منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الفكرة السائدة

  1. #1
    داعية ومحاضر جامعي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2013
    المشاركات
    598

    الفكرة السائدة

    إن الفكرة السائدة أن المسلمين دون سواهم هم أهل الجنة هي فكرة وردت في القرآن الكريم على أساس أنها من أمراض الأمم وليس على أساس أنها من عقائد الإسلام، وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى … تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
    وحين قال فريق من المسلمين الدعوى نفسها رد عليهم القرآن الكريم بوضوح: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب … من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً، ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً.
    لا أشعر أنني بحاجة أن أضيف أي عبارة على هذا النص القرآني الحكيم الذي يعلن رفضه المطلق لاحتكار الخلاص الذي مارسته أديان كثيرة في الماضي ويريد أصدقاؤنا الواعظون أن نمارسه اليوم بدون تحفظ.

  2. #2
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    وهذه الفكرة السائدة - أنّ المسلمين دون سواهم هم أهل الجنّة - هي الحق الذي لا يشوبه شائبة ، فقد ردّ القرآن الكريم دعاوى أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وفي تتمّة الآية تفسير لهذا الرفض والرّد وكان ينبغي أن تُكمل تتمّة الآيات ليتضح المعنى بلا لبس لا أن يُقفز إلى آيات أخرى تضيف فكرة أخرى وليست دليلاً في محلّ النزاع هذا ، فالآيات على النحو التالي :
    ï´؟وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( البقرة 111،112)
    يخبر الله المؤمنين في هذه الآيات عن تخليط اليهود، وإلقائهم الشبهات على المؤمنين لزعزعة عقيدتهم، بزعمهم أنهم هم المهتدون وحدهم، وأن الجنة وقف عليهم، مفندًا هذا ومبينًا للقاعدة العامة التي كررها وأعادها في مواضع من القرآن.

    وفي الآية الأولى اختصار بديع، إذ أن معناها: وقالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان من النصارى.

    وهذه هي عقيدة الفريقين إلى اليوم، ولا ينافي انسحاب حكمهما على الآخرين أن نفرًا من الأولين قالوا ذلك بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقد بين الله سبحانه لنا أن هذا القول ليس لهم به حجة في كتبهم المنزلة من عنده، وأنها مجرد أماني منشؤها الافتراء على الله، وإلا فالتوراة توجب الإيمان بعيسى والإنجيل، وكذلك الإنجيل يوجب الإيمان بموسى وبالتوراة.

    وإذا كان كذلك فمن أين لهم الحجة على احتكار كل فريق الجنة لنفسه دون غيره ولذا قال سبحانه: ï´؟قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَï´¾ في زعمكم، فقد طالبهم الله بالبرهان على دعواهم ليقرر لعباده المؤمنين قاعدة لا توجد في غير القرآن من الكتب السماوية، وهي: أنه لا يقبل من أحد قول إلا بدليل، ولا يحكم لأحد بدعوى ينتحلها بغير برهان يؤيدها، وكل ما لا دليل عليه ولا برهان فهو قول مرفوض، ودعوى باطلة من الأساس.

    ثم إنه سبحانه وتعالى رد على كل من اليهود والنصارى برد قاطع، وذلك بإثبات قاعدة دينية عامة فقال: (بلى)، وهي كلمة تذكر في الجواب لإثبات نفي سابق، فهي مبطلة لقولهم: ï´؟لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىï´¾ يعني (بلى) إنه يدخلها من لم يكن هودًا ولا نصارى.

    لأنّ رحمة الله ليست موقوفة على شعب دون شعب، أو أمّة دون أمة، وإنما هي مبذولة لكل من يطلبها ويعمل لها عملها، والذي أوضحه بقوله: ï´؟مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌï´¾ يعني: أخلص اتجاهه لله، وكذا مقاصده وأعماله، ولم يسلم وجهه لغير الله، فكانت أعماله على وفق شريعة الله أولًا، وخالصة لوجهه ثانيًا.

