لغةُ الحضارة







ظنُّوا غُلُوّي بالتَسامُحِ ضَعْفا
وأنا المهنَّدُ إنْ تَجَرَّدَ أعْفى



أنا من (جريرٍ) قد رَوِيتُ و(جَرولٍ) *
وغرفْتُ من بحرِ (الفرزدقِ) غَرْفا



أنا من (لبيدٍ) قد نَهَلْتُ فمَوْرِدي
أغنى وأنْفَعُ للعِطاشِ وأصفا



ومن ( امْرؤِ القيس) اسْتَنَرْتُ فمِشْعلي
ما زالَ في كلِّ الحَوالكِ يُعْفى



أنا يَعْرُبيٌّ وانتمائي حُلَّةٌ
أزْهو بها مهما الزمانُ أسَفّا



قوْلي الصُراحُ وما لسوءِ طَوِيَّةٍ
أنْ يختفي ، مهما المموِّهُ أَضْفى



فإذا كَرِهْتُ فإنَّ كُرْهيَ واضِحٌ
وإذا وَدَدْتُ شَرِبْتَ وِدِّيَ صِرْفا



ما المَكرُ من شِيَمِ الرجالِ ..وإنَّ لي
من كلِّ ما يُرضي الرجولَةَ ضِعْفا



أُغضي عن الذلَلِ الكثيرِ وإنّ لي
لأشَدُّ من رَدَّ الجِماحَ وأكْفا



وأعُفُّ عن حقّي لأُرضي صاحبي
أوْ شانئي إنْ كان ذلك أوفى



نِعْمَ الحقوقُ بضاعةً يُشْرى بها
وِدُّ القلوبِ الحانقاتِ لتَشْفى


***
يا مَنْ أَصاخَ لــــكلِّ صوتٍ ناشزٍ
ظَنَّ التنكُّرَ للأصالةِ ظَرْفا



وهمُ الحداثةِ لن يُضَلِّلَ أمَّتي
عمّا يُمَوَّهُ بالحَديثِ ويُخفى



لُغةُ الحضارةِ يومَ سادتْ أُمَّتي
هذي الدُنا أنّى تُسامُ وتُجْفى؟



فإذا أضاعَ الطفلُ يوماً أمَّهُ
وأباه كان لذي المآربِ أهْفا



ماذا يَضُرُّ الشعرُ جذلاً واضحاً
سهلَ التناولِ للعُفات مُقفّى؟



أمْ أَنَّ رُوّادَ الحديثِ يخيفُهم
كشفُ الغطاءِ ؟ ومَنْ تَخوَّفَ أخفى




* هو الحطيئة .