درجت في بلادنا العربية فكرة ارسال المسنين من اباء وامهات وعمات وخالات الى دور المسنين. ومن يفعل ذلك يبحث عن مسوغات ليقنع نفسه بأن هذا هو الحل الامثل الذي يفيد المسن ويفيد من حوله من ابناء وبنات وزوجات وازواج. من هذه المسوغات ان المسن يجد في الدار كل المساعدة المطلوبة ويجد الهدوء ويجد النظافة والعناية على مدار الساعة. ويجد بعضا من رفاقه فيتسلى معهم ويمضي وقته في اللعب والحديث. ولكن يجب ان نذكر هنا ان دار المسنين تضع قيودا مهينة على حياة الكبار الذين تعودوا ان يكونوا سادة في حياتهم: ففي الدار عليهم ان يناموا في وقت معين وان يفيقوا في وقت معين. وهناك وقت معين للاكل ووقت معين للحمام ووقت معين للتنزه. فكيف يختلف ذلك عن السجن؟ وهذا الوضع يشكل ضغوطا رهيبة على المسن، ويشعره بالوحدة والوحشة، ويشعره بان ابناءه وبناته الذين انفق عمره في خدمتهم وتربيتهم ورعايتهم تخلوا عنه في ساعة الشدة ورموا به في بيئة غريبة باردة يقوم فيها على رعايته اشخاص يؤدون عملهم بأجر وينصرفون الى بيوتهم في آخر الدوام.
طبعا انا اتفهم ان ثمة حالات بالغة الصعوبة تستوجب ان يؤخذ فيها المسن الى الدار. ولكني اقول ان الدار يجب ان تكون استثتاء وليس قاعدة. الامر الطبيعي هو ان يبقى المسن بين ابنائه وبناته واحفاده في بيته. وله ان ينعم بالسعادة في العيش بينهم. فهذه هي ثمرة حياته كلها.
من مقال لي عن دور المسنين.