    ثم إنه سبحانه بعد ما أثبت لهذا النوع من المؤمنين أجره نفى عنه ما يرهق الكافرين من الخوف والحزن، وما يرهق المذنبين، فقال: ï´؟وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ - بتصرّف –
    والإيمان الذي يرتضيه الله تعالى ويُدخل أصحابه جنانه هوالذي بيّنه الحقّ تبارك وتعالى في خاتمة سورة البقرة التي ذكر فيها قيلهم هذا ، فقال جلّ شأنه (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ، كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ، وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) (البقرة 285)
    وحسبك قوله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85) فبنص الآية القرآنيّة البيّن الواضح نقرّر أن غير المسلمين في خسران ، وأهل الخسران ليسوا بأهل الجنان ؛ جنان الرّضوان )
    وقد روى مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أحد من هذه الأمة لا يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كانَ مِنْ أَصْحَابِ النار.
    أمّا قوله تعالى : ( ليْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (123) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125)
    فقد حملت الآية بين طيّاتها قاعدة العمل والجزاء والثواب والعقاب؛ هي قاعدة الإسلام الكبرى في العمل والجزاء ،إن ميزان الثواب والعقاب ليس موكولا إلى الأمانيّ ، إنه يرجع إلى أصل ثابت ، وسنة لا تتخلف ، وقانون لا يحابي ، قانون تستوي أمامه الأمم ، فليس أحد يمتّ إلى الله سبحانه بنسب ولا صهر ، وليس أحد تخرق له القاعدة ، وتخالف من أجله السّنة ، ويعطل لحسابه القانون.
    إن صاحب السوء مجزيّ بالسوء ، وصاحب الحسنة مجزى بالحسنة ، ولا محاباة في هذا ولا مماراة:
    ( ليس بأمانيكم ولا أمانيّ أهل الكتاب ، من يعمل سوءا يجز به،ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ، ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ، ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ، واتخذ الله إبراهيم خليلاً )
    ولقد كان اليهود والنصارى يقولون: (نحن أبناء الله وأحباؤه) وكانوا يقولون: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) وكان اليهود ولا يزالون يقولون:إنهم شعب الله المختار !
    ولعل بعض المسلمين كانت تراود نفوسهم كذلك فكرة أنهم خير أمة أخرجت للناس . وأن الله متجاوز عمّا يقع منهم بما أنهم المسلمون . .
    فجاء هذا النص يردّ هؤلاء وهؤلاء إلى العمل ، والعمل وحده ، ويرد الناس كلهم إلى ميزان واحد ، هو إسلام الوجه لله - مع الإحسان - واتباع ملّة إبراهيم وهي الإسلام ، إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا . .
    فأحسن الدين هو هذا الإسلام - ملة إبراهيم - وأحسن العمل هو "الإحسان" . . والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . وقد كتب الإحسان في كل شيء حتى في إراحة الذبيحة عند ذبحها , وحد الشفرة , حتى لا تعذب وهي تذبح !
    وفي النص تلك التسوية بين شقي النفس الواحدة ، في موقفهما من العمل والجزاء ; كما أن فيه شرط الإيمان لقبول العمل ، وهو الإيمان بالله:
    ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى - وهو مؤمن - فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )
    وهو نص صريح على وحدة القاعدة في معاملة شقي النفس الواحدة - من ذكر أو أنثى ، كما هو نص صريح في اشتراط الإيمان لقبول العمل ، وأنه لا قيمة عند الله لعمل لا يصدر عن الإيمان ، ولا يصاحبه الإيمان .
    وذلك طبيعي ومنطقي ، لأنّ الإيمان بالله هو الذي يجعل العمل الصالح يصدر عن تصور معين وقصد معلوم ، كما يجعله حركة طبيعية مطردة ، لا استجابة لهوى شخصي ، ولا فلتة عابرة لا تقوم على قاعدة . .
    ولقد شقّ على المسلمين قول الله لهم( ومن يعمل سوء ا يجز به ، ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرًا)
    فقد كانوا يعرفون طبيعة النفس البشرية ، ويعرفون أنها لا بد أن تعمل سوءا ، مهما صلحت ، ومهما عملت من حسنات .
