من مذكرات الشيخ الغزالى
إستدعاني فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد حسن الباقوري إلى بيته , وقال لي :
أريد أن ألقاك في أمر مهم , فذهبت إليه , وعندما جلست على المقعد القريب مني ـ
فإذا بالشيخ الباقوري يجلسني في مقعد آخر , واعتذرت له أولاً عن غيابي عنه لأنه كان مريضاً , وكان الشلل ينال منه , فبادرني بالسؤال الآتي :
ما بينك وبين عمرو بن العاص ؟؟!
فاستغربت السؤال ، وقلت :
بيني وبين عمرو بن العاص !! لا شيء , أنا خطيب في مسجده ..
قال الشيخ الباقوري : لا , هناك شيء .
فشعرت بالدهشة , وقلت : أي شيء ؟!
قال : أنا أحكي لك ما رأيت وأنت تفسر .
قلت له : ماذا رأيت ؟؟
قال : بينما أنا نائم شعرت بطارق يقرع الباب ويقول الوالي قادم , قلت :
من القادم ؟ من الوالي قادم ؟
قال : عمرو بن العاص .
قال الشيخ الباقوري : فتهيأت للقاء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وشعرت بخفة في بدني - رغم الشلل الذي كان يعاني منه – ودخل عمرو بن العاص وجلس في مكانك هذا ،
رجل قصير القامة , لكن في عينيه عمقاً فكأنهما محيطان . فقال لي – أي عمرو بن العاص - : أبلغ الشيخ الغزالي أنني غفرت له تطاوله عليّ ،لأنه أحيا مسجدي ، وهذا المسجد هو رابع مسجد في الإسلام , لأنه المسجد الذي اجتمع فيه الفاتحون الذين هزموا الرومان في مصر وأدخلوا الإسلام .
قال الشيخ الباقوري : وشعرت بشيء من الرهبة , وإذا عمرو بن العاص ينصرف , وأنا استيقظ على صوت المؤذن للفجر ،،
وصليت الفجر وعدت إلى النوم ، وتكررت الرؤيا ،،
فأنا استدعيتك لأعرف كيف تطاولت على عمرو ـ ولِمَ غفر لك ؟! .
قال الشيخ الغزالي معلقاً على الرؤيا :
الحقيقة عندما سمعت الرؤيا أخذتني رعدة , وشعرت بالميل للبكاء , وقلت : أنا ذهبت إلى مسجد عمرو كارهاً , وبدرت مني كلمات ضد عمرو بن العاص , لأني كنت أكره الذين حاربوا علي بن أبي طالب , ولكن الآن وبعد أن سمعت هذه الرؤيا , أنا أتوب إلى الله من ذكر أحد الصحابة بما لا يليق .. وعمرو له مكانته , ولولاه والمؤمنون معه ما دخل الإسلام مصر , وما اعتنقت أنا الإسلام.
قال الشيخ الباقوري : على كل حال الرجل تجاوز عنك ، ونوّه بأنك أحييت المسجد , بعد أن كان المسجد ميتاً .
قال الغزالي : فقلت له : يغفر الله لي ما كان , وأنا على العهد , لا أبسط لساني إلا بالخير لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً .
من مذكرات الشيخ الغزالى
كتاب #قصة_حياة