في إحدى المجموعات المهتمة بأدب الطفل
ذُكر أن كاتبة أجنبية تُدرِّب على كتابة قصص الأطفال، ونُقل عنها قولها: إن الكثير من الناس يعتقدون أن الكتابة والرسم موهبة بالفطرة، وهذا يشعرهم بالإحباط.
وتقول: في الحقيقة، الكتابة والرسم بالأساس حرفة وليستا موهبة.
والسبيل الوحيد لاحترافهما الممارسة ثم الممارسة ثم الممارسة.
كلامها يعني أنه حتى لو لم تكن لديك الموهبة الفطرية، يمكن أن تحترف الشيء بالتعلم والممارسة.
انتهى المنشور باختصار وتصرُّف لا يخل بمعناه.
.............
وقد علّقتُ على هذا الكلام في موضعه، وأنا أُعيده هنا، لاعتقادي بضرورة الرد عليه، وأن مثل هذا الكلام صار يردّده -كثيرًا- من اقتحموا عالم الكتابة للطفل.
.............
هذا الكلام غير دقيق، إن كانت الكاتبة قصدت تهميش دور الموهبة فعلا.
وهو يأتي في سياق الترويج للدورات التدريبية،
نعم، الموهبة وحدها لا تكفي، ولا بد من التمرين والممارسة المستمرة إلى حين الوصول إلى السلوك الماهر. وهذا ما نقوله باستمرار.
وفي المقابل نفْي دور الموهبة في الكتابة والرسم وزعم الاكتفاء بالممارسة فقط، هذا خطأ فادح.
وهذا الذي أظهر عددًا كبيرًا من العالات في مجال الكتابة للطفل تحديدًا، وزاد الطين بِلة أنهم يكتبون دون ممارسة كافية، فقط لمجرد حضور دورة.. بمعنى ظلمات بعضها فوق بعض.
وحتى تكون الصورة أوضح، سأضرب مثالًا لا لبْس فيه:
يمكن لشخص أن يتدرب على معرفة الألوان وطريقة خلطها، ومعرفة منظور اللوحة وزوايا الرسم، وعلم التشريح، بل ويتقن كل العناصر المطلوبة في الرسم.. ومثله لو أتقن خطوات العمل على برامج الرسم، كالفوتوشوب.. وهو هنا حقق الجانب المهني أو الممارسة.
لكن هذا المهني لا يمكنه أن يبدع لوحة (إبداعية) بدون موهبة ترشده لاقتناص لحظة التنوير وومضة الإشراق.
ولذلك.. نصيحتي -لمن لا يملكون الموهبة، والشغف، والمثابرة، والتركيز، والعلم، والممارسة الطويلة- أن يتركوا المجال، ويبحثوا عن مجال آخر يتقنونه ويبرعون فيه، وبذلك يرتاحون ويريحون الناس من غثاءهم.
ودمتم سالمين.
فرج الظفيري