الفلسطينيون على طريق المصريين
د. فايز أبو شمالة
عندما يثور الناس في الضفة الغربيةضد نظام حكم محمود عباس، فمعنى ذلك أن رهان الجنرال الأمريكي "دايتون"لتخنيث رجال الضفة الغربية، وخصي قدرتهم على المقاومة قد باءت بالفشل، وعندما يثورشباب الضفة الغربية، فذلك معناه الرفض الكامل لنظام حكم عباس السياسي والأمني قبلالرفض الاقتصادي والحياتي، وعندما يأمر محمود عباس وزير ماليته بصرف رواتبالموظفين يوم الأحد، فمعنى ذلك أن محمود عباس أدرك حجم الغضب الساطع في نفوس سكانالضفة الغربية، وأكد أنه يعلم علم اليقين أن لدى خزائن السلطة مالاً يكفي الرواتب،بل ويفيض، وأن الأزمة المالية التي ترهق الموظفين وعائلاتهم، هي أزمة مفتعلة،وتهدف إلى حرف أنظار الفلسطينيين من الاهتمام السياسي إلى الاهتمام المعيشي.
إن أسباب ثور الفلسطينيينعلى نظام حكم محمود عباس تتشابه كثيراً مع أسباب ثورة المصريين على نظام حكم حسنيمبارك، فالحكومة الفلسطينية في رام الله تشبه كثيراً الحكومة المصرية عشية ثورةيناير 2011، والرئيس محمود عباس نفسه لا يختلف كثيراً عن صديقه حسني مبارك،ومرجعية نظام الحكم في رام الله هي نفسها مرجعية نظام الحكم المصري المنهار،والنفوذ الإسرائيلي طاغي التأثير على سلطة رام الله هو نفسه النفوذ الإسرائيلي الذيسيطر على النظام المصري قبل ثورة يناير، والأرض الفلسطينية المحتلة مباشرة منالصهاينة لا تختلف كثيراً عن الأرض المصرية التي كانت محتلة بشكل غير مباشر منالصهاينة، حتى أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تمارس التنسيق الأمني معالمخابرات الإسرائيلية، تتشابه مع الأجهزة الأمنية المصرية التي كانت تقومبالتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية قبل ثورة يناير.
الفرق الوحيد بين نظاممبارك ونظام عباس يتعلق برواتب الموظفين آخر الشهر، ففي الوقت الذي كان فيه نظاممبارك يصرف رواتب الموظفين مطلع كل شهر، ودفعة واحدة، فإن نظام محمود عباس يؤجلالصرف، ويصرف الرواتب بالتقسيط، وفي الوقت الذي كان فيه نظام مبارك يصرف الرواتبمن خزينة الدولة المصرية المنهوبة، فإن نظام عباس يصرف الرواتب من خزائن المانحينوعطايا المتفضلين، وتصدق المحسنين، ومما تجود فيه المالية الإسرائيلية.
للتأكيد على المشابهة بيننظام عباس ونظام مبارك، سأضرب مثلاً حياً يوجع الفلسطينيين والمصريين معاً؛ فقدقالت الدكتورة "ميرفت التلاوي" وزيرة الشئون الاجتماعية الأسبق:"إن نظام مبارك وضع يده على أموال التأمين والمعاشات بواسطة وزير الماليةبطرس غالي ولم يعلم أحد أين ذهبت فلوس صندوق التأمين والمعاشات، وحتى الآن لم يتمالتحقيق"!
ويقول رئيس هيئة التقاعد الفلسطينية "صندوق التأمينوالمعاشات في فلسطين" يقول: إن نظام محمود عباس قد وضع يده على أموال هيئةالتقاعد "صندوق التأمين والمعاشات" بواسطة وزير المالية سلام فياض، وحتىالآن لم يتم التحقيق"!.
طالما كانت المشابهة دقيقةإلى هذا الحد بين نظام محمود عباس ونظام حسني مبارك، فإن منطق العدالة يقول: إنالشعب الفلسطيني يسير بثورته على طريق الشعب المصري، وإذا تفاخر المصريون برئيسهمالعربي المسلم الدكتور محمد مرسي، واجتازت رؤؤسهم الهضاب، فإن الفلسطينيون يسيرونعلى نفس الطريق. وقريباً ستعانق هاماتهم السحاب.