تعالى قال الله (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمر ون با لمعروف وينهون عن المنكر
ويقيمون الصلاة ويؤتون الزآاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )) سورة
التوبة / ٧١
-
للمؤمن إن انتماء وموالاة ، أما انتماؤه فلدينه ألا وهو الإسلام الذي رضيه الله ديناً للبشرية " اليوم
أآملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " فنعم هذا الدين الذي اقترن بالرضا
الإلهي وأما ولاؤه فللجماعة المؤمنة في آل أنحاء الأرض عموماً ولها في بلده الذي يقيم فيه خصوصاً
والبرهان العملي على ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن ا لمنكر ذلك هو دأب المؤمنين في آل
الظروف والأحوال يحملون هذه الأمانة حفظاً للدين وإقامة للمجتمع ونهوضاً به نحو الكمال
فما هو المعروف إذاً ؟
إنه آل عمل صالح يعود نفعه على الأمة المؤمنة عموماً وعلى البشرية آلها على نحو أعم وأشمل
ونضرب لذلك طائفة من الأمثلة :

بها عيتؤدي الصلاة وتأمر الك " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ..))

بذلك تأآل الحلال الطيب من رزق الله وتأمر أهلك " يا أيها الذين آمنوا آلوا من طيبات ما رزقناآم "

ثم تتحسن إلى والديك دعوا الآخرين ليحسنوا لوالديهم .

تصل الرحم ثم تدعو الآخرين ليصلوا أرحامهم .

تكر م جارك وضيفك ثم تحض الآخرين على إآرام الضيف والجار .

عملهم تتقن عملك الذي أسند إليك وتحث الآخرين على إتقان .

أقم لسانك على طيب الكلام وقول الحق وصدق الحديث ثم ادع الآخرين إلى تقويم ألسنتهم .
منهم بنفسه ثم يدعو هكذا هم المؤمنون يبدأ الواحد غيره ليكون الفعل أسبق من الكلمة مما يجعل لها
رصيداً أآبر لدى الآخرين فتقبل ويعم المعروف آل أبناء الأمة المؤمنة عبر تشجيع عجيب تراه واضحاً
في آل بيت ومجلس وساحة وموقع عمل ودائرة ومؤسسة .
موما هو المنكر ؟ إنه آل عمل ضار بالآخرين سواء آان محله دين أو نفس أو ال أو عرض ومؤآد أن
القول الشائن أو الفعل الضار إذا اتسعت دائرته قاد الأمة إلى نكسة في دينها وأخلاقها وتتمخض عنه
فوضى اجتماعية وتفقد الأمة قدرتها على الثبات في وجه التحديات التي تتربص بها من آل جانب وفي آل
مجال لماذا لأن العمل السيئ أضعفها وبدد طاقاتها أدراج الرياح وأفقد شبابها هيبتهم وسلب منهم قسطاً من
إيمانهم فأضحى إيماناً صورياً و وهاك أمثلة لبعض المنكرات التي يجب النهي عنها على الجميع :

عنه الكذب ابتعد عنه واهجره وحض الآخرين على الابتعاد

بالآالسخرية خرين دعها وادع الآخرين إلى هجرها

نزه عنها لسالغيبة انك وحث الآخرين على تنزيه ألسنتهم عنها

عنه سوء الظن دعه ورغب الآخرين بالابتعاد

النميمة لا تشغل نفسك بها وادع الآخرين إلى ذلك

الربا الزنا الميسر القتل السرقة الرشوة قطع الطريق الفتنة أآل أموال الناس بالباطل
التلفظ بالكفر لأنه ردة

