تركني أقتات موائد حزني، أرتشف كؤوس وجعي.
وسط مدى أبكم وصمت يلف العمر كاد أن يفتك بلحظاتي. مسلوبة مشاعري ومصلوبة هناك على صليب غدره، أبكي من أخمص روحي إلى رأس وجداني، تتلعثم بحيرات وجعي؛ فلا تستطيع الصراخ.
مذبوحة أنا بنصل رحيله، بكت خفقاتي اللهثى في أثر قلبه، نعم نحر كل أشيائي فلم يبق لي منها سوى أجسام مسجاة بين يدي، أحار: أين أواريها فامتلأ قبر ذكرياتي بها.
سرق أوراق وجودي؛ فصرت أعاني وجع لا هوية مشاعري! بممحاة هجره محا ملامح وجهي فصرت أشبههن: كلنا ثكالى فلا أرى فرقاً بيننا، صهرني معهن لأخرج دخانا أعرج لا يفقه لغة الطيران.
لطمات قوية متتالية تحترق فوق وجنة حياتي فرت من قبضة حنيني إليه، تمزقت كل خرائط أمني بين يد القلق المفزع، أضلع عشقي العارية ونتوءات الريح الضارية تضرب كل سواحلها، كفن واهن لعشق مريض أثقل كاهلي حمله . تأتي أنت تحمله عني وتلقيه من نافذة زماني وتخفي قبره حتى لا أفكر في زيارته! أتيت كلحظة مخاض هامس نشب فجأة في رحم الصمت المستوطن عمري.
لا أدري من أين أتيت بمفاتيح قفص وجعي لتطلق عصافير حزني وتقف على مقربة من قمة حلمي تتصيدها لم تخطئها؛ فيقتلني صراخ احتضارها.
بين بين أجدني، أترنح بين سطوري تقتاتني حروفي؛ أكتب -بنزف بقاياأيامًا- لازالت تحيا بكأس العمر، أفقد سيطرتي على جرحي فيشرئب من جلد روحي؛ لتراه وتقتلع بيديك خنجرًا سكن الأنحاء: خنجر نما بطعم دمائي رأيتك تخلعه وهو يقاوم؛ فقد أدمن التهامي ..
فتحت أمامك دفتر عشقي وجدته ملطخًا بموت قديم سكن كل سطوره، عانيت! وأنت تعيد صياغته برقة وجودك .
في كل لحظة أنتظر رفع رايات استسلامك ورحيلك المباغت لتلتهب تلك الجمرات التي تتوارى تحت ركام مزروع في خصر سنيني.
لكنك جاهدت واجتهدت وصبرت وصابرت ..
لأعود إليك دون نزف بعدما محوت من فوق سطوري معاني الحتف، تجمع كل أشيائي المحطمة الباكية تلصقها بصمغ عشقك وتجمع أوراق مشاعري لتكتب فيها حلمًا جديدًا يحمل عطرك، تحمل من فوق صدر قلبي أثقال الحزن ليتنفس عشقا جديدًا
فمرحى لعمر ولد بين يديك تهدهده و تهمس في أذنيه بشهادة حب ...
همسة لك ...
لو كنت أعرف أنك ستأتي بعد موت عشقي القديم لاغتلته بيدي ...