بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم مجددا
أهل هذه الواحة الثقافية المزهرة الكرام
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
هذه دعوة لكم جميعا إلى المناقشة والحوار حول
موت المؤلف

ماذا يعني رولان بارث بموت المؤلف؟
في مستهل الإجابة على هذا السؤال، يمكن إيجاز ما ذهب إليه رولان بارث (1915 ـ 1980) في العبارة التالية:
"المؤلف ميت والعمل الأدبي خالد"
وذلك بناء على ما كتبه رولان سنة 1968 ميلادية (موت المؤلف)، عندما أشار إلى أن اللغة هي التي تتكلم داخل العمل الأدبي وليس المؤلف، فعمد إلى عزل المؤلف تماما وإقصائه عن العمل الإبداعي، ومن ثم لم يتقبل البنيويون فكرة وجود الموضوع قبل الكتابة واعتبروا أن فكرة أي موضوع ستنبعث لحظة الشروع في كتابة العمل الأدبي، ومن ذات المنطلق كذلك لم يلتفت البنيويون إلى مؤلف العمل الأدبي، وعملوا على تحليل العمل الإبداعي لغويا، وحرصوا على فك رموزه، والعلائق المتكونة منه، واعتمدوا في ممارستهم النقدية هذه على علوم اللغة التي خلص إليها عالم اللغة السويسري فرديناد دي سوسير، فاتخذت البنيوية من علوم اللغة أساسا لها ومرتكزا لقيامها، ومدت جسرا بين النقد الأدبي واللغة، بحكم وجود عناصر ومستويات مترابطة في ما بينها داخل العمل الأدبي، وهي من يساعد على تحديد طبيعته، وتحليله وكشف بنيته ...
هذا بإيجاز شديد ما يعنيه رولان بارث وغيره من النقاد البنيويين بموت المؤلف، والراجح في رأيي، هو أن مؤلف العمل الأدبي حي يرزق، وأن خلوده رهين بمدى خلود عمله الإبداعي، بقدر ما أرى الصواب والحق في نسبة أي عمل أدبي إلى صاحبه، وأن الخطأ والباطل في فصل المؤلف عن عمله الإبداعي، وتتبادر إلى ذهني اللحظة آية قرآنية كريمة، على سبيل القياس، وهي التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
"ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ، هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ، فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ، فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ، وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً"
الأحزاب - الآية رقم 5
فعسى أن يتدبر القارئ الكريم روح الإجابة في هذه الآية الكريمة، ثم إني لا أحسب القول بـ (موت المؤلف) إلا خطأ ووهما شائعا بين كثير من النقاد المحدثين، سواء أكانوا عربا أم غربيين ...
ثم إن السؤال التالي قد يطرح:
هل يمكن دراسة نص أو خطاب دون معرفة صاحبه؟
أرى أنه بالإمكان القيام بذلك، لكن الدراسة ستكون ناقصة، وغير مستوفية لشروط صحتها، إذ أن معرفة مؤلف العمل الأدبي على سبيل المثال، أو معرفة صاحب أي نص أو خطاب على وجه العموم، أمر لا بد منه لتحقيق دراسة سليمة تامة إلى حد معين، وغير منقوصة، فكيف يستطيع ناقد الأدب أن ينقد عملا إبداعيا محددا، دون أن يتعرف على جذر من جذوره، والمتمثل في صاحب العمل؟ ولا يجدر بالناقد أو الدارس أو الباحث أن يتجاوز صاحب العمل إلى العمل، بدعوى أن المؤلف مات بمجرد ما انتهى من عمله الأدبي أو غير الأدبي، وأن العمل المنقود أو المدروس أو المبحوث قائم بذاته وصفاته، فما (موت المؤلف) إلا جناية منكرة، وتهمة باطلة ...
فما رأيكم في موضوع
(موت المؤلف)
؟
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com