أديش طالب بسيارتك؟...بقلم آرا سوفاليان
كانت جدتي ماري تأخذني معها الى الفرن او الى السوق او الى محل ابو ابراهيم اللحام في القصاع أو الى محل أبو راتب الكوّى في جنائن الورد أو الى محل ابو نادر الخضري أو الى محل المعصراني أو أولاد الأبركسيا وكان ردها على الاساءة الفادحة فقط جملة بالعاميّة هي "ضربة تخلع رقبتك"
فإذا طاحش أحد المطاحشين ودفعها في طابور الخبز (الذي تحوّل الى ذكرى ثم عاد اليوم فارضاً نفسه بقوة) تقول له "ضربة تخلع رقبتك"
وإذا حاول ابو ابراهيم اللحام دحّوشة اللحم الرديء والدهنة في لحمتها كانت تقول له "ضربة تخلع رقبتك" وإذا هجم سائق سيارة بمقدمة سيارته يحاول الخروج ونحن نتلمس معبر المشاة فيمنعنا من عبور الشارع بالرغم من قلة السيارات في أواخر الستينات تقول له "ضربة تخلع رقبتك"...وتوفت جدتي ماري في أوائل السبعينات... وسلمت رقاب الناس الأوباش من الخلع ومن لسانها السليط ولكن المحق لأنها لم تكن تظلم أحد إلا نفسها...رحمة الله عليها.
صباح اليوم وصل بملابس النوم والكبّوت والشحاطة، والخروج بملابس النوم والشحاطة كان حسني الزعيم صاحب اول انقلاب في سوريا بعد جلاء الفرنسيين، يعاقب عليه بالتوقيف والسجن، وصل رجل أعتقد أني رأيته من قبل فهو يسكن في حارتنا ولكن لا أعرف أين، وصل مستغلاً خروجي من السيارة وهي في طور التحمية وأنا امسح البللور الأمامي فألقى التحية فأجبته بأحسن منها ودار الحوار الآتي.
ـ كيف صحتك جار؟
ـ الحمد لله من الله بخير
ـ أديش طالب بسيارتك جار؟
ـ والله يا جار السيارة مو للبيع
ـ كيف هيك؟ جارتنا أم رامز قالت لمرتي انك عارض السيارة للبيع!!!
ـ والله يا جار لا بعرف أم رامز ولا بعرف مرتك ولا بعرف اني عرضت السيارة للبيع بكل هل حارة وبكل الحارات يللي قبلنا ويللي بعدنا.
ـ طيب فرضاً إذا صحتلي سيارة متل سيارتك فكيف فيني أعرف سعرها مشان ما انلطش؟
ـ هاي بسيطة جار بس لحظة لجيب الآلة الحاسبة من السيارة مشان أعطيك أرقام مظبوطة...والله يا جار الرضى انا اشتريت السيارة من وكيلها بس ما قدرت ادفع كامل حقها فدفعت تلت حقها تقريباً والباقي تقسيط على 5 سنين وخورفني البنك بفوائد سنوية تعادل 30% من اصل القرض وأكلناها رفاهية وترسيم وتنمير وكشكشة وتأمين في شركة خاصة وتأمين الزامي فنط سعر السيارة وطرق بالمليون ومية، في حين سعرها نقدي كان 750 ألف وكان الدولار وقتها بـ 46 ليرة سوري وبالتالي كان سعرها نقدي 16304 دولارات، واليوم السيارة صارت مستعملة وراح من عمرها 3 سنين، ومعدل الاستهلاك للسيارات الحديثة في سوريا هو 10% عن كل سنة، في هذا الزمان، في حين كان عمر السيارة من زمان 50 سنة، يحيي العظام وهي رميم، بمعنى سعرها اليوم 16304 دولار ضرب 70 تقسيم 100 يساوي 11412 دولار ضرب 95 يساوي 1084216 مليون واربعّاو تمانين ألف وميتين وستطعشر ليرة سوري اليوم.
ـ له يا جار انت شاريها بـ 750 ألف من 3 سنين وبعد ما حرقت نَفَسها بدك تبيعها بمليون ؟؟؟ شو على مين عم تضحك؟؟؟!!!
ـ والله يا جار انا لا بدّي بيع ولا بدي اشتري انت سألتني سؤال وانا جاوبتك ...وصاحب المال حر بمالو ...يعني حرقت نَفَسها ولا ما حرقت نفسها انا حرّ بمالي، وانت وكل عيلتك من على أيام سيدنا نوح ولليوم مالك معي فرنك سوري، انت يللي عطلتني وعلى أخد وعطا ولعي مالو طعمة والبانزين عم ينحرق على حسابي ويا ريتك بتستاهل...يعني اذا بعتك ياها بالسوري على سعر اليوم...وكيلها رح يرضى يبيعني غيرها بالسوري على سعر اليوم، لأنو شايفني بمنامو وزارع بأرضايات جدّ جدّ جدّي فجل... جاوبني لشوف؟؟؟ لعمى شو نعقد لسانك؟؟؟ وكيلها رح يقللي سعرها 16304 دولارات، حبك أهلا وسهلا وما حبك مع السلامة؟؟؟ ...يعني ليش عم تهبلها وتقلل الفهم؟؟؟ مع انو الشغلة واضحة...
ـ شايف حالك لأنو سيارتك نضيفة ومفكر حالك انو ما في غيرها سيارة نضيفة بالعالم؟؟؟ والله انا معي 500 ألف سوري إذا بيشتغلو معك خلينا نروح ونفرغها اليوم قبل بوكرا لأنو اليوم في فراغ وبوكرا ما منعرف وبكل الأحوال بيعني ياها أحسن ما يصرئولك ياها ويحشوها شخليطة ويفجروها...الله وكيلك بينخرب بيت بيتك لأنو رح يعرفوا انك صاحبها... او أنّو تجيها شي قذيفة هاون أو تروح انت ويياها بشي تفجير.
ـ يعنى ألبك عم يتقطّع عليّي وبتهمّك مصلحتي يا جار الرضى!!! لعمى يضربك شو وقح وفالك على راسك يا دب، انا ما بدي بيعها ...العمى شو ما بتفهم؟؟؟
ـ في 100 واحد غيرك راكدين ورايي وسيارتون انضف من سيارتك...الحق مو عليك الحق على يللي استشارك!!!
ـ طيب روح اشتري من مين ما بدك العمى ...ليش لزقان فيي...وأنا من أول لحظة قلتلك ماني بيّاع !!!
ـ انا مو لزقان فيك...وما بدي اشتري منك... انا عم استشيرك...لعمى ما عاد حدا فيه خير لحدا!!!
ـ طيب خود جواب الاستشارة وببلاش...الـ 500 الف ليرة سوري بسعر اليوم يا مرحوم البيّ بيعملو 250 ألف سوري على سعر اليوم يلي شتريتها فيه، وطرحون من الـ 750 ألف بتكون نصبت عليِّ أو على غيري السيارة ونهبتا مني نهبا وخسرتني أو خسّرتو فيها 500 الف سوري على سعر السوري وقت اشتريتها أو اشتراها... والناس كلها مفتّحة وما في حدا غشيم...وبالاساس انا لسّاني عم ّصغّر عقلي معك ورد عليك والسيارة هاي بالتحديد مو للبيع يا جار الرضى...ففرقنا بريحة طيبة الله يرضى عليك.
ـ والله يا جار الصلاة علـ حاضر انا شو دخلني تقللي سوري ما سوري ودولار واسترليني الخمسميت ألف حاضرين ناضرين واذا عجبكون الكحل تكحّلوا واذا ما عجبكون ترحّلو
ـ والله يا جار الرضى يللي لازم يترحّل ومن ساعة هو حضرة جنابك مع بيجامتك وكبوتك يللي عليه فشاشي زيت وزعتر وشحّاطتك وأصابيع رجليك الوصخين...فروح ترحّل و "ضربة تخلع رقبتك" أنت وجارتك ام رامز ومرتك وضربة تخلع رقبتكون جميع بعد الضربة الأولانية يللي لازم من كل بدّ تخلع رقبتك انت... وقبل ما تروح عندي أمانة الك وهي جملة معبرة كتير كانت ستي ماري تقولها للناس يللي من نمرتك وهي "ضربة تخلع رقبتك"
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
دمشق 03 01 2013
arasouvalian@gmail.com