آل هذه المنكرات دعها ورغب غيرك لئلا يقتحم أسوارها .
٨
-عندما يكون أبناء الأمة آلهم في هذا المنحنى عاملون يحاصرون المنكر في زاوية الصفر ويحافظ على
الأمة وألقها وقوة شبابها وتسير موفقة على طريق النهوض
٩
-وربما اعترض معترض ها هنا وصورة اعتراضه قوله إن الأمر نسبي فما تراه معروفاً في بلدك قد
يراه أهل بلد آخر منكراً وبالعكس نقول للمعترض نحن المسلمون لدينا ضابط دقيق للحكم على
المعروف والمنكر خلاصته ما وافق الشرع وانطوى تحت مقاصده العامة فهو معروف وما ضاد
الشرع وخرج عن مقاصد العامة فهو منكر وآل ما يرد خلاف هذا الضابط يتمخض عنه أحكام بعيدة
عن الدقة لاختلاف العقول وتعدد الآراء والمفاهيم وتأمل حال الأمة المؤمنة جيداً تدرك أن الله تعالى قد
وآل بكل فرد من أفرادها حارساً لا ينام ولا يعتريه وهن أو إعياء هذا الحارس يقظ على مدار الساعة
وإن سألتني عنه قلت لك إنه الصلاة " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر "
فأآرم به من حارس أمين يرمقك بنظره على مدار عمرك آله ثم يكلف الأمة بفريضة الزآاة تحقيقاً
للتكافل الاجتماعي بين أفراد الأمة المؤمنة ، آيف وهم أولياء بعض فالولاية من أول آلياتها تحقيق الكفاية
والعيش الكريم بحب تفيض به القلوب لاسيما الفقراء وأولي الحاجات لإخوانهم الأغنياء الذين حبا هم الله
بنعمة الغنى المقترن بالسخاء والكرم فكانوا بأدائهم الزآاة يوسعون دائرة المعروف عملياً ويضيقون دائرة
المنكرات الناجمة عن الفقر والعوز واشتداد الحاجة آالسرقة والسطو والسلب والنهب والرشوة وما جرى
مجرى ذلك .
لعل ما ذآر يجعلنا ندرك طرفاً من الجانب الحرآي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتلحظ أيضاً إن
الأمة بكل شرائحها طائعة لله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في منهاج حياتها وسلوآها الاجتماعي
والحرآي وذلك سبيل مفتوح لبلوغ الرحمة التي وعد الله عز وجل بها والتي تجني الأمة ثمارها وتعش
نفحاتها وتلمس آثارها في الدنيا تقارباً وتناصراً ومحبة وإيثاراً والذي خبئ لها في الدار الآخرة لا نستطيع
أن ندرك آنهه لقصور عقولنا وقصر تصورنا عن شهود الغيب المخبوء في شامل علم الله عز وجل. إلى
هنا أآون قد فصلت القول علي قدر ما يتسع له المقام فيما يخص طبيعة الأمة المؤمنة ونمط حياتها
ومنهاجها الاجتماعي والاعتقادي وبذلك أآون قد أرسيت الأساس للحديث عن الجنسية التي ينالها المسلم
من دولة أخرى غير مسلمة لأبين المراد بها أولاً ثم اذآر البواعث عليها وأهداف السعي لاآتسابها ، ثم
أفصّل الحكم الشرعي المترتب عليها بأدلته قرآناً وسنة ، حيث يجري الكلام حول هذه المسالة الحساسة
والهامة في العديد من المحافل وربما المؤتمرات الإسلامية ومحطات التلفزة يتناولها بعض أهل العلم لكن
بفتوى عاجلة بعيدا عن التفعيل والإيضاح .
ما الجنسية ؟
تلك تبعية المسلم لدولة أخرى غير مسلمة بحيث تنطبق التسمية عليه آما تنطبق على رعايا الدولة. ومن
مقتضاها أيضاً فيما يلي :

يصبح المسلم واحداً من سكان الدولة التي نال جنسيته منها بحيث يخضع لقوانينها ونظامها العام
وتنطبق عليه سائر أنظمتها وقوانينها

الانغماس في الحياة العامة في الدولة بحيث يصبح المسلم بعد مرور فترة من الزمن متلبساً بالعادات
والتقاليد والأعراف الاجتماعية لتك الدولة التي سعى لنيل الجنسية منها .

تعلم لغة القوم والتحدث معهم بها وممارسة الأعمال الكتابية لتلك اللغة مما يؤدي لضعف ملكته اللغوية
بالابتعاد عن اللغة العربية لغته الأم تلك بعض المقتضيات بل النتائج البارزة المترتبة على اآتساب
الجنسية
ما هي البواعث على طلب التجنس بجنسية دولة غير مسلمة ؟
تتعدد هنا البواعث بتعدد العواطف وأجملها فيما يلي :

الدراسة في الدول غير الإسلامية لنيل الشهادات العلمية ماجستير أود آتوراة في اختصاصات علمية
ربما تكون موجودة في البلدان الإسلامية ولعلك تقول : إن الدول تفرض على الدارس نيل الجنسية
أقول : هذا صحيح لكن الكلام بصدد من يرغب بالحصول عليها باختياره

العمل لنيل الرزق لا سيما وعالمنا العربي والإسلامي يعيش أزمة بطالة خانقة ففرص العمل محدودة

حرية التنقل بين بلدان العالم التي ترتبط بعلاقات سياسية واقتصادية مع تلك الدول التي تجنس المسلم
بجنسيتها

نفور المسلم من مجتمعه الذي يعاني من الضعف والتشتت وتفاقم الفقر فيه وقلة الدخل الفردي بحيث
يعاني نقصاناً ملحوظاً في أساسيات الحياة أو صعوبة في تحصيلها آالمسكن والزواج واليسار المادي
فهذا الذي يطلبه يجده في الدولة التي يرغب نيل جنسية الانتماء إليها بعد هذا أقول لعله قد آن الأوان أن
ندلي بالحكم الشرعي هنا نظراً لما ينطوي عليه هذا الأمر من الأهمية والخطورة في آن واحد معاً بل
أتأمل مواصلاً النظر في القضية من زواياها جميعاً
تعال معنا إلى القرآن الكريم لنرى ماذا فيه حول هذه القضية :

