مرصد مراقبة الأهلّة الإسلاميّ في فرنسة:
حلّ نقيض




كتبها: نضال قسّوم
11 نيسان 2014م
عرّبها: فيصل الملوحيّ


ملحوظة للمعرّب
: لا أنقل هذه المناقشة تأييدا لطرف دون آخر، وإنّما لتنشيط الحوار الهادف العاقل في مثل هذا الأمر الخطير بدون انفعال وبدون اتهامات، قدّم رأيك، أثبته بالدليل ثمّ اترك للآخرين فرصة إبداء رأيهم وإثباته.
ما زلت أرى الحلّ الرؤية ليلة الشكّ للإثبات في اليوم التالي، وإلا فبإكمال العدّة، ليس معنى هذا أنّي ضدّ العلم – العلم اليقين -،، حاش لله، فليس المسلم من يرفض العلم، ولكنّ ما يحدث اليوم من حسابات مسبقة إنّما هي جهود مشكورة نضعها على العين والرأس حين تصل إلى ما تصبو إليه من علم قاطع.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

تحدث مرصد مراقبة الأهلّة الإسلاميّ في فرنسة عن نهجه الذي يسير عليه في استلهام ما نصّت عليه بعض أحاديث النبيّ ( صلّى الله عليه وسلّم ) حسبما أشار به عدد من العلماء المسلمين منذ قرون، إنّ ما توحي به هذه الأحاديث يجيز اعتماد كلّ وسيلة ملائمة، بل يشجّع عليها.



نبذة عن الكاتب نضال قسّوم:
عالم في الفيزياء الفلكية، أستاذ ( دكتور ) خريج جامعة كاليفورنية في سان دييغو، اشتغل باحثاً في مركز غودارد لرحلات الفضاء (ناسا). أستاذ لدى جامعة الشارقة الأمريكيّة في الأمارات العربيّة المتحدة، نائب عميدها ، آخر كتاب له: الإسلام والعلم، وموضوعه: كيف يتوافق الإسلام والعلم المعاصر؟



انطلق الحوار هذا العام مبكّراً كثيراً حول تحديد شهر رمضان وتواريخ اسلاميّة أخرى ذات شأن. فقد تقدّمت مجموعة من المسلمين في مرصد الأهلّة ب( فيديو ) مدّته عشرون دقيقة على موقع صغير ومعهم حوالي عشرة راصدين. وقد تقدّم المرصد بفكرته لتحديد الأشهر الإسلاميّة وقال: إنّه قادر على تقديم ما يثبتها بصور للهلال في » ليلة الشكّ«، أو بتعبير أدقّ الليلة السابقة لبداية رمضان أو الأشهر الأخرى.
كلّنا نعلم أنّ مرصد الأهلّة والمجلس الفرنسيّ للدين الإسلاميّ اعتمدا في العام الماضي الحساب لصوغ تقويم إسلاميّ يتبنّى ببساطة وتجرّد رؤية الهلال في أيّ مكان من العالم، لكن مرصد الأهلّة يذهب إلى حلّ معاكس يقوم على تحديد الأشهر بالرصد ( سواء بالبصر أو بالمقراب – آلة الرصد ) في الأراضي الفرنسيّة. ولا شكّ أنّ هذه الفكرة ضالّة خاطئة لأسباب متعدّدة سآتي على بيانها بإيجاز..
أوّلا: يلغي هذا النهج في تحديد كلّ شهر إسلاميّ ببساطة مفهوم التقويم، ويتجاهل تماماً الحاجة إلى معرفة مسبقاً بتواريخ عيد الفطر وبخاصّة معرفة المسلمين لتاريخ تقديم طلب العطلة، ويلغي تحضيراتهم للاحتفال بأعيادهم والتخطيط لحياتهم اليوميّة.
تحدث تقرير مرصد مراقبة الأهلّة الإسلاميّ في فرنسة عن نهجه الذي يسير عليه في استلهام ما نصّت عليه بعض أحاديث النبيّ ( صلّى الله عليه وسلّم ) كما أشار إليه عدد من العلماء المسلمين منذ قرون
أنّ ما توحي به هذه الأحاديث يجيز اعتماد كلّ وسيلة ملائمة، بل يشجّع عليها.

ثانياً: إن قبلنا بهذا النهج في رصد»ليلة الشكّ« فلِمَ نحصر أنفسنا بالأرض الفرنسيّة؟ وماذا سيفعل مسلمو ما وراء البحار، أسيكون لهم تواريخ خاصّة برمضان وعيد الفطر و..اعتماداً على رصد صور محلّيّة؟ وكذلك الأمر في الأقاليم الفرنسيّة وهي أقرب إلى أسبانيّة و إيطاليّة، لِمَ ترفض صورها وهي أقدر على رؤية الهلال؟و لم نشتّت المسلمين في أوربة ( بافتراض أن مرصد الأهلّة يرضى ب»مرصد« خاصّ لكلّ دولة ) لِمَ نعزلهم عن مسلمي أفريقيّة والمشرق العربيّ – الشرق الأوسط بتعبيرالكاتب- وأماكن أخرى؟

كيف يكون الأمر إذا رؤي الهلال في السنغال أو في أماكن أخرى من أفريقيّة، ولم يُر في فرنسة ( سنرى لاحقاً أنّ هذه الحالة تحدث كثيراً)؟ لو أعلن مرصد الأهلّة "عن أمر مخالف، ألن يكون " شذوذاً"انتقده هو في(الفيديو)، و جعله دافعه الأوّل لإحداث هذه المؤسسة؟ زد على هذا أنّ المرصد يخبرنا في(الفيديو) أن "الدليل"المصوّر(إن تمكّن منه) سيُبثّ بعد ساعتين بعد الرصد،أي بعد منتصف الليل( فغروب الشمس الفرنسيّ في شهرَيْ حزيران وتمّوز حوالي العاشرة، ولابدّ من انتظار 20 – 30 دقيقة حتى تُعتم السماء عتمة تكفي رصد الهلال وتصويره)أي بعد أن يكون الأمر قد استقرّ في أفريقيّة والمشرق العربيّ– الشرق الأوسط بتعبيرالكاتب-.
فلننظر الآن ما يخبّئ لنا القمر في أشهر رمضان والأعياد القادمة.
ستصادف» ليلة الشكّ« لرمضان هذا العام 2014 يوم 27 من حزيران، وسيُرى الهلال تلك الليلة في أمريكة الجنوبيّة. لكنّه سوف يُرى بسهولة بالغة بالعين المجرّدة في أفريقيّة وبسهولة كبيرة في المشرق العربيّ – الشرق الأوسط بتعبيرالكاتب- ، أمّا في فرنسة فقد يُرى بالمقراب – آلة الرصد- ( لا بالعين المجرّدة )، ولكن ماذا يفعل المرصد إن منعته ظروف جوّيّة أو مشكلات أخرى من الوفاء بوعده فلم يقدّم "الدليل" المصوّر؟ أ سيقول للمسلمين في فرنسة: لا تصوموا، والعالم كلّه صائم؟ بل ستكبر المشكلة في العيد (ليلة 28 من تمّوز) حين تتعذّررؤية الهلال تماماً في فرنسة ويرصده مقراب السنغال في مدغشقر.

ولن يختلف الوضع في عام 2015، وقد تعود المشكلات نفسها سواء في بدء رمضان، أوفي العيد.

بل ستتعقّد المشكلة أمام المرصد أكثر عام ، 2016 ولن يظهر الهلال في سماء فرنسة لية أول رمضان، حين يُرى بالعين المجرّدة أو بالمقراب في أكثر البلدان الأفريقيّة. ولن يختلف الأمر في عيد 2017.
باختصار، إن رغبنا ألا نكون في وضع"شاذّ" كالذي وقعنا فيه بلا ريب في العام الماضي حين اختلف إعلان المرصد والمجلس الفرنسيّ للدين الإسلاميّ مجتمعَيْن عن معظم البلدان العربيّة الإسلاميّة، فلن يكون باتّباع منهج يقوم على رصد الهلال في الأرض الفرنسيّة وحدها والتبليغ به حوالَيْ منتصف ليلة يوم دينيّ عظيم.
لن يتمكّن المرصد من حلّ مشكلة تحديد الأشهر والأعياد الإسلاميّة بإلإعلان على الملأ – فحسب - أنّه سيستخدم الأدوات الدقيقة ( مقراباً وآلة تصوير قمة في الدقّة و حاسوباً "منظومة معلومات تمكّن من التقاط القمر ذاتيّاً "..) وهي أدوات متاحة لكلّ من تعنيه المسألة في العالم.
أمر آخر يحضرني هنا وهو الاستعانة بعالم الفلك الهاوي تييري ليغو الذي أذاع صيتَه صورُه الرائعة للقمر والشمس، وتفيد هذه الخبرة فعلاً الجميع. أمّا حساباته لرؤية الهلال فما هي إلا" تقديرات "، ولا تقدّم لنا إلا نصف الحقيقة، و سيكون الاعتماد عليها خطأ، بل ثبت هذا فعلا. والواقع يقول: يكاد أن يكون من المحال عمليّاً التنبّؤ بظروف الطقس مسبقاً لا في زمان محدّ د ولا في مكان معيّن.
إن أردنا أن تكون توقّعاتنا أوثق ويتقبّلها كل الناس فلنتوسّع في منطقة الرصد، ولنمتدّ بها إلى بلد كبير أو منطقة جغرافيّة أوسع( الجزائر أو المشرق العربيّ – الشرق الأوسط بتعبيرالكاتب - أوالأمريكتين بكاملهما..). هذه هي القاعدة التي اعتمدها الخبراء المسلمون من ماليزيّة إلى الولايات المتّحدة في اقتراحاتهم لتنظيم التقويمات( سواء كانت موحّدة للعالم الإسلاميّ ، أو لمنطقتين جغرافيّتين أو لثلاث أو..) في هذا الشأن يتمتّع بعضنا بخبرة تجاوزت الخمسة والعشرين عاما، هي خبرة طويلة نضعها في خدمة المسلمين، كلّ المسلمين، في فرنسة وغير فرنسة، بأسلوب مدروس جادّ.
__________________