    كانوا يعرفون النفس البشرية - كما هي في حقيقتها - وكانوا من ثم يعرفون أنفسهم ، لم يخدعوا أنفسهم عن حقيقتها ، ولم يخفوا عن أنفسهم سيئاتها ، ولم يتجاهلوا ما يعتور نفوسهم من ضعف أحيانا ، ولم ينكروا أو يغطوا هذا الضعف الذي يجدونه ، ومن ثم ارتجفت نفوسهم ، وهم يواجهون بأنّ كل سوء يعملونه يجزون به ، ارتجفت نفوسهم كالذي يواجه العاقبة فعلا ويلامسها ، وهذه كانت ميزتهم ، أن يحسّوا الآخرة على هذا النحو ، ويعيشوا فيها فعلا بمشاعرهم كأنهم فيها ، لا كأنها آتية لا ريب فيها فحسب ! ومن ثم كانت رجفتهم المزلزلة لهذا الوعيد الأكيد !
    قال الإمام أحمد:حدثنا عبدالله بن نمير ، حدثنا إسماعيل , عن أبي بكر بن أبي زهير , قال:"أخبرت أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال:"يا رسول الله , كيف الفلاح بعد هذه الآية ? (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سوءا يجز به)
    فكل سوء عملناه جزينا به . . فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - :" غفر الله لك يا أبا بكر . ألست تمرض ? ألست تنصب ? ألست تحزن ? ألست تصيبك اللأواء ? " قال بلى ! قال:" فهو مما تجزون به " . . [ ورواه الحاكم عن طريق سفيان الثورى عن إسماعيل )
    وروى أبو بكر بن مردويه - بإسناده - إلى ابن عمر ، يحدث عن أبى بكر الصديق قال:كنت عند النبى - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية: (من يعمل سوءا يجز به - صلى الله عليه وسلم - ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرًا)فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا بكر ، ألا أقرئك آية نزلت عليّ ? " قال: قلت يا رسول الله فأقرِئنيها . . فلا أعلم أني قد وجدت انفصاما في ظهري ، حتى تمطيت لها ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالك يأ أبا بكر ? " فقلت:بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! وأينا لم يعمل السوء ، وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فإنكم تجزون بذلك في الدنيا ، حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب ، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة " . وكذا رواه الترمذي.
    وروى ابن أبى حاتم - بإسناده - عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إنى لأعلم أشد آية في القرآن . فقال:" ما هي يا عائشة ? " قلت: (من يعمل سوءا يجز به)فقال . " ما يصيب العبد المؤمن , حتى النكبة ينكبها " . [ ورواه ابن جرير ] .
    وروى مسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة - بإسناده - عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت: (من يعمل سوءا يجز به) شقّ ذلك على المسلمين فقال لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:" سدّدوا وقاربوا فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة ، حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها " . .
    على أية حال لقد كانت هذه حلقة في إنشاء التصور الإيماني الصحيح عن العمل والجزاء ، ذات أهمية كبرى في استقامة التصور من ناحية ، واستقامة الواقع العملي من ناحية أخرى ، ولقد هزت هذه الآية كيانهم ، ورجفت لها نفوسهم ، لأنهم كانوا يأخذون الأمر جدا . ويعرفون صدق وعد الله حقا ، ويعيشون هذا الوعد ويعيشون الآخرة وهم بعد في الدنيا – بتصرّف - .

المواضيع المتشابهه

  1. الفكرة والأفكار
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-09-2018, 10:25 AM
  2. الفكرة كالمرأة تحتاج دوما لمن يحملها في قلبه
    بواسطة أ. زيناء ليلى في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-02-2015, 09:33 PM
  3. أين تكمن الفكرة في معارضة الرئيس مرسي على وجه الحقيقة؟!
    بواسطة أسامة عكنان في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-27-2013, 05:18 PM
  4. الطريق لإطلاق الفكرة الإبداعية
    بواسطة المتفائل في المنتدى دراسات في أدب الأطفال
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-25-2010, 06:58 AM
  5. بين قدسية الفكرة وهبوط الاسلوب
    بواسطة مامون احمد مصطفى في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-27-2008, 01:06 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •