منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: ارتحال

  1. #1
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    العراق -بغداد
    المشاركات
    193
    مقالات المدونة
    1

    ارتحال

    ارتحال
    من يوصلني إلى بحر الصمت لازالت ثرثرة الأيام تحملني
    إلى صحار و متاهات العمر في غياهب الشعور بالضياع
    تغرقني في عتمة رياح ترابية تعصف بي تسد علي كل الطرق والمنافذ
    العودة للربيع جاء من باب الهذيان وضرب من المستحيل
    والحقيقة باتت تقارع بقايا أحلام تجبرها على أن تخرج من كوة رأسي المثقل بالهموم
    لا أمل لي بالخلاص فالعالم موغل بالجريمة ولحوم البشر أطعم اللحوم يقدمونها لفافات (ساندويج )
    في( كرنفالات) مذابح العقائد القرمزية ، لازال الموت فاغرا فيه ، لا يتمثل برجل حتى أجهز عليه
    رائحة الشواء لا تقاوم ، تحترق الأجساد كقطع فحم ، كتب الأطفال
    تذروها الرياح ، الدم يسيح يمتزج بكتاب القراءة الخلدونية ، يريد أن يكمل الدرس المسفوح عند بوابة المدرسة أصوات تردد وراء المعلمة أبجدية الحرف العربي المقهور والمسلوب ردائه
    دار دور دوران
    رأيته أحمر يزحف فارا من سجون الأجساد الغضة المعفرة بالتراب،
    رامي المسجى على قارعة الطريق عبر مدارج الحصى ، يلود بصمت بدا وكأنه ابدي ليس كعادته ،فهو مجبولا على الهذيان والضحك
    ( إلى اللقاء غدا القاك)
    آخر كلمة سمعتها ونحن نغادر معا الصف بعد أن عاقبتنا معلمتنا
    كنا نحاول كتم ضحكاتنا في أعماقنا ، نظرت إلينا المعلمة نظرة عتاب وتأنيب
    :_كفاكما ضحكا ،
    ولم نأبه لإنذاراتها وتحذيراتها ، بقينا نضحك ، من دونما سبب طلبت ألا نحضر إلا ومعنا ولي أمرنا . ( الضحك بلا سبب من قلة الأدب ) قال رامي وهو ينفجر بنوبة ضحك هستيري ليستفز غريزة الضحك عندي
    جلسنا عند عتبة الباب ننظر إلى الحركة الدائبة للأطفال بين رواح ومجيء
    في لحظة ومن غير سابق إنذار
    اجتاحتنا حالة اكتئاب ، لفنا السكون بجنحه ، ( لن ترحمني والدتي إذا ما علمت بطردي من المدرسة )دارت في خلدي تلك الكلمات
    كل يوم يأتي رامي بدراجته الهوائية للمدرسة ، كم حلمت أن أمتطيها مثله أنطلق بها في هذا الخلاء
    ...!السفر المحتوم للمجهول يجب أن نعد عدتة ... هكذا قالت جدتي وهي تضع على جسدي المرتعش بطانيتها الوحيدة ، قفزت لذهني فكرة؛ ماذا لو هربنا منه ..؟
    نظرت إليها وهي تتغطى بكفنها تمنيت أن تلفني بحضنها لولا هذا الشيء البغيض
    أردت أن أبكي كما يبكي الأطفال ، اليوم صار الكفن رداء ا لرامي سألتها
    (لم رامي يموت ...؟)
    إنها إرادة الله ...قالتها وهي تربت على كتفي ، لتصبرني على بلوى ما كانت تخطر على بالي أشعلت مدفأة قربتها مني ، أحسست ببعض الدف ء
    الظلام يثير مشاعر الخوف لدي أشباح تطاردني حاولت الهروب منها أبحث عن ملاذ آمن نهض رامي والدماء تغطيه مد يده إليّ حاولت سحبه بقوة، كاد يجرني إلى هوة سحيقة كان صدى ضحكاته يمتد عبر الأثير بلا حدود ، لا تحجبه حجبا عن رجوم الشياطين ، المعلمة تركض وراءي تطاردني تحضر عليّ الابتسام ، تحاول جدتي أن تنقذني لكن الكفن ينفرني منها ، أمي تنادي تصرخ بأعلى صوتها تلهج باسمي لازالت تبحث عني في غابات الصنوبر العتيقة ،رؤوس بشرية مقطوعة متناثرة في هذا اليباب ، وأنا أطوف بجسدي كسحابة أرى حشود من الناس تسير خلفي ، سمعت بكاء صراخ مهول رأيت رامي خلفي يسير رأيته يبكي هذه المرة سألت نفسي ( هل الموتى يبكون..؟) وأنا أطوف في عالم هلامي ،كل ما يحيط بي أشبه بكابوس جاثم ، عريني أُعد لي سلفا ، سأظل رابضا فيه إلى يوم النشور ، هكذا سمعتهم يقولون
    ،محوت أمالي المكتوبة على جدران المدرسة ،مزقت كراريس واجباتي ما عاد ت تستهويني لعبة الأحلام و الاستيقاظ الجبري ، ومغادرة فراشي كل يوم ، ما عاد يستهويني التسكع بالطرقات
    شظى ألواح صفراء يتمزق ، لقد رأيت هذا المنظر لقد أعيد مرارا وتكرارا كنت أسمع به لكني اليوم
    رأيته، بعيني واحتضنته بجسدي الذي صار مقبرة لهذه الألواح ، لا لم أكن أنا ؛ رامي من أودعوه تلك الأمانة ،
    ما عاد للفجر لون رحلتي تعدت المعقول ، أعادوني مكبلا بلفافات بيضاء ، بصيص من الضوء أخترق عدسة عيني تراقص يبحث عن مهرجان ألوان الطيف ، رائحة غريبة شممتها ، رائحة معقمات تفوح
    أشباح بملابس بيضاء يتحلقون حولي ، أحسست بحرقة تخترق وريدي ،( أعطيه كلافوران) أول جملة سمعتها تحط على مدارج واقعي المعاد بنسخة أخرى ، راحت الصورة تنجلي بوضوح رأيت أمي تمسك بيدي وثمة تهاليل من الفرح اكتست على صفحات وجهها المؤرق ، وعيناها التي أثقلهما الكرى تحتضناني بحنان جدتي تقف عند رأسها ، ترنو إلي بفتور
    _ أين رامي
    قلتها ورحت أبحث عنه بنظراتي لم أجد غير أسرة يضطجع عليها أناس لا أعرف عنهم شيئا محاطين بذويهم ( أين رامي ....؟) لم أجد جواب عرفت إن الحيرة تلفهم لا جواب لديهم
    :- نحن في بغداد .. ورامي في دمشق ...؟قالت أمي لتقتل كل حيرة في داخلي
    :- لقد رأيت رامي .( قلت مصرا...!)
    رن جرس التلفون ، لم أتبين من كل كلامها إلا كلمة (انفجار في دمشق) صرخت أمي بأعلى صوتها لا لن أدعك تلحق به ... لكني في هذه اللحظة رأيته مسك بيدي وسرنا بذات الطريق الطويل