لا يجوزللمسلم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية على سبيل الولاء والانتماء بحيث يخسر جنسية دولته
الأم ولو آانت تدين باليهودية أو النصرانية يقول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود
والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين .
/ المائدة / ٥١

لا يجوز للمسلم أن يتجنس بجنسية دولة آافرة على سبيل الولاء والانتماء ولو آان ذلك لا يفقده جنسية
الأم
يقول الله تعالى " . لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في
./ شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذرآم الله نفسه وإلى الله المصير " سورة آل عمران / ٢٨
تلك هي آلمة الفصل جاء بها بيان الله عز وجل بوضوح تقتضي التحريم أصولاً . فتأمل بحس المؤمن
العارف بدينه ودعك من الأغراض الدنيوية فإنها زائلة مهما طال مكثها
نهاية تقبل بها وهيا بنا نقف على ما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع لنصل به إلى
العقول وتسكن إليها الفطرة السوية آذلك:

صلى ( عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الله عليه وسلم قال: " من تشبه بقوم فهو منهم " ( ١
بلافالرسول صلى الله عليه وسلم يبين لنا أن التشبه بقوم هكذا أياً آان اسمهم أو دينهم أو دين يعتبر
انخراطاً في مجتمعهم وانتماء إليهم .
ولا تخفى لهجة التحذير التي يومئ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: " من ادعى إلى غير
( أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة " ( ٢
جلدته واضح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن من انتمى إلى غير مواليه من أبناء وإتباع دينه
فالوعيد الشديد لعنة متتابعة إلى يوم القيامة وذلك الوعيد لا يصدر إلا في ذنب عظيم مما يدل على التحريم
القطعي لا الظني أو المحتمل إذا عرفنا آلمة الفصل في قضية الجنسية فالحكم واضح ، التجنس بجنسية
دولة غير مسلمة نصرانية أو يهودية حرام قطعاً على سبيل الموالاة والانتماء ولو بقي المجنس مسلماً
فيا أبناء الأمة الإسلامية أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم احذروا التجنس فإنه تخل واضح عن بلدآم
الأم يضعف ذلك الارتباط القائم بينكم وبينه آما يوهن صلتكم بأبناء أمتكم وينزع منكم انتماءآم، فهل تلك
ضرورة ملحة لأن تتخلى عن جنسيتك؟ لكن أقول إن ثمة أحوال يجوز فيها التجنس بجنسية دولة أخرى
على النحو التالي استثناء من قاعدة التحريم وهي :

الدعاة : إلى الإسلام يجوز لهم نيل أآثر من جنسية إلى جانب الجنسية الأصلية للداعية الإسلامي إن
آان ذلك يوسع في رقعة انتشار الإسلام .
.................................................. ......................................١
للسيوطي صفحة الجامع الصغير الجزء الثاني ٥١٠ الحديث ٨٥٩٣
٢
للسيوطي صفحةالجامع الصغير الجزء الثاني ٤٨٤ الحديث ٨٣٧١
٢- القائمون على تأسيس المراآز الإسلامية في الدول غير المسلمة بهدف دعم المسلمين في تلك البلدان
ونشر العلم بالدين.
٣-التجار ورجال الأعمال الذين تتطلب أعمالهم نيل الجنسية لأهداف سياسية واقتصادية تعود بالنفع على
بلدانهم على أن هؤلاء يجب عليهم البقاء على ولائهم لدينهم وأمتهم وذلك:
لأنظمتها بالمحافظة على شعائر الدين وممارسة العبادات والتواصل الدائم مع بلدانهم والخضوع وقوانينها
والتمسك بقيمها وعادتها النابعة من الشرع الحنيف . لابد أنك يا أخي المسلم علمت أن الموالاة أولاً
والجنسية أمر ثانوي بالنسبة للمسلم يصار إليه في الإطار الذي سبق بيانه .
تلك رؤيتي للقضية والمأمول أن أآون قد اقتربت من أسوار الحق والله أسأل أن يبصرنا جميعا بأحكام شرعه ويمنحنا العون والإمداد لنقرن المعرفة بالعمل والقول بالفعل ، فلا فائدة لمعرفة بلا عمل ولا
نفع لقول لا يتبعه فعل ذلك هو التوازن و الاعتدال الذي ينبغي السير على منواله وأي خروج عليه فوضى
وشقاء .