم مخلوق للخلود
....... يا مصر !"
وما زلنا على دربِ النصر
و ثقوب سوداء
تعكرُ بياضَ الحلمْ :
سيطرة رأسُ المالِ
فساد الأحزاب
وأصبحت مصرُ هباءً
في هباء
وضاعت وضعنا
في فسادِ الأهواء !
هنا :
أينَ توارى الحلم ؟
قُم يا أخي
فقد مضى زمنُ الإستبداد
قُم يا أخي
فقد مضى زمنُ الإستعباد
أتي عصرُ الملك الفردْ
لِمَن يحكم مصر بالصدفة
ليغتالََ إرادةَ شعبْ
ويهلَّ علينا
زمنُ الحزبُ الصلبْ
في عصرٍ النزاهة
والعشوائيات
والأبعديات
في خيانةِ القسم :
" أقسمُ بالله العظيم
أن أرعى مصالح الشعبْ !"
وتناسى أن مصر لم ولن تنمْ
مصر للذرى ...
دوماً للقممْ
وكانت سيطرةُ رأسِ المالِ
على الحكمْ
وكان اغتيالُ إرداتنا
يوما بعد يومْ
وضياعُ أحلامنا
حلماً بعد حلمْ
وعشنا مسلسلاتِ التوريثْ
والتخنيث
والتهجيص
والتزييف ...
لإرادةِ شعبْ !
*****
وما زلنا
على دربِ النصرْ
تتسابقُ الخطى
نحو الفجرْ
لتتحققَ النبؤة
وإرادةَ شعب
أعادَ لنا العِزة
بصفحةٍ جديدة
من ميدانِ التحريرْ
في حبِ مصرْ
لكننا مازلنا
وسنظلْ
نذكرُ " عبد الناصر"
يوماً بعد يومْ
بكلِ عزة
وبكلِ فَخرْ !!
2011