  2. #2
    حقيقة في السطر الاخير تركتنا في حيرة لمعرفة جغرافية المكان الحقة لكن قصتك كانت معبرة ساخنة الحدث...
    كتبتها بروح عربية عالية جدا..
    وتثبيت
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    العراق -بغداد
    المشاركات
    193
    مقالات المدونة
    1
    الأستاذة الكبيرة ريما الخاني
    الجرح واحد والدم واحد والحرف واحد
    الربط بين دمشق وبغداد لأنهما كانا قلبا واحد على مر العصور
    أما التغريب الزماني الذي جاء قي القصة لأني أردت أن أثبت وحدة المكان ووحدة الدم المسفوح

    ,وأن من يحيك المؤامرات على شعبينا هم اصحاب نفس تلك الأيادي
    حدث انفجار في بغداد وكان الضحية بطل القصة
    وحدث انفجار في دمشق وكان الضحية رامي فما بينهما هو تخاطر ذهني أو بمعنى أدق مايسمى( بالزومبي ) العودة للحياة يعد الموت
    شكرا لك سيدتي

  4. #4
    ان نحسن سرد وعرض نموذج مصغر عن الاحداث مقدرة إبداعية تخرج من عمق الالم..
    اللهم فرج
    وفقك الله

  5. #5
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    العراق -بغداد
    المشاركات
    193
    مقالات المدونة
    1
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أديبه نشاوي مشاهدة المشاركة
    ان نحسن سرد وعرض نموذج مصغر عن الاحداث مقدرة إبداعية تخرج من عمق الالم..
    اللهم فرج
    وفقك الله
    الأستاذة الكبيرة أديبة النشاوي
    يسعدني إن النص نال رضاك ، وأنه أثمر هذه الكلمات
    الرائعة من لدن أديبة عميقة الرؤيا ولها ذائقة فنية رائقة وإحساس مرهف ثمنا له
    شكرا لك سيدتي دمت مبدعة

  6. #6
    أديب
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    العراق
    المشاركات
    2,207
    بداية القصة أخذت اسلوب الخاطرة لكن مع مرور الوقت دخلنا في الاسلوب السردي الجميل

    حقيقة وجدت لك اسلوب غاية في الجمال والأهم من هذا انه يشد المتلقي للدخول في القصة .

    تقديري لك
    إِلبِس أَخاكَ عَلى عُيوبِه ------ وَاِستُر وَغَطِّ عَلى ذُنوبِه
    وَاِصبِر عَلى ظُلمِ السَفيهِ ------ وَلِلزَمانِ عَلى خُطوبِه
    وَدَعِ الجَوابَ تَفَضُّلاً ------ وَكِلِ الظَلومَ إِلى حَسيبِه
    وَاِعلَم بِأَنَّ الحِلمَ عِن ------ دَ الغَيظِ أَحسَنُ مِن رُكوبِه

المواضيع المتشابهه

  1. فنانة إسبانية تدافع عن حق المسلمات في ارتداء الحجاب في أوروبا
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-19-2012, 06:11 PM
  2. الحجج القوية في تحريم ارتداء البنطال
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الافتاءات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-01-2010, 07:45 AM
  3. ارتداء المسلمة للنقاب في الدول الأجنبية "لا يصح"!!!
    بواسطة Tammam في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 10-19-2007, 04:23 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •