خير الأقلام..
نسمع بين الحين والحين تذمرا من كتاب جديرين بلفت الانتباه وقراءة نتاجهم، وبعضهم يتذمرون ولا يملكون زمام القلم وباختصار نقول وبحيادية تامة:
إن خير الأقلام لو بحثنا بشكل عام، ليست التي نالتها الشهرة عموما، بل بعضها من كان يستحقها حقيقة، وليست أيضا التي طفت على وجه الإعلام فأعطتنا الجديد الذي نبحث...
وليست التي تبحث عبر الفيس وتويتر عن منابع الجديد فتختلس منه ، ولكن الجديرين بلفت الانتباه لقلمهم المجيد لا يشكلون هؤلاء 1% مما ينتج الوطن من عقول.. فأين هم الان؟
يقول المخرج المسرحي فرحان بلبل حول ذلك الموضوع:
إن فن الافتراء كان سببا لهذا التراث العظيم من الفكر والفن والأدب في شتى المجالات، وكل العصور فالمبدع الذي كان ياتي بجديده كان يصورك على أسلوبه، لكي
يجد مرتكزا حيا إنسانيا لإبداعه، ....لقد خضت معهم معاركهم ووقفت جانبهم رغم كل التناقضات وكنت تعطي المصداقية لافتراءات كل واحد منهم، وإذا بك
تحب الحداثة ما تكرهها وتحب العقلانية والجدية كما تحب الفرفشة والضحك السهل.[1]
*****
هل نستشف من هنا أن لوما ما يقع على جهل الجمهور لتصفيقه غير الحكيم؟.
يقول مخرجنا في مكان آخر من كتابه:
إن الفلاسفة العظام والمفكرون الكبار، إن وجدوا عند شعب من الشعوب، لا يحس بهم ولا يقدرهم إلا نخبة قليلة من المثقفين، ومع أنهم هم الذين يعطون الشعوب قيمتهم الحضارية فإنهم في عصر التلفزيون لا يكونون نجوما،
ولا يتصدرون الشاشات والتوجيه، لأن أبطال الفكر المعاصر هم نجوم الدعايات وأصحاب الغناء المثير الذين يجمعون الآلاف من الناس ويجعلون يصرخون صراخا بهيميا يفقدهم حتى إنسانيتهم.
******
من جهة أخرى فإن جانبا من لوما يقع على هؤلاء المنتجين الذين يعيشون على إبداع غيرهم، في روح الإبداع والذي يقدمونه بيعا رخيصا لتوفير قوت يومهم.. فيشهر المقتبس ويكسب الثروة، وينسى صاحب الفكرة.
،لأنه لو طفا هؤلاء على السطح لنالوا الصدارة فهل قصر المبدعين الحقيقيين وظلموا أنفسهم ضمنا؟...
نقول في بحث جديد بعنوان: سر الكآبة عند المبدعين:[2]
هناك نماذج استثنائية تجاوزت البيئة المحبطة والظروف القهرية والتي تزيد المعاناة خنقا وقيودا، وقدمت ما أرادت تقديمة رغم كل الظروف، وتعد هذه زمرة من المبدعين غير عادية أبدا نحن بحاجة لها بقوة.
******
من هنا البداية ومن هنا البحث عن المخرج قبل الإنتاج...
ملخص القول:
إن الثقافة الحقة ولمن يريد الوصول إليها لن تجدها عبر الأضواء إلا نادرا, سوف تجدها مخبأة كقطعة الماس بين ثنايا غبار العزلة والانكفاء على الذات تخترق عباب العمل والجدية ...
تحتاج متخصص في كشف المعادن الثمينة الفكرية والثقافية.
ولن ننكر أن العلاقات الشخصية من الجنسين تساهم عموما في خفض ورفع بعض الأقلام بلكن المعدن النفيس سيبقى نفيسا مهما جار عليه لزمان فليستيقظ ويدرك قيمة نفسه، ويبحث عن المخرج مهما كان.
****
من جهة أخرى..تعد محطات التواصل الشخصي قناة هامة لإبراز الاسماء اللامعة بقوة، مع ضرورة الحرص على ترك ومضات من نتاجهم وحفظ حقوقهم ، لا محطات كاملة كنشر تفتح المجال للسارقين لممارسة سرقاتهم.
نحن مجتمع مصلحي عموما ،إلا ما رحم ربي، ونكرر فنقول عن هؤلاء المنتفعين ثقافيا عبر سؤال وجيه :
من أين لك هذا؟.
ولن يجيب.. حتما.. لكن يكفي أنه واضح الأثر السيئ مهما غطى نفسه.. وهناك فئة من الجمهور الحصيف الذي سيصفقون لتلك الأعمال الحقيقية يوما ما.
******
الخميس 8-1-2014
[1] من كتاب اوراق غير متناثرة للمخرج المذكور ومن مقال: الجمهور المفتري عليه.
[2] البحث كاملا: سر الكآبة عند المبدعين